أظهرت نتائج استطلاعين للرأي أجرتهما «البيان»، الأول على موقعها الإلكتروني، والثاني على حسابها في «تويتر» أن انتخابات منظمة التحرير والبرنامج السياسي وملف تسليم حركة حماس سلاحها كلها عوامل مجتمعة تشكل عقبات أمام إتمام المصالحة الفلسطينية وهو ما عبر عنه 60 في المئة من المستطلعة آراؤهم على موقع «البيان» مقابل 65 في المئة على حساب «البيان» في «تويتر». وتفصيلاً، اعتبر 5 في المئة من المستطلعة آراؤهم على موقع «البيان» أن انتخابات منظمة التحرير هي العقبة الأبرز وهو ما عبر عنه 10 في المئة من المستطلعة آراؤهم على حساب «تويتر» في حين اعتبر 6 في المئة من المستطلعة آراؤهم في الموقع أن العقبة الأولى تتمثل في البرنامج السياسي، وهي النسبة ذاتها التي عبر عنها المستطلعة آراؤهم في «تويتر». أما ملف تسليم حركة حماس لسلاحها فأكد 29 في المئة من المستطلعة آراؤهم على موقع «البيان» أنها تشكل العقبة الأبرز، في حين قال 19 في المئة من المستطلعة آراؤهم في «تويتر» الشيء ذاته. عقبات عدة وفي تحليل لنتائج استطلاعي «البيان»، يرى محللون فلسطينيون أن المصالحة الفلسطينية دخلت بقوة حيز التنفيذ، ولكن قد تظهر عقبات عدة في المرحلة المقبلة، تؤخر إتمامها، لمحاولة الوصول إلى حلول في كل القضايا التي قد تظهر كتحديات منتصف الطريق. وقال المحلل السياسي هاني حبيب، إن الانتخابات والبرنامج السياسي وتسليم سلاح «حماس» جميعها عقبات وملفات شائكة ومعقدة، وكانت موضع خلاف دائماً في المرحلة السابقة، ولكن قد يكون هناك ضغط من الجانب المصري لتسويتها.سلاح المقاومة من جهتها، قالت المحللة السياسية تمارا حداد، إن العقبة الأساسية هي سلاح حماس وأوضحت أن سلاحها قد يكون العقبة الوحيدة، وقد يتم التوصل لحلول لها مثل باقي العقبات التي تخص الموظفين والأمن والمشاركة في الحكومة، لأن سلاح حماس يؤثر على منظمة التحرير، ولا ينفع أن تتبنى المنظمة برنامجين سياسيين، وقد تدخل حماس في الحكومة المقبلة. وبذلك تكون حماس مشاركة في الحكومة وتمتلك سلاح ، وبذلك يكون طبق برنامج لبنان في فلسطين، ولكن في غزة يوجد أيضاً جماعات سلفية غير موافقة على إتمام المصالحة، ومستفيدة من الانقسام. من جهته، قال المحلل السياسي طالب عوض، إن موضوع الانتخابات متفق عليه في القاهرة، وقد يتم مشاركة كل القوى السياسية، ويكون نظام انتخاب تمثيل نسبي كامل، وهذا ينسجم مع الانتخابات المحلية والمجلس الوطني، وغزة بحاجة أيضاً إلى انتخابات بلدية. وأضاف: «هناك اتفاق مبدئي على البرنامج السياسي، ولكن هناك قضايا أساسية قد تكون مشكلة في تشكيل الحكومة المقبلة والتزاماتها الأساسية، وفي حال تم التوافق على الحكومة ستستمر لحين إجراء انتخابات، وهذا الأفضل في ظل وضعنا الفلسطيني في ظل عدم الاستقلال». ويعتقد عوض أنه يجب أن يكون هناك اتفاق شامل على شمولية العملية على أن يكون الأمن والسلطة موحداً ومشتركاً، والتواصل لصيغة توافقية بأن يكون الأمن على قطاع غزة والضفة الغربية موحداً، وبمشاركة الجميع في العملية على أساس أن يكون تحديد المرجعية للأمن هي الحكومة الفلسطينية. ولفت إلى أن هناك قضايا بحاجة لوقت وجهد، وفي حال كانت النية موجودة من الطرفين قد يتم التوصل لحلول لكل القضايا، وخاصة أننا في مرحلة اهتمام من الجانب المصري، وزج كل ثقلها في العملية التصالحية، ونتأمل أن يكون هناك اتفاق بمشاركة الجميع لتحديد البرنامج السياسي. وفي السياق، قال المحلل السياسي عمر الغول، إن الانتخابات متفق عليها، ولكن هناك ملف الموظفين والسلاح والمعابر والتشريعات والضرائب لا تزال عالقة، وسيكون للفائز في الانتخابات القرار في حلها. وأكد أن السلاح والأمن هي الأساس والمشكلة، وإذا التزمت حماس بالشرعية وسلمت السلاح ووضعته في المخازن نكون وصلنا لحل، وهذا ما لم تقبله حتى الآن، وبذلك سيكون السلاح خارج نطاق البحث، وحتماً سيتم التوصل لحل لهذا الملف. أما المحلل السياسي ناجي شراب فأوضح أن أصعب ملفات المصالحة هو سلاح المقاومة، ولا يمكن أن يتم تسليم سلاح المقاومة، لأن الاحتلال ما زال قائماً، أما الملف الثاني الأكثر صعوبة هو ملف الانتخابات، وبرأيي الشخصي مفتاحي المصالحة هما مفتاح السلام، ومفتاح النظام السياسي. وأوضح أن النظام السياسي كان سبباً في الانقسام، والذي أنشأته فتح على مقاسها التنظيمي، ولم يستوعب حماس، ومن أصعب الملفات بناء المنظومة الفلسطينية بأن يكون مقبولاً، وتحديد عمل السلطات والعمل بين المنظمة ومؤسسات الدولة والسلطات الثلاث، لأن ذلك يتعلق بالنظام السياسي. وتابع: «ملف الانتخابات الأكثر صعوبة، وملف النظام السياسي قد يحتاج لوقت، وفي الوقت الحالي لا يسمح لأي تنظيم سياسي ببرنامج سياسي يتعارض مع شروط الرباعية، وملف المقاومة يمكن حله، في حين يحتاج النظام السياسي رؤية بعيدة المدى ويمكن تأجيله، ولكن الأكثر إلحاحاً هو ملف الانتخابات، لأن الانتخابات تحتاج ضمانات إسرائيلية ودولية، ولا بد أن تكون الانتخابات متوافقة مع قرارات الشرعية الدولية والتي تقوم على نبذ العنف». واختتم بالقول: «لا يمكن للرئيس أو غيره تحديد مستقبل المقاومة، وسلاح المقاومة مرتبط بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة، وبالتالي حل مشكلة سلاح المقاومة يحتاج لدول، وأن يتحول المقاومون إلى جيش وطني يتم الاتفاق عليه، كما سوف يتم الاتفاق على ملف المؤسسة الأمنية، ولا يمكن لحماس الآن أن تسلم سلاح المقاومة، ومصر لن تسمح بذلك، وفي حال عدم إجراء انتخابات في الوقت الحالي، قد يتم التوجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية مستمرة في عملها لحين الانتخابات، وقد تستمر الحكومة في عملها لعامين مقبلين».دور تاريخي ولعبت مصر دوراً تاريخياً في إتمام المصالحة الفلسطينية وطي صفحة الماضي المقيت الذي ذاق فيه الفلسطينيون مرارة الانقسام وتداعياته الخطيرة على واقع القضية الفلسطينية، إلا أن هنالك العديد من العقبات أو الملفات التي تنتظر لحظة الحسم لإتمام المصالحة بصورة عملية ونهائية عقب أن تم الاتفاق على النقاط الأساسية منها برعاية مصرية. ويوضح مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالقوات المسلحة المصرية الخبير العسكري والاستراتيجي سمير فرج لـ «البيان»، أن عملية المصالحة الفلسطينية نظرياً تمت بشكل نهائي، لكن على مستوى «التنفيذ» بصورة نهائية سوف تكون هنالك مفاوضات لإتمام نقل السلطة الإدارية بكل أوجهها من حماس إلى الحكومة الفلسطينية، ووضع ترتيبات الأمن العام بالدولة وتسليم حماس للمخارج والنقاط المختلفة في غزة، وهذه جميعها أمور سوف تتم مناقشتها بين الطرفين في مصر خلال المفترة المقبلة. ويشير في السياق ذاته إلى معضلة السلاح الذي تملكه حماس باعتباره من بين تلك العقبات، ويذكر أن مسألة السلاح كما قال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، سوف تقوم حماس بتسليم السلاح الرئيسي الخاص بالشرطة وعناصر حفظ الأمن. لكن على أن يبقى معها سلاحها الخاص لاعتبارات القضية الفلسطينية الخاصة.ويقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقاهرة د. سعد الزنط، في تصريحات لـ «البيان»، إن العقبات الداخلية في إتمام عملية المصالحة غالبيتها تم حلها، لاسيما أن هنالك شعوراً أن حماس تقوم بتسليم السلطة الفلسطينية الرسمية غزة عن قناعة ووعي، عقب أن أدركوا أنه عقب 11 عاماً كان كل ما مضى مضيعة للوقت وكلف الشعب الفلسطيني تكلفة باهظة، بشرية ومادية.رعاية مصرية وبدوره، يلفت أستاذ العلوم السياسية خبير العلاقات الدولية بالقاهرة د. جهاد عودة، إلى أن المصالحة بشكل كامل لم تتم بعد، فهنالك خيوط وعقبات يتم تداركها لإتمام المصالحة وتستكمل مصر دورها بين الطرفين الفلسطينيين لرعاية الاتفاق على آخر النقاط المشكلة للمصالحة على الصعيد العملي والترتيبات الداخلية. دور قطري كبير في تذكية الانقسام أكد المحلل في الشأن الفلسطيني والفكر الصهيوني، علي نجم الدين، أن من أهم العقبات التي ستواجه المصالحة الفلسطينية، هي تسليم سلاح حماس، فحماس ليس بهذه السهولة ستسلم ما لديها من سلاح، في الوقت الذي ترى فيه جزءاً من قوتها وعمقها، بالإضافة إلى أن هنالك مجموعة من التحالفات، ومن أبرزها دولة قطر التي تغذيها بالخفاء والعلن، وتزيد من صلابة موقفها، حيث لعبت الدوحة دوراً كبيراً في تذكية الانقسام بين الفلسطينيين. مصالحة شكلية ويعتقد نجم الدين، أن هذه المصالحة هي شكلية فقط، بسبب وجود مشاكل وتراكمات عديدة لا يمكن حلها بسهولة، ومن أهمها المواجهات التي ستظهر من أجل تقاسم مراكز القوى، وهنالك أيضاً الفصائل الأخرى. فالعقبات عديدة، خاصة في انتخابات منظمة التحرير، وفي البرامج السياسية وغيرها على أرض الواقع. وهذا سيؤدي إلى تحفيز الصراع الذي لم ينتهِ في حقيقته، وستحاول مصر جاهدة أن تهدئ وتنظم سير الأمور كافة. قضايا إجرائية أما الكاتب والباحث المختص في الملف الفلسطيني، حمادة فراعنة، فأوضح أن كل العقبات موجودة، ولكن ستتذلل، في الوقت الذي يصبح فيه اتفاق من قبل الطرفين على الشراكة. والعقبات هي قضايا إجرائية، وفي حال توفر الإرادة السياسية، فإن المسافة بين الطرفين ستصغر. وفي الفترة المقبلة، سيكون هنالك لقاء ثنائي بين الطرفين، وبعده لقاء الطرفين مع 13 فصيلاً فلسطينياً. بالطبع سيتم نقاش الصعوبات، إلا أن العنوان الأبرز لهذه المرحلة، هو قبول الشراكة، فلا خيار أمامهم، وسيكون هنالك ثلاثة محاور رئيسة للصياغة، وهي البرنامج السياسي وكيفية إدارة منظمة التحرير الفلسطينية والاتفاق على ماهية الأدوات الكفاحية.
مشاركة :