لم تمض سوى أيام قليلة على إعلان هيئة تحرير الشام، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تعيين أبو محمد الجولاني قائدا عاما للهيئة، حتى أعلنت موسكو أنها أصابته بضربة جوية في سوريا نفذتها طائرات من طراز سوخوي 34 و35 ، أدت أيضا إلى مقتل 12 قياديا ميدانيا للنصرة بينهم مساعد مقرب للجولاني وقائد الجهاز الأمني بالجماعة، قتلوا ومعهم نحو 50 حارسا في نفس الضربة الجوية. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف، إن الضربة الجوية تأتي في إطار عملية جارية لتدمير المتشددين الذين شنوا هجوما يوم 18 سبتمبر/ أيلول حاصروا خلاله 29 من أفراد الشرطة العسكرية الروسية في منطقة خفض التوتر في محافظة أدلب، جرى تحريرهم في عملية مدعومة بغطاء جوي. وأضاف في بيان، على إثر هذه الضربة، أصيب قائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني بجروح خطيرة وعديدة وبترت ذراعه، وهو في حال حرجة. وبعد ساعات على هذا الإعلان بادرت هيئة تحرير الشام بنفي إصابة قائدها أبو محمد الجولاني بضربة جوية روسية وقالت إنه “بصحة جيدة ويمارس مهامه بشكل كامل”، وهو الأمر الذي يعتبره البعض نوعا من كسب الوقت لحين ترتيب الأوضاع الداخلية للهيئة، بل من المتوقع أن تصدر الهيئة تسجيلا صوتيا أو مرئىا للجولاني للتاكيد على عدم إصابته. وفي حالة صدق الرواية الروسية، فإن كيان هيئة تحرير الشام قد يتهدد بعد وفاة أو عجز قائده عن ممارسة أعماله، لا سيما وأن هناك عدد من قادة التنظيم قيل أنهم قتلوا في نفس القصف الجوي. والمتابع للمشهد في الآونة الأخيرة يجد أن هناك مؤشرات لوجود صراع على السلطة داخل الهيئة التي تسيطر على معظم مناطق محافظة إدلب، وجاء تعيين الجولاني الذي كان يشغل منصب وزير الحرب- المسؤول العسكري- في الهيئة ليشغل منصب الرئيس عقب تقديم هاشم الشيخ، المعروف باسم أبو جابر الشيخ، استقالته كقائد عام للهيئة، وتكليف نائبه أبو محمد الجولاني بتسيير أمور الهيئة في الوقت الراهن. وجاء اختيار الجولاني لما يتمتع به داخل التنظيم من مكانة كبيرة، لأنه كان في السابق زعيم جبهة النصرة ومن بعده زعيم جبهة فتح الشام قبل أن تتحول إلى هيئة تحرير الشام التي ضمت بداخلها العديد من الفصائل الأخرى. ويرى مراقبون، أن هناك ثمة صراع خفي على السلطة داخل الهيئة وأن قادتها يحاولون تنظيم صفوفهم واستعادة سيطرة فتح الشام في المنطقة. ومن ثم لم يكن من المصلحة الاستغناء الكامل عن أبو جابر الشيخ، بعد تركه منصب زعيم الهيئة، لما يتمتع به من نفوذ في التنظيم وتم اختياره ليصبح رئيسا لمجلس شورى الهيئة. وبالنظر إلى ما ذكرته القوات التي تقودها موسكو، عن أنها تمكنت من القيام بهذه العملية، من خلال استخدام معلومات حصلت عليها الاستخبارات العسكرية الروسية، فإن الأمر يدلل على وجود اختراق داخل هذا الكيان وتصاعد درجة الخلاف فيه إلى حد التخلص من قادته.
مشاركة :