«كن صديقي» تعيد «ملك بافاريا» إلى القرن الماضي

  • 10/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن الخيار الأول، ولا حتى الثاني، ولكنه كان الوحيد المتفرغ من المدربين الكبار، حضر بتاريخه ومكانته، والتزم بما يعرفه في عالم التدريب، لكنه لم يعلم أن القاعدة الأولى والأهم عند إدارة ملك بافاريا الحالية هي أن «تكون صديقي» حتى تستمر في تدريب الفريق، لا يهم ما يمكن أن تقدمه، ولا قدراتك، ولكن عليك أن تكون مقرباً لأولي هونيس وكارل هاينز رومنيغيه، ومطيعاً لهذا الثنائي حتى تستمر في منصبك، بل إن إصرار الثاني على التمسك بهذه القاعدة أعاد الفريق بالفعل إلى القرن الماضي. هذا ما اكتشفه الإيطالي كارلو أنشيلوتي متأخراً جداً، بعد أن أقيل بعد أسابيع من بداية الموسم، في واقعة هي الأولى في تاريخه التدريبي الطويل الذي عرف حصوله على لقب الدوري في بلاده، وفي إنجلترا، وحصده لقب الأبطال ثلاث مرات مع ناديين مختلفين. إقالة أنشيلوتي محاولة من إدارة بايرن ميونيخ للتستر على الانفلات الذي يعيشه النادي، والتراجع في الطموح، بعد أن حمل الرجل مسؤولية إخفاق لاعبين «غادروا سن العطاء»، وتعامل مع قائمة لم ترض حتى النجم الأول للفريق البولندي روبرت ليفاندوفسكي الذي أطلق الصيحة التحذيرية الكبرى في تاريخ بايرن الحديث، عندما أكد أن ناديه يفتقد إلى الطموح. تصريح ليفاندوفسكي كشف عن حقيقة ماثلة في النادي البافاري وهي تراجع الفريق منذ وقت طويل في السعي إلى النجوم الكبار، من خارج الدوري الألماني، بل اكتفى البايرن بزيادة سيطرته على البطولة المحلية بخطفه نجوم الأندية المنافسة. قاعدة على الرغم من أن البايرن يعد من أكبر الفرق ليس على مستوى القارة العجوز فقط، بل على مستوى العالم، إلا أن قاعدة «الصداقة» ظلت تسيطر على الفريق، خلال فترة سيطرة الثنائي هونيس ورومنيغيه، حيث يتحتم على المدير الفني للنادي البافاري، أن يكون صديقاً للثنائي، أو حتى أن يكون بمثابة الدمية في أياديهم يحركونها كما يريدون، يختارون من يبقى ومن يغادر، ومن يدخل إلى الملعب، ومن يبقى خارجه، بغض النظر عن جاهزية اللاعب، أو عدمها. تعودت إدارة بايرن على أن تقدم كل الطلبات، بل وأكثر مما يطلبه المدرب متى ما كان على علاقة شخصية مميزة مع الإدارة، أو سعت مختارة إلى التعاقد معه، ولكن عندما تجبر على التعاقد مع مدرب، أو حتى تضرب الخلافات بينهما، فإن النتيجة تكون الترصد، والتضييق، واستخدام مخالب أخرى داخل الفريق، لإبعاد المدرب كما حدث سابقاً مع لويس فان غال الذي قاد الفريق إلى نهائي الأبطال، ليجد نفسه مقالاً في نهاية الموسم، بعد أن اشتدت الخلافات بينه وبين هونيس ورومنيغيه، وكان المبرر حينها أنه فشل في الحصول على لقب دوري الأبطال، ولم يكن هذا المبرر موجوداً عندما سعت إدارة البايرن بكامل قدراتها من أجل تمديد عقد الإسباني بيب غوارديولا الذي لم يوفق مع الفريق في دوري الأبطال ثلاثة مواسم متتالية، وفضل في النهاية الرحيل، رغم تمسك هونيس ورومنيغيه به، لأنه كان خيارهما الأول بعد أن غادر برشلونة، إلا أن المدرب الإسباني فضل الانتقال إلى مان سيتي الفريق الطموح الراغب في تغيير خارطة الكرة الأوروبية، بدلاً عن انتظار إدارة بايرن التي صارت تركز بشكل كامل على التعاقد مع لاعبين من الدوري الألماني، وفي الوقت نفسه أبعد غوارديولا نفسه عن الانتقادات اليومية من قيصر الكرة الألمانية فرانز بيكنباور المعترض على أسلوب غوارديولا، وقال المدرب الإسباني حينها مقولته الشهير: هذا أسلوبي، وتعاقدتم معي وأنتم تعلمون ذلك، وإذا كان القيصر غير مقتنع بما أقوم به فعليه النزول إلى أرض الملعب. 458 يوماً هي الفترة التي قضاها أنشيلوتي في تدريب بايرن ميونيخ قبل أن تتم إقالته، ليعيد البايرن ذكرى ما حدث مع المجري جيولا لورانت الذي أقيل من تدريب بايرن ميونيخ بعد 454 يوماً، وذلك في الثامن والعشرين من فبراير 1979، ومنذ ذلك الوقت لم يعرف بايرن حالة مماثلة إلى فترة أنشيلوتي، وتبدو مرحلة يورغن كلينسمان استثنائية، حيث قضى موسماً مع الفريق، لكنه لم يستطيع تحمل التدخل المستمر في عمله، فغادر مع نهاية الموسم، مثله والإيطالي جيوفاني ترباتوني الذي غادر البايرن سريعاً، قبل أن تعترف إدارة النادي البافاري بخطئها، وتعيده بعد ذلك. رفض تعود البايرن على منح مدربيه فترة زمنية تتجاوز الموسمين على الأقل، لكنه كان حريصاً جداً على إقالة أنشيلوتي الذي رفض توجيهات رومنيغيه وهونيس بضرورة مشاركة ربييري وروبين ومولر في جميع المباريات، حسبما كشفت مصادر إعلامية ألمانية، بل وتقرر حسب المصدر نفسه إقالة أنشيلوتي بعد تصريحه الشهير، بأن مولر لا يضمن مكاناً في تشكيلة الفريق، وأن الخسارة أمام سان جيرمان كانت بمثابة العذر المنتظر من إدارة البايرن التي ساعدت لاعبي الفريق على التمرد على مدربهم، وهي تسمح لخمسة من اللاعبين، وتحديداً مولر وروبين وربييري، ماتس هوميلس وجيروم بواتينغ بإجراء تدريبات خاصة من غير علم المدرب الذي كان آخر من يعلم بأن لاعبيه يتدربون وحدهم ويطبقون ما يريدون من أفكار، وأن إدارة بايرن تدعم هذا الاتجاه. تراجع توقف بايرن عن مصارعة الكبار من أجل التعاقد مع أفضل النجوم، بل وبات نجوم الفريق يفكرون في الرحيل كما فعل كروس، وما ينوى أن يفعله ليفاندوفسكي، باللحاق بزميله السابق إلى ريال مدريد، تعاقد بايرن مع الكولومبي خاميس رودريغيز، من أجل أهداف تسويقيه فقط، فشل البايرن في الحصول على خدمات أكثر من لاعب مميز، بعد أن رفضت إدارة النادي أن تلبي طلبات السوق الحالية، وبالمقابل واصلت في سياسة انتزاع المواهب المحلية، مركزة على البقاء في قمة البطولة المحلية، ولكن هؤلاء القادمون من مختلف أنحاء البوندسليغا القدرة على منح البايرن لقباً أوروبياً. لم يوفق غوارديولا خلال فترته مع بايرن ميونيخ في حصد لقب أوروبي، لكن إدارة بايرن التي كانت حريصة جداً على استمراره، وهي اليوم أحرص على أخذ موافقة المدرب الإسباني، على من يجب أن يخلف أنشيلوتي، مبررة ذلك بأن أسلوب غوارديولا «منطبع» في أذهان اللاعبين، وهو الأسلوب نفسه الذي احتجت عليه إدارة بايرن من قبل. هذا هو الفرق في التعامل الذي تنتهجه إدارة بايرن، بين المدرب الذي ترغب في التعاقد معه، وسعت إليه، وبين من أجبرت على التعامل معه.

مشاركة :