أجرى باحثون في مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) دراسة نوعية استهدفت العاملين في المجال الصحي الذين نجوا من إصابتهم بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "كورونا" أثناء أدائهم لمهامهم الوظيفية لمعرفة أبعاد تأثير تلك الإصابة وكيف أثرت في قيمهم الوظيفية والاجتماعية والنفسية. وتتركز أهمية هذا البحث والذي لا يقل أهمية عن اكتشاف علاج للفيروس؛ حيث إنه يقدم لنا تصوراً عن تداعيات الإصابة بالفيروس وما يسببه التقاط العدوى من آثار بحيث نتمكن من تحسين الوضع الصحي والاجتماعي للعاملين الصحيين، مما يترتب عليه فهم لطبيعة الإصابة وتحسين الأوضاع بصورة تنعكس على العاملين وغيرهم من المصابين بذلك الفيروس. وقدمت الدراسة منظوراً مختلفاً للمرض، حيث إن الممارس الصحي يعاني من اضطرابات نفسية بأكثر من اتجاه: الأول وهو الأهم فالمصاب يعاني صراعاً بين واجبه كممارس صحي وبين خوفه على نفسه وعلى من يتوقع أن ينقل لهم هذه العدوى. في هذا المنوال خلص الباحثون لوجود نوع من الصراع بين ما يجب أن يقدم وبين الخوف الناتج من قيمة حماية النفس. الاتجاه الثاني كان صراعهم بما يعرفونه عن طبيعة المرض، فبعد أن كانوا يقدمون العناية للمرضى في العناية المركزة أصبح بعضهم يقدم له العناية المركزة مع معرفة تامة بتداعيات المرض المستقبلية، مما أثر عليهم سلباً وزاد من مخاوفهم. والاتجاه الثالث يتعلق بنظرة زملائهم ومحيطهم الاجتماعي لهم، فقد وجدت الدراسة أن الناجي من الإصابة يعاني من النبذ والعزلة الاجتماعية بل ويصل لدرجة الوصم إذ أن بعضهم عبر بما يعانيه من ألم العزلة بقوله إنه يشعر وكأنه أقذر شخص على وجه الأرض. ومثل تلك المعاناة لها وقع شديد على الشخص ولو كانت بشكل سطحي وتأثر على الحالة النفسية والعاطفية. ولا يخفى على أحد بأن المعاناة الاجتماعية لا تقل ألماً عن الضرر الجسدي بل وقد يستمر أثرها لمدة أطول. وانتهت الدراسة إلى أن العاملين يعانون من أعراض صدمة نفسية واجتماعية والتي قد تأثر على أدائهم الوظيفي ويجب الالتفات لتأهيليهم بصورة تتناسب مع حجم المعاناة التي مروا بها. الجدير بالذكر أن الفريق البحثي كان يتكون من د. عبدالله عدلان ود. حنان بلخي والأستاذة اورينب أبو عباس، وقد قاد الفريق كباحث رئيس د. عادل المطيري.
مشاركة :