سبق أن كتبتُ وغيري عن واقع قطاع المقاولات في المملكة، الذي يعيش ويترعرع في حالة من الفوضى، مع وجود 115 ألف سجل تجاري لشركات ومؤسسات في قطاع المقاولات بالمملكة، حتى نهاية عام 2013 منها 3052 فقط حاصلة على شهادة تصنيف (أي 3 % فقط) ومعظمها يعمل بشكل مخالف للأنظمة، وذلك تحت مظلة التستر، بينما هناك ما يشبه الاحتكار للمشاريع الكبيرة من قبل اربع أو خمس شركات. ومن الأمور المستغربة أن شركات المقاولات الكبرى في المملكة، رغم ضخامة أنشطتها، لم تتحول إلى مساهمة، وقد يكون أحد أسباب ذلك الفوضى في البيئة التي تحكم عمل هذا القطاع، كما أنه من الملاحظ أن هناك شركات مساهمة شبه حكومية في قطاعات البنوك والاتصالات والبتروكيماويات والتأمين، وفي كافة القطاعات الاستثمارية الرئيسية، باستثناء قطاع المقاولات، رغم كبر سوق المقاولات في المملكة، وما يتم تنفيذه من مشاريع بمئات المليارات كل عام، ومن المؤكد أن المملكة في صدارة دول العالم من حيث حجم المشاريع الحكومية. ولتطوير هذا القطاع أرى من الضروري قيام الحكومة عبر أذرعتها الاستثمارية، بتأسيس أكثر من شركة مساهمة في قطاع المقاولات، وطرح ما لايقل عن 50 % من أسهمها للاكتتاب العام حتى تتم استفادة قاعدة كبيرة من المواطنين، من هذه الطفرة التي تعيشها المملكة، ويمكن أن تكون ارامكو ايضا شريكة مع صندوق الاستثمارات العامة للقيام بهذه الخطوة المنتظرة. والذي جعلني أعيد طرح هذه المطالب هو الشعور بالتفاؤل بأن هناك رغبة في تطوير القطاع، وقد صدر هذا الأسبوع قرار إيجابي مهم في هذا السياق تمثل في موافقة مجلس الوزراء الموقر على عدد من الإجراءات التي تفتح المجال للشركات الأجنبية المعروفة للعمل في المملكة دون حاجة إلى إخضاعها للإجراءات المعمول بها في وكالة تصنيف المقاولين، بحيث تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لوضع قائمة تحدّث دورياً بالشركات العالمية المعروفة المراد التعامل معها في عدد من المجالات ذات الصلة بأعمال الإنشاءات والبنية التحتية والطاقة وتقنية المعلومات والصيانة والتشغيل، وهي في الغالب ستكون الشركات الحاصلة على الدرجة الأعلى في تصنيفها في الدول المتقدمة والمتميزة في كل مجال، وسيكون تسهيل حصولها على المشاريع - إن تم تنفيذ القرار بشكل فعال – خطوة نحو تشجيع المنافسة والشفافية، والحد من احتكار معظم المشاريع الضخمة من قبل عدد محدود من الشركات ذات النفوذ الكبير.
مشاركة :