وجه أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة» انتقادا لاذعا «ضمنيا» إلى «جبهة النصرة» التي فكت ارتباطها بـ«القاعدة»، وباتت تعمل تحت اسم «هيئة تحرير الشام»، نافيا أن يكون قد أقال أحدا من بيعته، داعيا إلى الثقة بتنظيم القاعدة ودعمه ومساندته.وقال باحثون وخبراء أمنيون في مصر إن «الظواهري يحاول التذكير بأمجاد (القاعدة) للعودة لمشهد الجهاد العالمي (المزعوم) عبر رسالة لوم لـ(النصرة) في محاولة لعودة عناصرها لـ(القاعدة)... كما يحاول جاهدا الإبقاء على (القاعدة) بوصفها حركة متماسكة رغم أنها بالفعل تفككت خلال السنوات الماضية».وقال الظواهري في كلمة بعنوان «سنقاتلكم حتى لا تكون فتنة» نشرتها مؤسسة «السحاب» التابعة للتنظيم مساء أول من أمس، إن «البيعة عقد شرعي ملزم ويحرم نكثه... نحن نوفي ببيعاتنا، ولا نقيل ولا نستقيل».وكان قد ظهر الجهادي المصري السابق أبو الفرج المصري إلى جوار أبو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة» في سوريا يوليو (تموز) عام 2016 وهو يعلن فك ارتباطه بـ«القاعدة». وتوقع خبراء أصوليون وقتها أن «يحدث قرار الجولاني بانفصال (النصرة) عن (القاعدة) انشقاقات كثيرة داخل (القاعدة)، وسوف يدفع الشباب إلى التفكير في الانضمام لجماعات وتنظيمات أخرى».وأعاد الظواهري التذكير بأن «القاعدة» أول من أيدت «الجهاد في الشام» وفتحت صدرها لكل المقاتلين، متسائلا: «هل هذا هو ما يستوجب طردها؟ أم هذا ما تطلبه أميركا ووكلاؤها؟».وانتقد الظواهري في كلمته رفع شعار «قطرية الجهاد»، متهما جماعات في سوريا - لم يسميها - بتكرار تجربة جماعة الإخوان «الفاشلة» في مصر. واصفا «الإخوان» بأنهم «فئات مستثقلين للبذل ومستعظمين للتصدي للحقيقة... أصروا على أن يعيشوا معارضة مستأنسة، حتى أوصلوا محمد مرسي إلى قصر الرئاسة رئيسا بلا صلاحية، حتى اصطدموا بالحقيقة التي هربوا منها». مشيرا إلى أن «الربيع العربي قد وصل لمحطة الفشل»، مؤكدا أن «طاقة الغضب الشعبية أهدرتها قيادات ضعيفة».وتصنف الولايات المتحدة «جبهة النصرة» منظمة «إرهابية»، وقد تم استهدافها بغارات جوية من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن مرات عدة، كما بررت موسكو قصفها مواقع عدة في سوريا بأنه جاء استهدافا لكل من تنظيم داعش و«جبهة النصرة».من جانبهم، قال باحثون مصريون في تقرير أعدته دار الإفتاء أمس، إن «الظواهري أراد أن يظهر وكأن تنظيم (القاعدة) هو راعي حركة الجهاد العالمية، وأنه هو الذي بدأها على يد مؤسسه أسامة بن لادن الذي جمع بعبقريته وبصيرته - على حد زعم الظواهري - الأمة للاجتماع على هدف مشترك وتبصرتها بالعدو الحقيقي».وأكد التقرير أن «الظواهري ما زال يعيش أحلام الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الدموية، التي كان تنظيم (القاعدة) يعول عليها لأن تكون بداية الصحوة الجهادية التي ستصبح علامة فارقة في تاريخ الأمة - حسب زعمه -؛ ولذلك فهو يجد صعوبة في قبول انشقاق مزيد من الجماعات التابعة له، خاصة بعد انشقاق تنظيم داعش ومنافسته له، مما يؤكد مخاوفه من ظهور منافسين آخرين لقيادة حركة الجهاد العالمي المزعومة، وسحب البساط من تحت قدمه ويكون في آخر قائمة التنظيمات التي تدعي أنها (جهادية) على حد زعمها».ويقدم تنظيم «القاعدة» نفسه طليعة الجهاد الحق ضد أميركا وروسيا وبريطانيا، وأصحاب منهج صحيح على خلاف «داعش» الذي يصفه بـ«الخوارج الغلاة والتكفيريين».ويرى مراقبون أن «كثيرا من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي تلقت تدريبات من عناصر (القاعدة) انفصلت عن التنظيم خلال السنوات الماضية ومنها (داعش)... وتسعى (القاعدة) لضم (الدواعش) عقب الهزائم التي لحقت بهم في سوريا والعراق خلال الأشهر الأخيرة».تعليقا، قال الخبير الأمني والاستراتيجي في مصر اللواء محمد قدري، إن «كلمة الظواهري محاولة لاسترجاع (زعامته الزائفة) والسعي لتجنيد مزيد من الأتباع». مضيفا أن «الظواهري أحس بانفضاض عناصر (جبهة النصرة) عن (القاعدة) خلال الأشهر الماضية، لذا وجه لها اللوم، في محاولة لعودة عناصرها من جديد لـ(القاعدة)».
مشاركة :