نشرت جريدة «الاتحاد» الإماراتية في 24- 9- 2017 مقالاً بعنوان «كيبيك والتعددية الثقافية» لجون جيمس، المحلل السياسي وفنان الرسوم الساخرة، بترجمة عدنان عضيمة. يعالج المقال التعصب العنصري والديني في مقاطعة كيبيك الكندية الفرنسية ضد المهاجرين الأجانب والمسلمين خاصة. ففي إحصاء صادر عن مركز الإحصاء الكندي عام 2017 ارتفعت معدلات المهاجرين وانخفض استعمال اللغة الفرنسية في إقليم كيبيك الناطق بالفرنسية والذي يعتبره الفرنسيون هناك «موطن الكنديين الفرنسيين». وتحدث عن محاولات الحزبين الرئيسيين اعتماد قانون حظر الحجاب في الدوائر الرسمية. وبثت قناة «سي بي سي» شريطاً وثائقياً عن «حزمة الذئب» (عُصبة، أو ورابطة)، المعادية للمهاجرين والمسلمين والتي تأسست عام 2015 ووصفتها بأنها أكبر جماعة يمينية متطرفة في الإقليم، وكندا كلها. معظم الغربيين يتّصفون بنزعة تعصبية عنصرية دينية ضد المهاجرين، الشرقيين والمسلمين. والروايات الكلاسيكية، الأدبية، والتاريخية، والمسرحيات، والرسوم التاريخية القديمة، والساخرة الحديثة... تعكس هذه النزعة المتأصلة في وجدان الغربيين، بشكل عام: من أشعار شاعر الاستعمار الأوروبي رديارد كبلنغ، وتزوير التاريخ العربي والإسلامي في كتاب «رحلات ماركو بولو»، إلى أفلام هوليوود. حضارتنا احتضنت الأقليات العرقية والدينية المضطهَدة عبر العصور: من أرمن وشركس وأكراد وألبانيين ويهود... ولم يعرف هؤلاء فوبيا الأقليات العرقية والدينية... أو الاضطهاد أو الإبادة الجماعية، كما فعل الإسبان في أميركا اللاتينية، والأوروبيون عند اكتشاف واستعمار أميركا الشمالية، والنازيون والفاشيون والصهيونيون... والبريطانيون في مستعمراتهم التي لم تكن تغرب عنها الشمس... والقائمة تطول. أطرح قضية تحيّرني كثيراً: اليوم تحتضن معظم الدول الأوروبية - المسيحية، المهاجرين واللاجئين عرباً ومسلمين وأفارقة وبوذيين وآيزيديين وسيخاً وهندوسيين... رغم احتجاج بل عواء واعتداء قطعان الذئاب اليمينية الأوروبية والأميركية المتعصبة، ورغم إرهاب الذئاب المنفردة والمنفلتة، أقصد عصابة داعش وأخواتها، وهذه الذئاب، للأسف الموجع، عرب ومسلمون! والسؤال الافتراضي الآن: لو كان موسم الهجرة من الشمال إلى الجنوب: من أوروبا مثلاً إلى منطقتنا العربية، لأسباب طارئة كارثية: مناخية مدمِّرة، حروب تقليدية شاملة، أو ذرية مجنونة، أوانهيارات اقتصادية كبرى كما في ثلاثينات القرن الماضي... هل كان العرب والمسلمون (اليوم) سيرحِّبون بالمهاجرين من الشمال، ويقدمون لهم المعونات الشاملة؟ ماذا عن مواقف الكثير من تياراتنا الدينية والطائفية والمذهبية المحتقنة عبر العصور من الغرب «المسيحي الكافر المستعمر»؟ ألن يكون لدينا «عصبة بل عصابات ذئاب «يمينية» ضد هؤلاء اللاجئين؟ ألن يكون هناك أحزاب متطرفة شعبوية تفتح ملفات الفروق الثقافية والعرقية، والأخلاقية والدينية، والعادات والتقاليد، والسلوك، وجرثومة الديموقراطية «الكافرة»، والعلمانية الملحدة إلخ... فالمسلمون والعرب (اليوم) غير الأمس!. أليس هناك دول «شقيقة»! تطالب بخروج أو إخراج اللاجئين السوريين من أراضيها لأعذار كثيرة، وتمارس ضدهم ألواناً من العنصرية؟ (للأسف في لبنان خاصة)! هل موسم الهجرة من الشمال إلى الجنوب محال؟ خيال هوليوودي؟ ألسنا في عالم تحكمه، سراً، حفنةٌ من المجانين؟ * شاعر وناقد سوري
مشاركة :