اعتبر عدد من المختصين أن النقلة التي تشهدها وزارة العدل من خلال إنشاء المحاكم المتخصصة سيسهم في تطور القضاء وتسريع الحكم في القضايا، وقالوا ل"الرياض" إن عزم وزارة العدل إنشاء محاكم تجارية مستقلة في المملكة، سيسهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة، بعد أن كانت القضايا التجارية تأخذا وقتاً كبيراً للحكم فيها، نظراً للتداخل الكبير التي تحويه مثل هذه القضايا. وقال المحامي والمستشار القانوني خالد الهجلة إن توجه وزارة العدل في إنشاء هذه المحاكم المتخصصة سيسهم بلاشك في تخفيف الأعباء القضائية على المحاكم العامة من خلال نقل العديد من اختصاصاتها وإسنادها إلى محاكم مستقلة، مبيناً أن هذا التحول النوعي سينعكس كثيراً على تحقيق المزيد من قرب مواعيد الجلسات وسرعة إنهاء القضايا، فضلاً عن تركيز النظر القضائي في تخصص واحد، وهذه بلاشك نقلة نوعية كبيرة في تاريخ القضاء السعودي تحسب لتوجه القيادة الرشيدة لدينا وتحسب لوزارة العدل التي استطاعت أن تترجم هذه التوجيهات إلى واقع ملموس على الأرض نمارسه اليوم من خلال القضايا التي تنظرها تلك المحاكم المتخصصة بكل احترافية، وعن عزم وزارة العدل إطلاق المحاكم التجارية مطلع العام المقبل بين الهجلة: "إن القضايا التجارية الآن باتت واحدة من أكثر القضايا والمنازعات التجارية المنظورة داخل المحاكم السعودية، وفصلها من خلال محاكم متخصصة سيكون عملاً جباراً يسهم في حل الكثير من القضايا المتنازع عليها في وقت قياسي وهذا ما تطلبه مثل هذه القضايا، خصوصاً فيما يتعلق بتلك القضايا التي ينتج عنها خسائر قد تكون سبباً في اختفاء هذه الكيانات التجارية سواء السعودية أو غيرها من خلال شركات الاستثمار الأجنبية، مضيفاً أن القضايا التجارية في السابق كان ينظرها ديوان المظالم وعادة ما تكون القضايا التجارية بها أطراف نزاع متعددة وشركات متعددة؛ مما يطيل أمد نظر القضايا وتكدسها، وبهذه الخطوة فإن وزارة العدل تهدف إلى جعل ديوان المظالم كقضاء إداري يتعلق بالأمور الإدارية في الوظائف الإدارية وتفصل منه القضايا التجارية وقضايا الشركات. وأوضح الهجلة: أن المحاكم التجارية إضافة إلى تسريعها البت في القضايا التجارية، فإنها ستؤدي إلى حل متدرج لمشكلة تداخل الاختصاصات في المحاكم، مشيرًا إلى أن التداخل في بعض القضايا أمر حتمي لا مفر منه، ولكن وفق التنظيم الجديد نستطيع أن نحسم هذه المسألة بصورة نهائية ووضع السوابق القضائية التي تحكم هذه المسألة، مؤكداً أن وجود محاكم متخصصة في المملكة يعني بطبيعة الحال أن يكون هناك قاضٍ متخصص يحصل على التأهيل العلمي والتدريب النوعي على طبيعة أعمال المحكمة التي سيباشر فيها، كما سينعكس على المحامين بحيث نصل أيضًا إلى المحامي المتخصص والمتمرس في أعمال القضايا وبالتالي ستكون هذه البيئة طاردة لكل قاضٍ لا يتطور ولكل مدعٍ ومنتحل صفة المحاماة من الوكلاء ومحصلي الديون وغيرهم. من جهته اعتبر المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أن من أكثر معوقات التجارة والاستثمار خصوصاً الأجنبي منها هو عدم وجود المحاكم التجارية المتخصصة؛ وعدم وجود مواد قانونية مكتوبة يمكن الاعتماد عليها في التقاضي وبما يساعد على استكمال بيئة التقاضي، مبيناً إن إنشاء المحاكم التجارية المتخصصة سيسهم في ازالة الجزء الأكبر من المعوقات وستسهل عملية التقاضي والإنجاز واختصار وقت النظر في القضايا التجارية، ولعل المحاكم التجارية عند استحداثها، تسهم ايضا في وضع التشريعات والمواد القانونية المستمدة من الشريعة والتي يمكن ان تحول قوانين الشريعة الى مواد قانونية مكتوبة في مدونات شرعية، مضيفاً بأن المحاكم التجارية المتخصصة ستدعم بيئة التجارة والإستثمار الأجنبي من خلال توفير جو استثماري متكامل يسهم في جلب رؤوس الأموال الأجنبية، كما ستسهم في إنهاء كثير من القضايا العالقة المؤثرة سلبا في البيئة التجارية، وربما يدعم قطاع الشركات العائلية التي باتت اكثر تضررا من القضاء العام لأسباب مرتبطة بعدم الإحاطة بطبيعتها؛ وآلية إدارتها؛ وحساسية تجارتها تجاه التعطيل والتجميد والتعليق الذي تمارسه عليها المحاكم العامة حاليا؛ والذي يؤدي الى خروجها من السوق وتكبد ملاكها خسائر فادحة، كما بين البوعينين أن أبرز معوقات الاستثمار الأجنبي هي عدم وجود المحاكم التجارية المتخصصة، ويفترض ان يكون في إنشائها المعالجة الفاعلة لتلك المعوقات، ولكن يجب ان ترتقي بأداء المحاكم التجارية والا نسمح بإنتقال ثقافة القضاء العام لها، فالمحاكم التجارية تحتاج الى ثقافة شرعية وقضائية ذات ابعاد تجارية تسهم في دعم قطاع الاستثمار المحلي والأجنبي في جانب التقاضي العادل والكفء الذي يكرس ثقة المستثمرين بالأحكام الصادرة.
مشاركة :