هل استعادت إسبانيا بعضا من ألق حقبتها الذهبية بين عامي 2008 و2012؟ سؤال مطروح بإجابة تميل نحو ال «نعم»، إذ يدخل منتخب «لا روخا» الجولة التاسعة من تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2018، وهو قاب قوسين أو أدنى من انتزاع بطاقة التأهل المباشر للمونديال الروسي عندما يستضيف ألبانيا اليوم الجمعة.ويلعب اليوم أيضا منتخب إيطاليا مع مقدونيا، وجورجيا مع ويلز، وتركيا مع ايسلندا، والنمسا مع صربيا.ولم تهزم إسبانيا منذ نحو عام، وهي تدخل المباراة اليوم والهاجس السياسي يسكنها، وتسعى لوضع تداعيات استفتاء استقلال إقليم كاتالونيا خلفها، والتركيز على بلوغ المونديال الذي أحرزت لقبه مرة وحيدة عام 2010.تتصدر إسبانيا المجموعة الأوروبية السابعة برصيد 22 نقطة من ثماني مباريات قبل الجولتين الأخيرتين، بفارق ثلاث نقاط أمام إيطاليا التي تستضيف بدورها مقدونيا، وتسع نقاط أمام ألبانيا الثالثة.ويتأهل بطل كل من المجموعات الأوروبية التسع مباشرة إلى النهائيات، في حين تخوض افضل ثمانية منتخبات تحتل المركز الثاني ملحقا قاريا على البطاقات الأربع الأخيرة.ومن أجل حسم بطاقة التأهل، يحتاج المنتخب الإسباني لتحقيق نتيجة أمام ألبانيا أفضل من النتيجة التي يحققها المنتخب الإيطالي (الآزوري) في مباراته أمام نظيره المقدوني في إطار الجولة نفسها.وإذا انتهت المباراتان بنفس النتيجة سواء فوز كل من المنتخبين الإسباني والإيطالي أو انتهاء المباراتين بالتعادل، سيكون المنتخب الإسباني بحاجة إلى نقطة التعادل على الأقل في مباراته الأخيرة أمام «إسرائيل» يوم الاثنين المقبل أو الاحتكام لفارق الأهداف في الصراع بين المنتخبين الإسباني والإيطالي في صراعهما على بطاقة التأهل المباشر من هذه المجموعة إلى النهائيات. ويرشح الكثيرون إسبانيا للتأهل مباشرة حتى ولو خسرت إحدى مباراتيها المقبلتين لان فارق الأهداف يصب في مصلحتها (+29 مقابل +12 لإيطاليا). وبدلا من أن يشهد استاد «ريكو بيريز» في أليكانتي أجواء الاحتفال بالتأهل، يراود الأمل الجميع في المنتخب الإسباني بألا تهتف الجماهير ضد بيكيه الذي تعرض لإهانات وهتافات عدائية كثيرة خلال تدريبات الفريق يوم الاثنين الماضي في العاصمة مدريد.ويواجه بيكيه أزمة حقيقية مع الجماهير الإسبانية في ظل مساندته وتأييده لفكرة انفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا وتأييده للاستفتاء المثير للجدل الذي أجري يوم الأحد الماضي على انفصال الإقليم الذي وصفته الحكومة الإسبانية بأنه غير شرعي. والتقطت صورة لبيكيه وهو يدلي بصوته في هذا الاستفتاء كما اعترف في مقابلة مع المراسلين على هامش المباراة التي فاز فيها برشلونة على لاس بالماس 3 - صفر، والتي أقيمت في نفس بدون جماهير، بأنه يدرس اعتزال اللعب مع المنتخب الإسباني إذا كان توجهه السياسي يمثل مشكلة لمسؤولي المنتخب والاتحاد الإسباني للعبة.ولكن بيكيه أكد الأربعاء أنه لن يعتزل اللعب الدولي مع منتخب بلاده، كما دافع عن إخلاصه للفريق الوطني وطالب بالاستماع إلى جميع الآراء السياسية المختلفة.وقال بيكيه، الذي أثار جدلا واسعا بعد مطالبته بالسماح لإقليم كتالونيا بالتصويت على انفصاله عن إسبانيا: «ما أريده هو التحدث وحل هذه المشكلة».وأضاف: «في النهاية نحن أشخاص، لدينا الآراء الخاصة بنا ومن المستحيل أن نكون جميعا متطابقين، أنا أؤيد السماح للناس بالتصويت سواء بنعم أو بلا أو بالامتناع، ولكن أحترم وجود أناس آخرين مثل رافا نادال الذي يرى شيئا مختلفا». من جهته، نجح المدرب الجديد للمنتخب خولن لوبيتيجي منذ تعيينه في صيف العام 2016، في ان يعيد بهدوء إطلاق منتخب كان يقال عنه انه على ابواب نهاية حقبة ذهبية أحرز خلالها ثلاث بطولات كبرى في أربعة أعوام: كأس أوروبا 2008 و2012، وكأس العالم 2010.في الأعوام الماضية، بدأت علامات الاستفهام تدور حول المنتخب الاسباني في المحطات الكبرى، لاسيما بعد خروجه من الدور الأول لمونديال البرازيل 2014، وثمن نهائي كأس أوروبا 2016.مع لوبيتيجي، لم يخسر منتخب «لا روخا» أيا من مبارياته ال 12، وسيبقى في الذاكرة لأمد طويل فوزه الكبير على نظيره الإيطالي في التصفيات الحالية 3-صفر، وفك الشراكة معه في صدارة المجموعة.وأظهر هذا الفوز ان اسلوب لعب المنتخب الإسباني المعتمد على استحواذ الكرة والتمريرات الارضية القصيرة من لمسة واحدة «تيكي-تاكا»، لا يزال فعالا ولم تجد المنتخبات الأخرى حلا ناجعا له.ويرى مدرب نادي ريال مدريد، الفرنسي زين الدين زيدان، ان المنتخب الإسباني «لم يفقد ألقه ثمة بعض الفترات الحرجة، وهذا امر طبيعي في كرة القدم».أضاف «أنا معجب بطريقة لعبه واللاعبين وكذلك المدرب الذي تسلم المهمة وجعل المنتخب يلعب بشكل جيد».وشكل أسلوب لعب المنتخب محور اهتمام عالمي في سنوات هيمنته على الألقاب، الا ان المفارقة ان الأسلوب نفسه بدا وكأنه بات يضر بالمنتخب الذي اصبح لاحقا عقيما رغم الهيمنة والسيطرة الميدانية.واختلف الأمر مع لوبيتيجي الذي يرى ان هذا الأسلوب يبقى فاعلا شرط تطبيقه بحذافيره، ويقول في هذا الصدد «يمكن للجميع ان يتوقعوا اسلوب لعبنا في اي لحظة، لكننا نريد ذلك». يبقى المزج بين المغامرة والخبرة حلم كل مدرب، وهذا ما لم يستطع المدير الفني السابق فيستني دل بوسكي القيام به (2008-2016)، بل ظل وفيا لفكرة الاعتماد على الأسماء الكبيرة التي نجح معها في مونديال 2010 والاحتفاظ باللقب الأوروبي في 2012.إلا ان لوبيتيجي، المدرب السابق لمنتخب الشباب، فتح لهم باب المنتخب الأول، وبدأ بالتركيز على بناء جيل واعد لا مكان فيه للعديد من المخضرمين مثل القائد والحارس ايكر كاسياس (36 عاما)، بل يقوم على وجوه شابة مثل دافيد دي خيا وايسكو وماركو اسنسيو وتياغو الكانتارا وكوكي وساوول وغيرهم.يتحلق هؤلاء حول نواة صلبة من لاعبين باتوا (أو هم على أعتاب) الثلاثين من العمر، مثل سيرخيو راموس وجيرار بيكيه وسيرخيو بوسكيتس واندريس انييستا ودافيد سيلفا.ومع الاحتفاظ بهؤلاء، يرى زيدان ان «العمود الفقري لا يزال موجودا».الا ان تجديد المنتخب يبقى مسألة حساسة، لا سيما في مركز رأس الحربة أو صاحب القميص الرقم 9، والذي لم يتم حسمه منذ 2012.تلقى المنتخب ضربة موجعة بإصابة مهاجم تشيلسي ألفارو موراتا. وفي غيابه، عادت مشكلة رأس الحربة لتؤرق إسبانيا: فدافيد فيا (35 عاماً) الذي شكل استدعاؤه في الصيف مفاجأة كبرى، لا يزال يتعافى من إصابة، ودييغو كوستا ليس في أفضل مستوى.وامام هذا الواقع، وجد لوبيتيجي نفسه مرة جديدة مضطرا لاستدعاء «الذهب الذي لا يصدأ".من جهته، يسعى منتخب إيطاليا لتحقيق انتصارين مقنعين بالجولتين الأخيرتين ليضمن الوجود ضمن أفضل 8 منتخبات احتلت المركز الثاني بمجموعات أوروبا التسع.ويُدرك المنتخب الإيطالي أنَّ الطريق المنطقي المتاح أمامه الآن لبلوغ نهائيات كأس العالم بروسيا هو خوض الملحق الأوروبي الفاصل.لكن الإصابات، تبدو شبحًا يهدد المنتخب الإيطالي، في مباراتيه الباقيتين في المجموعة السابعة بالتصفيات أمام منتخبي مقدونيا اليوم الجمعة، وألبانيا يوم الإثنين المقبل. ويحتاج الآزوري لنقطة واحدة من مباراته المرتقبة اليوم أمام مقدونيا في تورينو، أو مباراته أمام ألبانيا يوم الإثنين ليضمن الفريق المركز الثاني أملا في العبور للنهائيات عبر الملحق الفاصل في نوفمبر المقبل.وبعد الهزيمة (0-3) أمام إسبانيا الشهر الماضي، قال كارلو تافيكيو، رئيس الاتحاد الإيطالي للعبة، إنه يعتبر الغياب عن كأس العالم بمثابة «القيامة».ورد جامبييرو فينتورا المدير الفني للآزوري على هذا قائلاً إنَّ مصطلح «القيامة» قد يستخدم لأمور أخرى، لكنه عدل عن رأيه قبل أيام، وقال إنَّ عدم التأهل بالنسبة للآزوري الفائز بلقب المونديال 4 مرات من قبل سيكون «كارثة».ويتفق مع هذا ماركو بارولو لاعب وسط الفريق حيث يرى أنَّ عدم تأهل الفريق للمونديال الروسي، سيكون «كارثة» لاسيما أنَّ الآزوري غاب عن البطولة في نسختين فقط على مدار تاريخه عام 1930، و1958.ويحمل أرولو على عاتقه مهمة ثقيلة وحاسمة في المباراتين الباقيتين للآزوري في هذه المجموعة لأنه الوحيد الذي نجا من فخ الإصابات الذي ضرب خط وسط الآزوري قبل هاتين المباراتين.ويفتقد الآزوري في المباراتين جهود لاعبي الوسط ماركو فيراتي، ولورنزو بيليجريني، والمخضرم دانييلي دي روسي؛ بسبب الإصابات التي تعرضوا لها خلال مبارياتهم مع أنديتهم بالدوري الإيطالي.واستدعى فينتورا كلاً من روبرتو جاليارديني، والوجهين الجديدين برايان كريستانتي، ونيكولو باريلا لتعويض غياب هؤلاء اللاعبين، كما تضم قائمة الآزوري للمباراتين سيموني فيردي، دينامو فريق بولونيا.وقال فيردي: «نقطة واحدة قد تكون كافية لنخوض الملحق الفاصل، لكننا سنخوض المباراتين بهدف الفوز في كليهما لتجري قرعة الملحق الفاصل في 17 أكتوبر الحالي ونحن ضمن الفرق المصنفة في المقدمة بناء على التصنيف العالمي للمنتخبات».كما يفتقد فينتورا جهود أندريا بيلوتي مهاجم تورينو، ما يمنح الفرصة الأولى لروبرتو إنجليسي مهاجم كييفو خاصة مع عدم استدعاء ماريو بالوتيللي، وسيموني زازا، رغم العروض القوية التي يقدمانها مع نيس الفرنسي وفالنسيا على الترتيب.ويقود شيرو إيموبيلي نجم لاتسيو هجوم الآزوري حاليا علماً أنه أحرز تسعة أهداف حتى الآن في المباريات السبع التي خاضها بالدوري الإيطالي هذا الموسم.
مشاركة :