جدد سفير جمهورية العراق لدى البحرين احمد نايف الدليمي رفض بلاده الاستفتاء الذي اجرته حكومة اقليم كردستان العراق، مشددا على أن الاستفتاء خطوة غير دستورية ولا تملك الشرعية بإجماع عربي وإقليمي ودولي. وقال السفير الدليمي في حوار لـ«الايام» ان الحكومة المركزية مستعدة للحوار وحل أية خلافات ضمن إطار عراقي وطني، مستبعدا تماما لجوء بغداد للتصعيد في حال استمرت حكومة الاقليم في عزمها على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في نوفمبر القادم. ونفى السفير الدليمي ما اسمته حكومة الاقليم بالحصار، مؤكدا ان حكومته اتخذت اجراءات تنظيمية تخضع المطارات والمعابر داخل الاقليم لسلطة الدولة العراقية وفق الدستور ومنعا لحدوث عمليات التهريب، في حين سوف يتم استئناف الرحلات الخارجية فور اتمام هذه الخطوة، لافتا الى ان الرحلات الداخلية لم تتوقف مما يدحض مزاعم الحصار من قبل الاقليم. وعلى صعيد اخر اكد السفير رفض حكومته لاي تدخل عسكري تركي داخل الحدود العراقية ما لم يأت ضمن اتفاق وتنسيق امني وعسكري بين بغداد وانقرة. وثمن السفير الدليمي موقف الحكومة البحرينية الرافض للانفصال الكردي، معتبرا ان موقف البحرين الاصيل ليس بالامر الجديد باعتبار ان المملكة لطالما وقفت الى جانب العراق في حربه ضد الارهاب. وفيما يلي نص المقابلة: ] أعلن إقليم كردستان العراق عن عزمه اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في نوفمبر القادم، مما يشير الى ان حكومة الاقليم ماضية قدما بمشروعها الانفصالي عن العراق الام- السنا اليوم امام تهديد كبير لوحدة العراق؟ - الانفصال مرفوض تماما ليس فقط عراقيا، بل ايضا عربيا واقليما ودوليا، العالم كله يرفض نتائج الاستفتاء وهو استفتاء غير شرعي، ولو اخذنا المواقف الدولية نجد ان المجتمع الدولي اقر بعدم شرعية الاستفتاء ورفض نتائجه وتأييده لوحدة العراق، فالجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامى وبيان مجلس الامن وكذلك موقف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا وغيرها من الدول. ] ماذا عن الاتهامات بقيام بغداد بفرض حصار على الاقليم عبر اغلاق الاجواء امام كردستان مما ادى الى وجود حالات انسانية تحتاج السفر للخارج بصورة دائمة بقصد العلاج بالاضافة الى ان مطار اربيل كان يستقبل مساعدات الامم المتحدة المتوجهة الى سوريا؟ - لا يوجد حصار، وما اتخذته الحكومة الاتحادية هي اجراءات لتنظيم دخول وخروج الافراد والبضائع تحت اجهزة رقابة الحكومة الاتحادية لمنع عمليات التهريب كما هو الحال في كل محافظات العراق، كذلك الاجراءات تهدف الى فرض سلطة الحكومة الاتحادية في جميع مطارات كردستان كما نص عليه الدستور وكما هو معمول به في كافة مطارات العراق وحسب ما هو معمول به في جميع دول العالم ولا ننسى ان الرحلات الداخلية لم تتوقف، وبمجرد نقل السلطة في المطارات داخل الاقليم الى الحكومة الاتحادية سوف تستمر الرحلات الدولية، وهذا الامر لا يمثل عقوبة للمواطنين في الاقليم انما هو اجراء دستوري وقانوني اقره مجلس الوزراء لمصلحة المواطنين. ] دعنا ننتقل الى وجهات نظر حكومة كردستان التي ترى ان الانفصال جاء بعد ان وصل الحوار مع بغداد الى طريق مسدود، كذلك الاقليم يتهم الحكومة العراقية بانها حكومة«طائفية»، ما تعليقكم على هذه الاتهامات من جانب كردستان العراق؟ - الحكومة العراقية هي حكومة وطنية تمثل كافة اطياف الشعب العراقي، والاكراد هم شركاء فعليون في حكومة العراق وخير دليل على ذلك ان رئيس جمهورية العراق الرئيس محمد فؤاد معصوم هو عراقي كردي ونائب رئيس الوزراء هو عراقي كردي وهناك 6 وزراء في الحكومة العراقية هم العراقيون الاكراد، ولو انتقلنا الى السلطة التشريعية نجد ان هناك اكثر من 46 نائبا عراقيا في البرلمان هم من الاكراد، والنائب الاول لرئيس البرلمان العراقي هو عراقي كردي، وكذلك رؤساء اللجان في البرلمان العراقي هم من النواب العراقيين الاكراد، ناهيكم عن وكلاء وزارات ومستشارين في كافة مفاصل الدولة هم العراقيون الاكراد، وقائد القوة الجوية العراقية هو عراقي كردي، ورئيس اركان الجيش العراقي ابو بكر الزيباري- الذي احيل الى التقاعد مؤخرا ولا زال منصبه شاغرا- هو عراقي كردي، كذلك 17% من الموازنة الاتحادية هي موجهة الى الاقليم، فأين التمييز والطائفية؟ هذا على المستوى الرسمي، ولو اخذنا الجانب الاجتماعي والحياتي فالمواطنون الاكراد هم جزء اصيل من الشعب العراقي ولا نقبل بالمزايدة والتشكيك بارتباط الانسان العراقي الكردي بالعراق الام». ] هل تعتقدون ان اللاعبين الاساسيين في الاقليم اقدموا على هذه الخطوة من اجل الضغط على بغداد سعيا لتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي حول الشراكة في الحكم، وبالتالي الاستفتاء هو اقرب ان يكون رسالة سياسية من ان يكون خطوة قابلة للتحقق على ارض الواقع؟ - اذا كان هناك من يعتقد ان لديه بعض الاستحقاقات او المطالبات فهناك تفاوض وطاولة حوار وطني وليس الانفصال وتهديد وحدة العراق. ] هل يمكن ان نسميها سياسة لَي الأذرع؟ - لماذا نذهب لـ«لي الاذرع» وهناك طاولة حوار والحكومة المركزية في بغداد فاتحة ابوابها للحوار والتفاوض واذا كان هناك خلافات – كما تدعي حكومة كردستان- اذن فلنجلس على طاولة التفاوض وليس الانفصال، ثم لنكن واقعيين، العراق لا زال يخوض حربا ضد الارهاب وهناك معارك في غرب الانبار وباذن الله قوات الجيش والحشد العشائري والشعبي متوجهين لتحرير مدينة القائم، وبالتالي لا يمكن خلق مشاكل داخلية وعلى اساس غير دستوري في بلد يواجه حربا شرسة ضد الارهاب. ] هل رفض الانفصال هو مسألة توقيت سيئ؟ - بالطبع لا، المسألة لا تتعلق برفض الانفصال حاليا وقبوله لاحقا، الاستفتاء والانفصال مرفوض تماما، وواجبنا كعراقيين ان نحمي وحدة العراق، ثم ان الانفصال ليس في صالح العراقيين الاكراد فهذا هدم للوحدة الوطنية العراقية وتفتيت لوطن عراقي موحد الكردي جزء اصيل منه. ] بعد اعلان حكومة كردستان عزمها اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية الشهر القادم، هل سوف تلجأ بغداد لخطوات تصعيدية اخرى؟ -الحكومة العراقية متمسكة باحترام الدستور، وحل الامور عبر طاولة الحوار وبشكل عقلاني، لقد كان العراقيون الاكراد شركاء اساسيين في صياغة الدستور، وقد دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي لعدم التصعيد والتهدئة وحل الامور بشكل عقلاني. * هل ستسمح بغداد اليوم بأي تحرك عسكري تركي داخل حدود العراق بحجة رفض الانفصال اذا اخذنا في الاعتبار ان تركيا تدخلت قبل ذلك في عملية عسكرية محدودة في بعشيقة التي شكلت حينها بؤرة صراع عراقي- تركي؟ - دعينا نوضح هذه النقطة، عندما حدث تدخل تركي بالقرب من معسكر بعشيقة لم يكن التدخل التركي مرفوض عراقيا فحسب، بل ايضا الجامعة العربية التي رفضت المساس بالسيادة العراقية، وبالطبع الحكومة العراقية ترفض المساس او التدخل بحدودها الا في حال كان هناك تنسيق امني وتبادل الخبرات بين العراق وتركيا مثل اجراء مناورات عسكرية، اما تدخل بدون تنسيق مع حكومة العراق ضمن اتفاق واضح فهذا مرفوض جملة وتفصيلا. - هناك جهود دبلوماسية كوساطات، ما الموقف الحكومي من هذه الوساطات؟ - موقف الحكومة العراقية واضح حيال رفض الانفصال، وهذا الرفض قائم على اسس دستورية وقانونية ووطنية والحكومة العراقية ترحب بالحوار وحل المشاكل بهدوء دون تصعيد، نعم لقد لجأ الاخوة في الاقليم لاطلاق بعض التهديدات رغم ان جميع ما قام به الاقليم ليس دستوريا ولا قانونيا، الا اننا نرى اهمية التهدئة وعدم التصعيد ودائما هناك حلول يخلقها الحوار وليس التصعيد. ] هل تعتقدون ان هناك اطرافا اقليمية شجعت الاكراد على هذه الخطوة في هذه المرحلة ام انه المشروع الكردي القديم بإقامة الدولة الكردية؟ - نحن لا نتهم اطراف بتشجيع الاقليم على هذه الخطوة، لكن كان هناك موقفا مؤيدا للانفصال من قبل اسرائيل قبل ايام واعتقد انها تراجعت عنه، لكن العالم يرفض هذه الخطوة. ] هل يمكن وصف خطوة الانفصال بالهروب الكردي من الواقع في ظل مشاكل داخل الاقليم بين الاكراد انفسهم؟ - لا يخفى على احد ان اليوم هناك اكثر من حزب واكثر من توجه بين الاكراد، فممكن ان يكون هناك هروب من مشكلة داخل الاقليم. ] حذرت العشائر العربية من الاستفتاء والانفصال الكردي، في المقابل كان هناك بعض العشائر ايدت الانفصال او ربما ابدت التأييد للضغط على الحكومة المركزية بحجة الاستقرار الامني والاقتصادي داخل الاقليم، الا يضع هذا شيء من التحدي امام الحكومة العراقية؟ - لنكن اكثر دقة، جميع العشائر العربية ترفض الانفصال، وحتى داخل الجسم الكردي هناك اختلاف كبير حيال الانفصال، قد يكون هناك بعض الاشخاص الذين لديهم وجهات نظر حيال هذه الخطوة لكن لا يمكن ان نعتبره موقف عشائر باكملها. لا يوجد عشيرة عربية او كل العراقيين يقبلون تفتيت العراق، التركز السكاني لاخوتنا الاكراد في السليمانية واربيل لكن هناك مناطق وان يوجد فيها بعض العراقيين الاكراد لكن هذا لا يعني ان سكانها العرب يقبلون الانضمام للاقليم، نريد ان نحافظ على سيادة كل الدول العربية ووحدتها. ] دعني اطرح هذا التساؤل، عندما تحرك الاكراد على اساس قومي اعتبرنا تحركهم تفتيت للدولة العراقية علما ان البشمركة قاتلوا بشراسة ضد «داعش» وقدموا ابناءهم فداء للعراق، في حين يتم الصمت عن تشكيل ميلشيات على اساس طائفي؟ أليس السلاح الطائفي يهدد ويفتت العراق ايضا؟ الا يوجد اليوم احساس عام بعدم احتواء الدولة لكافة العراقيين كدولة وطنية جامعة؟ - وهل البشمركة ليسوا تابعين للدولة العراقية؟ هل انكرنا عليهم تبعيتهم وولاءهم للعراق؟ دعيني اعطي مثالا، في محافظة الانبار التي انتمي اليها- قام الجيش والشرطة العراقية والحشد الشعبي والحشد العشائري بقتال داعش داخل الانبار، لكن هل يعقل ان كل فصيل او اثنية سيدافع عن منطقة في العراق سيعلن انفصالها عن العراق؟ اليوم تحرير العراق والحفاظ على العراق هو مسؤولية الجميع بمنأى عن طائفته او اثنيته، وخير شاهد عندما حاولت عناصر من «داعش» التعرض لمدينة الرمادي تصدت لهم العشائر والحشد الشعبي والجيش والشرطة حتى الاهالي جميعهم تصدوا لداعش. اليوم توجه الحكومة العراقية ورئيس الوزراء حيدر العبادي ان يكون السلاح بيد الدولة وان تكون كافة الفصائل تحت امرة الحكومة العراقية، نحن جميعا متفقون على وحدة وسيادة العراق وصيانة جميع اطيافه هي مسؤولية كل عراقي، هذا لا يلغي ان هناك خلافا هنا او هناك يمكن تجاوزها عبر طاولة الحوار وليس عبر استهداف العراق ووحدته. ] الا تعتقدون ان الاقليم اختار توقيت الاستفتاء في سبتمبر 2017 قبل الانتخابات العراقية جاء بهدف فرض واقع جديد وهو عراق بدون اصوات اكراد؟ -الاكراد انفسهم مع وحدة وسيادة العراق، اما خطوة الاستفتاء فهي غير دستورية وهذا امرا لن يتغير، نعم هناك مواد دستورية قد يتم التوافق حولها عبر الحوار ولكن ليس الانفصال وستبقى كردستان تحت مظلة العراق. ] كان هناك موقف بحريني واضح ازاء الانفصال عبر عنه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة وهو رفض الانفصال الذي اعتبره ليس في صالح العراق والمنطقة- ما تعليقكم؟ - هذا ليس بالامر الجديد على البحرين التي لطالما ربطنا بها علاقات تاريخية عريقة، ونثمن للبحرين موقفها العربي الاصيل المساند للعراق ووحدته وهي ليست المرة الاولى التي تقف البحرين لجانب العراق، فقد وقفت معنا في حربنا ضد الارهاب وعقدت الكثير من المؤتمرات لمكافحة الارهاب وتجفيف منابع تمويله وكذلك اليوم البحرين ترفض المساس بوحدة وسيادة العراق وهذا موقف متفق عليه عربيا وخليجيا ودوليا. ] اذا قولنا ان خطوة الانفصال ستفشل لا محالة امام الرفض العراقي والعربي والخليجي والاقليمي والدولي، لكن هل ستؤثر مستقبلا على علاقة العربي بالكردي داخل البيت العراقي؟ - اعتقد ان المسألة كلها تأتي في سياق محاولة الضغط، لكن في السياق الاجتماعي والحياتي لن تؤثر، التركيبة العراقية وان كانت معقدة فهي معقدة ايجابيا وهناك تشابك كبير في النسيج الاجتماعي للعراقيين على اختلاف اصولهم وطوائفهم.
مشاركة :