شهدت أزمة صادرات الطماطم التركية إلى روسيا تحركاً «طفيفاً» مع إعلان نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش، أن وزارة الزراعة في بلاده طلبت إذناً لاستيراد 50 ألف طن من الطماطم التركية خارج موسم الحصاد في البلاد.ونقلت وسائل الإعلام التركية عن دفوركوفيتش قوله في كلمة خلال مشاركته بمعرض أسبوع الطاقة الروسية، أمس (الأربعاء)، أن وزارة الزراعة اقترحت استيراد 50 ألف طن من الطماطم التركية سنوياً، على أن يكون هذا الاستيراد خارج موسم حصاد الطماطم في روسيا.وأفاد وزير الزراعة الروسي ألكسندر تكاتشيف، في وقت سابق، بأن روسيا ستفتح أسواقها للطماطم التركية، لكن بكميات محدودة.ورغم تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا عقب التوتر على خلفية إسقاط قاذفة روسية عل الحدود التركية السورية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، فإن موسكو لا تزال تفرض قيوداً على استيراد الطماطم من تركيا.وأدى استمرار الحظر الروسي على الصادرات الزراعية التركية، لا سيما الطماطم، إلى إلحاق خسائر كبيرة بالمزارعين في منطقة شمال شرقي البحر المتوسط التي تنتج غالبية محصول تركيا من الطماطم.وقال منير شن، رئيس جمعية وسطاء الفاكهة والخضراوات في محافظة مرسين الواقعة على البحر المتوسط جنوب تركيا، والتي يوجد بها أكبر ميناء تصدير تركي، تعليقاً على استمرار القيود الروسية على صادرات الطماطم، إنه لا يمكن لمنتجي محصول الطماطم في تركيا البقاء دون السوق الروسية، لافتاً إلى أن معدلات الهدر في المحصول التي تحدث الآن لم يسبق أن وصلت من قبل إلى هذه المعدلات العالية.وعلى الرغم من أن مساعي تركيا لتطبيع العلاقات مع روسيا عقب حادث إسقاط المقاتلة تكللت بالنجاح في عودة السياحة وغيرها من المجالات، فإن الصادرات الزراعية لا سيما الطماطم لم تجد طريقها إلى الأسواق الروسية رغم إعلان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف رفع الحظر عن بعض الصادرات الزراعية التركية في مارس (آذار) الماضي قبيل زيارة قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى موسكو وتوالي الزيارات والمباحثات في هذا الشأن بين مسؤولي البلدين، ومنهم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، والرئيس رجب طيب إردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي زار تركيا مرات عدة منذ إعادة تطبيع العلاقات في يونيو (حزيران) 2016 وكان آخرها الأسبوع الماضي.وتشكل الطماطم 70 في المائة من مجموع الصادرات التركية من الخضر والفاكهة لروسيا، وفي الوقت الذي تجري فيه إعادة توجيه بعض الشحنات التركية، إلا أن السوق الروسي لا يمكن تعويضه.وتراجعت صادرات محصول الطماطم التركية إلى روسيا في 2016 لتصل إلى 40 مليون دولار، مقارنة بنحو 260 مليون دولار في عام 2015، وفقاً لهيئة الإحصاءات التركية أي أن حجم التراجع بلغ أكثر من 85 في المائة.وتواصل روسيا حظرها استيراد الطماطم التركية، الأمر الذي دفع مزارعي منطقة «غازي باشا» بولاية أنطاليا جنوب البلاد إلى زراعة الكرنب بدلاً عن الطماطم لمواجهة ذلك الحظر.وقال يوسف جليك، رئيس غرفة زراعة منطقة غازي باشا، إنّ الغرفة أوصت المزارعين بزراعة أنواع أخرى من الخضراوات، موضحاً أنّ الكرنب يأتي في مقدمة الخضراوات التي تحقق عائدا مادياً جيداً.وعقب قرار مدفيديف في مارس الماضي، رفعت روسيا حظر استيراد منتجات البصل والقرنفل والملح والقرنبيط والبروكلي التركية، بينما واصلت الحظر على منتجات أخرى تبلغ حصتها السوقية 425 مليون دولار، وعلى رأس قائمة المنتجات الزراعية الخاضعة للحظر الروسي المستمر، كلٌّ من الطماطم والعنب والخيار والتفاح والكمثرى والفراولة، إلى جانب لحوم الدجاج والديك الرومي.وكان إجمالي قيمة الصادرات لروسيا من هذه المنتجات بلغ خلال عام 2015 نحو 425 مليون دولار، من بينها 258.8 مليون دولار قيمة صادرات الطماطم وحدها.ورداً على هذا الموقف، أدخلت السلطات التركية بداية من 15 مارس الماضي تعديلات في نظام استيراد بعض أنواع المنتجات الزراعية بما في ذلك القمح وزيت عباد الشمس من روسيا، وفي الوقت نفسه لم تدرج روسيا في قائمة البلدان التي تتمتع بحق الإعفاء من الرسوم الجمركية.وقالت وزارة الزراعة الروسية إن هذا القرار من جانب أنقرة قد يؤدي إلى وقف كامل لصادرات القمح الروسي والذرة والفول والأرز إلى تركيا، وإعادة توجيه العروض إلى الأسواق الأخرى.كان ألكسندر شوميلين، رئيس مركز الشرق الأوسط للنزاعات في موسكو، قد أوضح من قبل أن استمرار بعض الحظر الزراعي يخدم غرضين لبوتين، حيث يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالنفوذ على إردوغان فيما يتعلق بالأزمة السورية، بينما يساعد أيضا الشركات المحلية على الاستثمار في إنتاج الأغذية لمساعدة الكرملين على الضغط من أجل الاكتفاء الذاتي.كان الخلاف الغذائي، قد بدأ بضجة كبيرة في روسيا في يناير (كانون الثاني) عام 2016، عندما بث التلفزيون الحكومي تجريفاً احتفالياً لمخزون الطماطم التركية. وبينما حث المشرعون في موسكو روسيا على استمرار الحظر لسنوات عدة، بدأ المستثمرون ومنهم الملياردير فلاديمير أفتوشينكوف الانتقال إلى هذه الصناعة.وقال وولفانجو بيكولي الرئيس المشارك لمؤسسة التحليل السياسي «تينيو إنتليجنس»، ومقرها لندن، إن «القضية هنا هي أنه بمجرد فرض الحظر، أجريت استثمارات كبيرة في إنتاج الطماطم المحلية، ومن أجل حماية هؤلاء المستثمرين، يجب أن يظل الحظر قائماً»، مضيفاً: «حدسي الشخصي هو أن السبب الحقيقي هو أن روسيا ستواصل ممارسة النفوذ على تركيا لأسباب سياسية».
مشاركة :