إن ممّا سرني وأقرّ عيني وعين كل مسلم غيورٍ على دينه، محافظ على بلده، في عنقه بيعةٌ لمليكه، ما قامت به وزارة التربية والتعليم من استحداث دروس جديدة في مادة المواطنة للصف السادس الابتدائي تُعنى هذه الدروس بذكر ما حصل من اعتداءات غاشمة على أيدي زمرةٍ مارقة، على مملكتنا الغالية في العام 2011م، وإنه لمن الأهمية بمكان أن يُربّى أولادنا على المنهج السليم، وأن يوضح لهم الدين الصافي الذي ارتضاه الله لنا حيث قال تعالى: «ورضيت لكم الإسلام ديناً». هذا الدين العظيم الذي أمرنا بعمارة الأرض ونهانا عن الفساد فيها فقال تعالى: «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها»، وأخبر تعالى عن عاقبة المفسدين وأن أمرهم إلى بوار، وعاقبتهم إلى زوال، فقال سبحانه: «إن الله لا يصلح عمل المفسدين». إن تعليم أبنائنا منهج السلف الصالح في طاعة ولاة الأمر والحفاظ على مكتسبات الوطن الغالي سبب لنشأة جيلٍ صالح يُعتمد عليه بعد الله تعالى في النهوض بهذا الوطن المعطاء فأبناء اليوم رجال الغد. إن الخروج على ولاة الأمر بلاءٌ كبير، وشرٌ مستطير، تُهدر به الدماء، وتنقلبُ الموازين، فيُبدَّل الأمن خوفًا، والشِبَع جوعًا، لا يأمن الإنسان على نفسه وماله، ولا يستطيع أن يؤدي شعائر دينه، فبالخوف تتعطل الجُمع والجماعات، وتحل الفرقة والشتات؛ لذلك كان السمع والطاعة لولي الأمر بَراً كان أو فاجرا، أصل من أصول العقيدة السلفية، وقلّ أن يخلو كتاب من كتب العقيدة إلا وينص على هذا الأصل الأصيل، والركن الركين، إذ بالسمع والطاعة تنتظم مصالح الدين والدنيا معا، وقد عُلِم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلاَّ بجماعة، ولا جماعة إلاَّ بإمامة، ولا إمامة إلاَّ بسمع وطاعة، كما قال عمر الفاروق -رضي الله عنه-، وليُعلَم أن المستفيد من بيان حقوق ولاة الأمر هو الراعي والرعيَّة؛ فالفائدة مشتركة، بل قد تكون فائدة الرعية أكثر، فوجب علينا جميعًا بيان هذه العقيدة السلفية في هذا الباب، والدعاء لولي الأمر أن يصلحه الله، فبصلاحه صلاح الرعية، كما قال الامام أحمد رحمه الله: «لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان»، وليس من منهج السلف نصح الحاكم علانية على المنابر أو غيرها، بل السنة في ذلك المناصحة سِرَّا، لأن النصح والتشهير يوغر صدور الرعية ويجر الويلات على الشعوب ولا يتحقق به المقصود. ولا زلنا نأمل من وزارة التربية والتعليم المزيد والمزيد من تكثيف مثل هذه الدروس، والعناية بجانب العقيدة والمنهج السليم، حتى يتخرج جيل مبارك يكون نافعًا لدينه ووطنه.
مشاركة :