أكد وزير العدل الإسباني رافايل كاتالا اليوم (الإثنين) أن الدولة ستقوم «بكل ما يسمح به القانون» إذا أعلن الانفصاليون الكاتالونيون الاستقلال من جانب واحد، بعد الاستفتاء الذي منعته السلطات أمس، في حين أعلنت الحكومة أن أكثر من 844 شخصاً أصيب خلال الاستفتاء. وقال كاتالا للتلفزيون الإسباني الحكومي: «إذا إدعى أحد إعلان استقلال جزء من الأراضي عن إسبانيا، فيجب أن نقوم بكل ما يسمح به القانون حتى لا يتم الأمر بهذا الشكل». وكشفت حكومة إقليم كاتالونيا أن أكثر من 844 شخصاً «احتاجوا لعناية طبية» بعد تدخل شرطة مكافحة الشغب الإسبانية لمنع إجراء الاستفتاء، من دون أن يكون واضحاً عدد الذين غادروا المستشفيات والذين ما زالوا يتلقون العلاج. وأعلنت حكومة كاتالونيا اليوم أن 90 في المئة من الذين صوتوا في الاستفتاء اختاروا الانفصال، بينما رفض رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي النتيجة، معتبراً أن الاستفتاء لم يحصل. وندد رئيس الإقليم كارلس بيغديمونت بـ «عنف غير مبرر»، في حين قالت الحكومة الإسبانية أنه وسلطته المحلية يتحملان «لوحدهما مسؤولية» أحداث أمس، لأنهما وجها الدعوة إلى تنظيم هذا الاستفتاء، على رغم حظره من المحكمة الدستورية. وطالب بيغديمونت بوساطة دولية لحل الأزمة مع مدريد وبسحب كل قوات الأمن التي نشرتها السلطات الإسبانية في الإقليم، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى الانخراط بشكل مباشر في النزاع، قائلاً «نحن مواطنون أوروبيون ونعاني من انتهاكات لحقوقنا وحرياتنا». وقال في مؤتمر صحافي «من الضروري وجود طرف ثالث ويجب أن يكون دولياً ليكون فاعلاً»، مضيفاً أن حكومة كاتالونيا قررت «المطالبة بسحب كل قوات الشرطة التي نشرت في كاتالونيا بسبب هذا القمع». وأضاف أن إقليم كاتالونيا «كسب الحق بإعلان دولة مستقلة». وأوضح للصحافيين إن 73 من سكان كاتالونيا حتى الآن قدموا شكاوى رسمية ضد العنف الذي استخدمته الشرطة. مشيراً إلى أنه «أكبر يوم عنف مجاني شهدناه في السنوات الـ 40 الماضية. هذا الأمر يجب ألا يحصل مجدداً، ولا يمكن أن يبقى من دون عقاب». من جهتها، دعت المفوضية الأوروبية اليوم إسبانيا إلى فتح حوار مع كاتالونيا قائلة إن العنف ليس حلاً، لكنها دعت إلى الوحدة وعبرت عن ثقتها في إدارة راخوي للأحداث التي وصفتها بـ «الشأن الداخلي». وقال مارغاريتيس شيناس، الناطق باسم رئيس المفوضية جان كلود يونكر «ندعو كل الأطراف المعنية الآن إلى الانتقال سريعاً من المواجهة إلى الحوار». وأدلى الناطق بتصريحاته في إفادة صحافية عقب مشاهد العنف أثناء استفتاء الاستقلال. ودان أيضاً «الانقسام والتشرذم»، وقال إن يونكر سيتحدث مع راخوي اليوم. وامتنع شيناس عن التعليق عما إذا كان «العنف» الذي يدينه الاتحاد الأوروبي هو العنف الذي استخدمته الشرطة الإسبانية. ودعا إلى «الوحدة والاستقرار»، وأضاف «نثق في قيادة رئيس الوزراء ماريانو راخوي لإدارة هذه العملية السياسية في ظل الاحترام الكامل للدستور الإسباني والحقوق الأساسية التي يكفلها للمواطنين». وقرر نواب البرلمان الأوروبي اليوم تعديل جدول أعمالهم ليشمل نقاشاً يخصص للوضع في كاتالونيا، وسينظم النقاش الطارىء بعد ظهر الأربعاء المقبل في مقر البرلمان في ستراسبورغ، بحسب ما أعلن رئيس البرلمان انطونيو تاغاني بعد تصويت على المسألة أجري بعيد افتتاح الجلسة العامة. وباقتراح من الكتل الثلاث الأساسية في البرلمان (الاشتراكيون والليبراليون والمحافظون)، سيكون محور النقاش «الدستور ودولة القانون والحقوق الأساسية في إسبانيا في ضوء الأحداث الأخيرة في كاتالونيا». وحض رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك اليوم رئيس وزراء إسبانيا على تجنب «استخدام القوة مجدداً»، وقال توسك على «تويتر» إنه دعاه في اتصال هاتفي «إلى إيجاد وسائل تتجنب تصعيداً جديداً أو استخدام القوة مجدداً». وفي جنيف، دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين مدريد إلى التحقيق في كل أعمال العنف التي وقعت خلال الاستفتاء، معبراً عن قلقه الشديد إزاء الوضع. وقال في بيان «أشعر بقلق شديد حيال أعمال العنف في كاتالونيا أمس، وأحض السلطات الإسبانية على ضمان إجراء تحقيق مستقل ومعمق وحيادي في كل اعمال العنف». وأضاف «إن ردود الشرطة يجب أن تكون على الدوام متكافئة» مع ما تقتضيه الضرورة. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لراخوي «تمسكه بوحدة إسبانيا الدستورية»، بحسب ما أعلن قصر الإليزيه اليوم، وفي اتصال هاتفي أكد ماكرون أن «لديه محاور واحد فقط يتمثل بشخص راخوي» من دون التطرق إلى أعمال العنف التي قامت بها الشرطة. وتطرق ماكرون أيضاً مع راخوي إلى مقترحاته لإصلاح أوروبا، مشدداً على «أهمية حصول تعاون وثيق فرنسي - إسباني لإنجاحه». وفي تعليقه على الأحداث، دعا وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل اليوم إلى حوار عاجل بين كاتالونيا وإسبانيا، وقال إن هذا إجراء ضروري للحيلولة دون خروج الأمور عن السيطرة. وقال في بيان «الصور التي وصلتنا بالأمس من إسبانيا تظهر مدى أهمية وقف دوامة التصعيد». وحض غابرييل كلا الجانبين على «التزام الهدوء» والعمل باتجاه حل سياسي دائم يحترم سيادة القانون الذي وصفه بأنه أحد الركائز الأساسية التي توحد أعضاء الاتحاد الأوروبي. وكان للاستفتاء أثره الرياضي ايضاً، إذ خاض برشلونة مباراته في المرحلة السابعة من الدوري الإسباني لكرة القدم ضد لاس بالماس (3 - صفر) من دون جمهور، باعتبارها حركة اعتراضية منه. وكشف نجم كرة المضرب الإسباني رافايل نادال، المصنف أول عالمياً، أنه صدم وشعر برغبة في البكاء نتيجة ما حصل من أحداث في كاتالونيا وصدامات مع الشرطة. وقال «كانت لحظة حزينة، قلبي كان غارقاً بالحزن طوال اليوم». وأشار إلى أن «شعور متابعة ما حصل عن بعد من الصين مختلف»، متابعاً «أمضيت أجزاء كثيرة من حياتي في كاتالونيا، لحظات مهمة، ورؤية المجتمع يصل إلى هذا التطرف تفاجئني وتزعجني جداً».
مشاركة :