أثارت حادثة التحرش الجنسي بفتاة تونسية في احدى القطارات بالعاصمة موجة من الهلع والاستياء، وصيحات استنكار عديدة من طرف مكونات منظمات المجتمع المدني. واعتبر مراقبون ان حالات التحرش الجنسي بالتونسيات في ازدياد كبير في السنوات الاخيرة جراء غياب قانون صارم يعاقب الجاني. وطالب محامون بسن قوانين ردعية تجرم الجناة في حالة ارتكابهم التحرش الجنسي بما في ذلك حالات الاعتداء اللفظي والمعنوي على الضحايا. تعرضت شابة تونسية تدعى نسرين الى عملية تحرش جنسي عندما كانت على متن قطار الضاحية الجنوبية للعاصمة في وضح النهار. ونشرت الفتاة مقطع فيديو تحدثت فيه عن حادثة التحرش التي تعرضت لها بقطار الاحواز والتي وصفتها بـ"المقززة"، و ذكرت ان احد الركاب تعمد الجلوس في المقعد المقابل لها في القطار وفتح سرواله وأخذ يقوم بحركات غير أخلاقية أمام الركاب دون تدخل أي شخص، وعند وقوفها أمام الباب للنزول من القطار لحق بها ووقف خلفها وواصل في نفس الحركة غير الاخلاقية، وعند نزولها من القطار قام بدفعها ثم لحق بها. وتمكنت من الهروب ولجأت الى مركز الشرطة الموجود في المحطة لكنها لم تجد سوى اللامبالاة من طرف رجال الامن. يجرّم القانون التونسي التحرّش الجنسي، ويجعل تعريفه واسعًا بأنه "كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته". كما يُعاقب على الجريمة بالسجن لمدة سنة وتضاعف العقوبة إن كانت الضحية طفلًا أو شخصًا يعاني من قصور ذهني أو جسدي". والتتبّع القانوني لا يجري إلا بناء على شكاية من المتضررة. واثبات الجريمة على المتحرّش يبقى صعبا ومستعصيا في كثير من الاحوال. وكتب الباحث الجامعي التونسي سامي براهم تدوينة على صفحته على فيسبوك قال فيها "يمثل أسطول النّقل العمومي القديم والمتهالك الذي يفرض على الرّاكبين أن يكونوا في وضع غير مريح وما يتربط به من اكتظاظ وازدحام وتلاحم ارضية خصبة للتحرّش خاصّة في أوقات الذروة، فماذا فعلت الدولة امام ذلك؟ ألا يدعو ذلك إلى استعادة ما كان عليه الأمر منذ عقود من تخصيص حافلات خاصّة على الأقلّ للتلميذات والطالبات في أوقات الازدحام". وذكر المحلل السياسي والإعلامي عادل السمعلي في تدوينة له على تويتر "التحرش الجنسي ناتج عن تأخر سن الزواج والفقر والتهميش وارتفاع نسبة البطالة، وهو نتيجة حتمية لفشل السياسة التنموية ولاستفحال المحسوبية والفساد في الدولة". وشدّد السمعلي على أنه "يفضّل سنّ قانون يردع الرشوة والفساد، عوضاً عن مشروع قانون لمعاقبة المتحرشين جنسياً لا نه لين يتم تنفيذه على الوجه الاكمل". وتساءل الإعلامي التونسي "لماذا تواصلون استبلاه الشعب، خاصة وأنّ الجميع يعرف أنّ المتحرّش يكون عادة من الأغنياء ومديري الشركات، وأصحاب المال والنفوذ والأرستقراطيين". وتنتشر في تونس عبارة التبزنيس وهي مرادفة للتحرش ومضايقة الفتيات. ويثير مشروع قانون التحرش بالنساء في تونس موجة كبيرة من الجدل والاراء المتباينة والمتراوحة بين الاعجاب والاستحسان والسخرية والامتعاض على صفحات التواصل الاجتماعي لاسيما تويتر. واثار مشروع قانون حول القضاء على العنف بكافة اشكاله والمسلط على المراة، جدلاً واسعاً في تونس، واعتبره البعض انه يضيق الخناق على الرجل ويوفر مساحة أوسع للمرأة حتى تفعل ما تريد، في حين رأى البعض الاخر انه ينتصر للمرأة التي تتعرض للعنف والاضطهاد سواء في الفضاءات العامة أو حتى داخل البيوت. وتضمن مشروع القانون الجديد العديد من الفصول على غرار التصدي للتمييز ضد المرأة في العمل والاجر وزجر التغرير بالقاصرات وتشديد العقوبة في جرائم الاغتصاب الا ان اهتمام عموم الناس به انصب على عقوبة التحرش في الاماكن العمومية. وشدّد مشروع القانون العقاب بالسجن مدة سنة وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار لمرتكب التحرش الجنسي، وهو من بين الفصول الجديدة فيه. واقترح مشروع القانون تخطئة كل من يتعمد التمييز في الأجر عن عمل متساوي القيمة على أساس الجنس، ومضاعفة العقوبة في صورة العود والمحاولة موجبة للعقاب (وفق الفصل 17). واقترح مشروع القانون عقاباً بالسجن لمدة عام، ضد كل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تنال من كرامتها أو تخدش حياءها. واستغرب رواد مواقع التواصل مشروع القانون الجديد الذي ينص على سجن كل من يقوم بالتحرش بفتاة في الطريق العام. وقال بعضهم بنبرة فيها الكثير من السخرية والاستهزاء "نظرة او ابتسامة او اشارة او كلمة غزل قد تقودك الى السجن". ولم يستبعد البعض الاخر ان تقوم فتاة بتوريط شاب والزج به في السجن بتهمة التحرش بها في حين ان ذلك تم بدافع تصفية حسابات بينهما او لانه فقط قد قطع علاقته به وتزوج غيرها على سبيل المثال.
مشاركة :