الصحراء التونسية.. حوض كبير لتربية الأسماكأطلق يحيى التُنكتي، كهل تونسي، بقلب الصحراء التونسية مشروعا لتربية الأسماك، متحدّيا بذلك طبيعة المناخ القاحل وبعده عن البحر وأيضا سخرية الكثيرين من فكرته. لكنه حقق خطواته الأولى في طريق النجاح والإنتاج.العرب [نُشر في 2017/10/06، العدد: 10773، ص(24)]حصد رغم الإحباط تطاوين (تونس) - قرّر يحيى التُنكتي في قلب الصحراء التونسية وتحديدا بمحافظة تطاوين أقصى جنوبي البلاد، أن يجعل من الكثبان الرملية والجبال المترامية بيئة جديدة لتربية الأسماك. وأثارت هذه الفكرة التي تبدو غريبة إلى حدّ كبير، كما هائلا من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حين شاركها التُنكتي مع رواد تلك المواقع، ممن سخروا من تربية الأسماك في منطقة يبعد عنها البحر أكثر من 100 كم. لكن إصرار الكهل التونسي على النجاح مكّنه من تحويل الصحراء إلى أحواض صغيرة تنمو فيها الأسماك، متحدّيا طبيعة المناخ القاحل والأحكام المسبقة. وتنتصب على بعد نحو 120 كم من البحر، وفي قرية تونكت الواقعة على بعد نحو 12 كم عن مركز محافظة تطاوين (جنوب شرق)، أحواض متوسّطة في محيط منزل التُنكتي. وكان الرجل الخمسيني قد أطلق مشروعه الصغير العام الماضي بقريته الواقعة بمنطقة صحراوية، وسط استغراب جميع من تتناهى إلى مسامعه فكرته، بل إن هناك الكثير من الناس، سواء في العالم الحقيقي أو الافتراضي على مواقع التواصل، من علقوا بسخرية على الفكرة. وقال التُنكتي “لم يكن من السهل على الناس استيعاب فكرة تربية الأسماك وسط الصحراء وقرب الجبال الجرداء”. وأضاف أنّ “إحدى الجمعيات المدنية (لم يسمّها) اقترحت عليّ فكرة إنجاز هذا المشروع، غير أني أبديت في البداية تخوّفي من نجاحه”. وقرّر التُنكتي رغم مخاوفه المرور إلى المرحلة التنفيذية للمشروع، مستندا إلى دراسة جدوى منحته هامشا معتبرا من الربح والأمل. ولفت التُنكتي إلى أنّ “العديد من السكان سخروا مني عندما بدأت في تنفيذ المشروع، حتى أن الكثيرين منهم يسألونني كيف يمكن تربية الأسماك في هذه القرية الصحراوية، لكني أصررت على مواصلة المشروع ونجحت في تنفيذه أخيرا”، مشيرا إلى أن ابنه محمد (27 عاما) هو الذي يُشرف على تربية الأسماك، مستفيدا في ذلك من دورات تدريبية تابعها في محافظات مجاورة. وقال محمد “اكتملت الفكرة بذهني تدريجيا قبل أن أقرر دعم معلوماتي بدورات تدريبية مكّنتني من الحصول على مكتسبات وخبرات في مجال تربية الأسماك”. وتابع “عقب إطلاق المشروع، بدأنا بالإنتاج، أي تربية الأسماك قبل أن نبدأ قبل شهر من الآن في بيع منتجنا”. وأوضح “قمنا بداية بشراء سمك صغير لا يتجاوز وزن الواحدة منه 5 غرامات، من شركة متخصصة بالمجال في جزيرة جربة (تابعة لمحافظة مدنين/ جنوب شرق)”. وإثر ذلك، تبدأ رحلة محمد مع تربية الأسماك في أحواض مستطيلة بأبعاد لا يتجاوز طولها مترا وعرضها 50 سنتيمترا، مزوّدة بصنابير لتزويدها بالمياه اللازمة. واللافت في المشروع هو أن عملية تعديل حرارة المياه تتم بشكل طبيعي، أي دون معدّات خاصة بذلك. وقال محمد إن النوع الذي يربيه يسمى “البلطي النيلي”، وهذا النوع من السمك يمكنه العيش في درجات حرارة مرتفعة. ولفت إلى أن درجة حرارة الماء غالبا ما تكون أقل مما هي عليه خارج الحوض. وأشار إلى أنّ المشروع بلغ بعد نحو شهر مرحلة إنتاج السمك الصالح للاستهلاك، إضافة إلى توفير “صغار الأسماك المعدّة للنمو بدل شرائها” كما كان يفعل في بداية المشروع. وطبقا لما تعلّمه خلال الدورات التدريبية التي تابعها، يقدّم محمد الطعام لأسماكه 5 مرات في اليوم باستخدام أطعمة متنوعة مثل المخلفات الزراعية (النخالة، كحك الزيت، النباتات)، والأسمدة غير العضوية.
مشاركة :