عبد اللطيف الزبيدي هل أفلحت التربية الوطنية في تنشئة أجيال العالم العربي؟ من قال قد أفلحت، فهو حتماً حسن الظن. لدى العرب مناهج تربية وطنية، ولكنها هلاميات نصائح وتلقين لا تفيد الشعوب ولا الأوطان. من أراد البرهان فليغترف من بحر الأوضاع.الانتقال من تربية القول إلى تربية الفعل أمر عسير. ما دار ويدور في جلّ البلدان العربية، أكبر دليل على أن حب الأوطان، أرشيفات مواعظ علاها غبار الإهمال في الرؤوس. المدارس العربية لم تتعلم أنها أساس القوة العاملة الفاعلة في الحياة العامة، بالتالي يجب أن تكون حركة المجتمع هي الحبل السرّي للمناهج. عندما تكون التربية والتعليم منفصلين عن المسيرة الاجتماعية، يصبح المتخرجون أشتاتاً تبحث عن سدّ فراغات، وهذا يفضي إلى زحام فرص وصراع بقاء، لا إلى عمل فريق منسجم فيه تنافس نزيه.عندما يصاب العالم العربي بالتفكك، يسارع النظام العربي إلى إلقاء الكرة في الملاعب الخارجية و«شراذم المأجورين» في الداخل. قد يكون في ذلك جزء من الصحة والحقيقة، يبقى السؤال: وأين مناعة الشعوب؟ هل يُعقل أن ينهار الجسم السليم فجأة في حين أن تغذيته متوازنة، ورياضته منتظمة، وسلوكه الذهني على ما يرام؟ هنا جوهر المبحث الذي يكشف من أين يجب البدء.التربية الوطنية كانت في بعض البلدان تعني تربية الحزب الحاكم، وهي تربية مفعمة بالسخرية، لأن التلميذ يسمع أشياء في المدرسة، ويرسب في الامتحان إذا لم يحفظها كالببغاء، بينما يفاجأ بسماع نقيضها من والديه بعد اطمئنانهما إلى أن آذان الحيطان بها وقر. هل ينبغي له تكذيب أمه وأبيه وتصديق المعلم؟ إطار التربية الوطنية السليمة، هو الوطن السليم. هذا أوّلاً. بعد ذلك يرى القلم أن جميع مواد الدراسة تربية وطنية. من جدول الضرب إلى فيزياء الكوانتوم، من مبادئ العلوم الطبيعية إلى الكيمياء الحيوية، من: «بابٌ بقرٌ» إلى «رسالة الغفران»، من لوحة المفاتيح إلى أعقد برمجة معلوماتية إلى صناعة معالجات البيانات وغيرها، كلها تربية وطنية. بلغة صوفية: الوطن هو أنت. أنت أساسه وبنيانه الشامخ ومنعته. كما تكن يكن الوطن. التربية الوطنية التي سادت آلاف المدارس العربية، ليست سوى كوميديا فاشلة في إعطاء صور تبعث على التفاؤل بالمستقبل. حين يتسلم الطالب شهادة التخرج، يرى مشاهد الأوطان التي أهدتها إليه التربية الوطنية.لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: التربية مشتقة من ثلاثي ربا أي زاد ونما، بينما طلاب العرب يرون فعلي نقص وذوى. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :