استمع القضاء الإسباني الجمعة إلى قائد شرطة كاتالونيا وزعيمي الحركتين الانفصاليتين الرئيسيتين في المنطقة. إلا أن القضاة لم يفرضوا أي إجراء لمراقبة قضائية. ومثل الرجال الثلاثة أمام القضاء، بتهمة التحريض على الفتنة، بعد اضطرابات رافقت عمليات التوقيف في الإقليم في 20و21 أيلول/سبتمبر، على خلفية استفتاء تقرير المصير الذي جرى الأحد الماضي رافقه عنف ومواجهات بين الشرطة والانفصاليين. مثل الجمعة قادة أبرز الحركات الاستقلالية الكاتالونية وقائد شرطة الإقليم، أمام القضاء الإسباني في جلسة انتهت بدون توقيفهم، وذلك قبل ثلاثة أيام من موعد حددته كاتالونيا لإعلان استقلال أحادي الجانب يثير قلق أوروبا واستياءها. وأعلنت ناطقة باسم المحكمة الوطنية التي مثل أمامها قائد الشرطة وزعيما الحركتين الانفصاليتين الرئيسيتين في المنطقة أن القضاة لم يفرضوا أي إجراء لمراقبة قضائية. ووصل قائد شرطة كاتالونيا جوزب لويس ترابيرو صباح الجمعة إلى مقر المحكمة الوطنية في مدريد المتخصصة في قضايا الأمن القومي، بدون أن يدلي بأي تعليق. وقائد شرطة كاتالونيا ملاحق بتهمة العصيان، مثل زعيمي المنظمتين الانفصاليتين الرئيسيتين اللتين تتمتعان بنفوذ كبير في الإقليم، جوردي كوشارت من حركة "أومنيوم كولتورال"، وجوردي سانشيز العضو في الجمعية الوطنية الكاتالونية (البرلمان)، الذي صرح أن مجموعته لا تعترف "بأهلية هذه المحكمة" وأنه "لم يرتكب أي جنحة". يذكر أن المحكمة استمعت أيضا إلى مساعدة قائد الشرطة تيريزا لابلانا الملاحقة، لكن عبر الفيديو. وسيؤدي قرار المحكمة عدم توقيف المتهمين إلى تجنب اضطرابات جديدة في كاتالونيا، بينما يسود توتر شديد بين مدريد وبرشلونة الغارقتين في أخطر أزمة سياسية تشهدها إسبانيا منذ عودة الديمقراطية إليها في 1977. وأحدثت الأزمة انقساما في كاتالونيا نفسها، حيث يعيش 16 بالمئة من الإسبان، بينما نصف السكان لا يؤيدون الانفصال، حسب استطلاعات الرأي. كما تثير الاضطرابات في المنطقة التي تعادل مساحتها مساحة بلجيكا، قلق أوروبا أيضا. تفكيك إسبانيا هو تفكيك لأوروبا وفي تصريح لقناة "بي أف أم تي في" قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس الذي يتحدر من برشلونة "إن تفكيك إسبانيا (...) يعني تفكيك أوروبا. وإذا فتحنا ’صندوق باندورا‘ (صندوق أسطوري يحتوي على جميع الشرور) هذه، ستكون بلاد الباسك غدا، وبعدها إقليم الباسك الفرنسي، وبعدها شمال إيطاليا، وبعد ذلك الحرب". ويتوقع أن يعلن الانفصاليون الكاتالونيون الاستقلال الاثنين بعد نشر النتائج النهائية لاستفتاء حول تقرير المصير نظم الأحد، ويقولون إنهم فازوا فيه بحوالي تسعين بالمئة من الأصوات ونسبة مشاركة بلغت 42,3 بالمئة. ضغوطات سياسية وتم استدعاء قائد الشرطة للمثول أمام القضاء بعد اضطرابات رافقت عمليات التوقيف في كاتالونيا في 20 و21 أيلول/سبتمبر. وقام متظاهرون شجعتهم المنظمتان الانفصاليتان حينذاك باحتجاز عدد من عناصر الحرس المدني في مبناهم لساعات وألحقوا أضرارا بسياراتهم. وكانت تلك المؤشرات الأولى للتوتر في كاتالونيا، إذ تكثفت التظاهرات ضد قوات الأمن بعد أعمال عنف رافقت التصويت عندما حاول عناصر من الشرطة تعطيل الاستفتاء في حوالي مئة مركز للتصويت. ولجأت الشرطة الإسبانية إلى العنف، فقد قامت بضرب ناشطين شكلوا حاجزا لمنع مرور عناصرها، وجرتهم من شعرهم وقامت بركلهم، كما استخدمت الرصاص المطاطي في مواجهتهم. وتأتي جلسة المحكمة بينما يتعزز الضغط السياسي بلا توقف على السلطة التنفيذية الكاتالونية. وتبدو الأزمة حاليا في طريق مسدود حاليا مع استبعاد حكومة المحافظ ماريانو راخوي أي إمكانية وساطة. لا "للرقابة" منعت المحكمة الدستورية التصويت قبل إجرائه الأحد، وعلقت الخميس دورة يفترض أن يعقدها البرلمان الكاتالوني الاثنين ويصدر خلالها على الأرجح إعلان استقلال أحادي الجانب. لكن السلطة التنفيذية في كاتالونيا تجاهلت حظر الاستفتاء وقررت تنظيمه، على الرغم من عدم توافر المعايير الضامنة ليكون نظاميا (مثل تشكيل لجنة انتخابية والاقتراع السري...)، وأكدت رئيسة برلمان كاتالونيا كارمي فوركاديل أن الدورة ستعقد الاثنين. ووصفت فوركاديل قرار المحكمة الدستورية "بالبالغ الخطورة" والمخالف "لحرية التعبير"، وصرحت أن البرلمان الذي يهيمن عليه الانفصاليون لن يقبل "الرقابة". أزمة سياسية تلقي بظلالها على القطاع الاقتصادي وأرجأ الرئيس الانفصالي لكاتالونيا كارلس بيغديمونت الكلمة التي كان يفترض أن يلقيها الاثنين في البرلمان ويتحدث فيها عن نتائج الاستفتاء على الانفصال، إلى الثلاثاء. وجاء في بيان نشره بعد قرار المحكمة تعليق جلسة البرلمان "الرئيس بيغديمونت يطلب التحدث الثلاثاء أمام البرلمان لاستعراض الوضع السياسي الحالي". وطالت ارتدادات الأزمة السياسية القطاع الاقتصادي، إذ يفترض أن يعقد كايجابنك، أكبر مصرف في كاتالونيا والثالث في إسبانيا، جلسة استثنائية لمجلس إدارته ليقرر ما إذا كان سينقل مقره الاجتماعي إلى خارج المنطقة التي تشهد أزمة. وكان "بانكو ساباديل" ثاني مصرف في كاتالونيا والخامس في إسبانيا قد أعلن نقل مقره إلى أليكانتي في جنوب شرق البلاد بعد تراجع أسهمه في البورصة. وتخشى المصارف عواقب خروج محتمل لكاتالونيا من منطقة اليورو إذا أعلنت استقلالها. من جهة أخرى، شهدت برشلونة التي تعد المحرك الاقتصادي والقطب السياحي الرئيسي لكاتالونيا، المنطقة التي استقبلت 17 مليون زائر في 2016، انخفاضا هائلا في حجوزات الفنادق، حسبما ذكرت النقابة المحلية لهذا القطاع. ماريانو راخوي يدرس إجراءات جديدة ومن المفترض أن يعقد ماريانو راخوي اجتماعا لحكومته الجمعة لدراسة إجراءات جديدة ممكنة. وبين الخيارات تعليق الحكم الذاتي الذي تتمتع به كاتالونيا، وهو إجراء لا تستبعده الحكومة المركزية وتطالب به أصوات متزايدة في إسبانيا. لكن قرارا بتعليق الحكم الذاتي قد يزيد من تأجيج التوتر وقد يؤدي إلى دوامة عنف. فرانس24/أ ف ب نشرت في : 06/10/2017
مشاركة :