لابد أن الذين عادوا من الغرب لاحظوا انتشار ثقافة غذائية جديدة، وهي وجود مطاعم وخدمات تغذية تشير إعلاناتها أنها عضوية ولم تدخلها الكيمئيات بذوراً أو سماداً أو تخزيناً. تلك السلع الغذائية تحمل لافتات أسعار غير شريكاتها في رفوف العرض بالقول عنها إنها طبيعية. أي أن أسعارها ضعف مثيلاتها. ومع ذلك فالإقبال عليها واضح. أُلاحظ في أسواقنا طوفاناً من مغلفات ومعلبات ذات المظهر الخارجي الجذّاب، وهي مظاهر تُشعر المستهلك بالقناعة وتوقعهُ بالتصديق. وتتمثل في تلك السلع التي أوحت إلى الناس باختصار وقت الطبخ أو التحضير, بما في ذلك المشروبات الباردة الملونة والساخنة. إلى جانب المساحيق المضافة والتلوينات الصناعية. جاءتنا تلك الزجاجات المعبأة بما لا نعرف، فهذا طعم التوت وذاك طعم المانجو أو الموز وآخر طعم البرتقال. والذي أثار ولع الناس بالجاهز من العصائر هو أن الصغار يستقبلونها ضمن وجبة (الفسحة). أطلعت على الكثير من المحاذير الصحية عن تلك المشروبات. وبدأت مقالتي هذه بالإشارة إلى أن الغرب ترك تلك السلع وراء ظهره، ولا يُقدم للطفل إلا ما ثبت نفعه وانعدم ضررة. وبلادنا ولله الحمد تزخر بالخيرات الطبيعية التي يمكن للأسرة أن تحضّر المشروبات منها والاحتفاظ بها في البرّاد وتزويد فلذات الأكباد بما يُنعش وينفع. تلك الطريقة المعتمدة على ثقافة الناس ستجعل العصائر الصناعية تختفي تدريجياً دون سن أنظمة وتشديد رقابة ومختبرات. فثقافة الأسرة الغذائية في الغرب كفيلة بطرد طفيليات الغذاء والتربّح على حساب الكسل والجهل. لن أستطيع أن أحصي سيارات التوزيع الحاملة لدعايات ملونة بأصباغ فنية جاذبة وهي تقف أمام بقالات كل حيّ من أحياء مدننا. وربنا وحده يعلم كيف يجري مزج وخلط وتعبئة المادة في علبتها الكرتونية. ومن البقالة إلى أحشائنا، الكبير منا والصغير.
مشاركة :