لهذه الأسباب يكره الناصريون والإخوان والبعثيون السادات؟

  • 10/8/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كان تفكيره سابقا لعصره، داهية كما وصفته وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية والغربية على السواء، كان صاحب قرار العبور والحرب، وصاحب قرار السلام، وفي كلا القرارين أذهل العالم وأدهش الجميع، ولذا استحق اللقب الذي عشقه وتمسك به وهو بطل الحرب والسلام. لكن كل هذا لم يشفع له عند الناصريين والإخوان والبعثيين، فقد حاولوا تشويهه بضراوة، انتزعوا منه كل إنجاز، سلبوه فضائله، ومآثره، اتهموه بالعمالة للغرب والانقلاب على عبد الناصر ومبادئ ثورة 23 يوليو، بل شنوا عليه حملات ظالمة ومسيئة لتاريخه، وشمتوا فيه بعد اغتياله، واعتبروا ذلك نصرا من السماء لهم وعقابا إلهيا له. ربما لا يعرف كثيرون أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات المولود في 25 ديسمبر من العام 1918 من أب مصري وأم تنحدر من عائلة سودانية، كانت له واقعة غريبة في فترة طفولته في قريته ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، ورغم غرابتها فقد كانت كاشفة لشخصيته التي تعتز بنفسها، وتثق في قدراتها، وتشعر وتتنبأ بما سيكون لها من دور كبير في المستقبل. الواقعة رواها الكاتب الصحافي الراحل موسى صبري، وتتلخص في أن الرئيس السادات كان يسبح في ترعة قريته وتعرض للغرق وكاد يلقى حتقه، حتى أنقذه شباب كان يمرون مصادفة، وعقب انتشاله وإفاقته سأله أحدهم، ماذا كنت تشعر وأنت تتعرض للموت غرقا؟ فقال السادات بلهجة حاسمة وواثقة كنت حزينا وأشعر بالأسى لأن مصر كانت ستفقد أنور السادات. عداء الناصريين والإخوان والبعثيين للسادات له أسبابه وبالطبع ليس من بينها أنه انقلب على عبد الناصر ومبادئ ثورة 23 يوليو، لكنْ للقصة أسباب أخرى. كراهية هؤلاء للسادات ترجع لكشفه لمخططاتهم وتمسحهم لعبد الناصر في سبيل الوصول للحكم والانفراد بالسلطة، لذا أزاحهم في 15 مايو 1971 فيما سمي بثورة التصحيح، وفضح الإخوان وكشف زيف أفكارهم وفضح مخططاتهم لإثارة الفوضى والوصول للحكم، وفضح أساليب البعثيين في ركوب موجة القومية العربية والقفز بها على الحكم، وتنبأ بفداحة ما سيفعله الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في الأمة العربية. عقب توليه الحكم بعد وفاة عبد الناصر حاول رجال عبد الناصر المتغلغلون والنافذون في كل مفاصل الدولة عرقلة السادات، وتحويله لمجرد حاكم بلا صلاحيات، وبدؤوا في إثارة الاضطرابات حوله بحجة انقلابه على مبادئ عبد الناصر، لكنه فطن لهم ولمحاولاتهم في تأليب الجماهير المحبة لعبد الناصر عليه. وخلال خطابات له أكد السادات للجماهير أنه يسير على خطى عبد الناصر، وأنه كان شريكا لعبد الناصر في كل قرارته، وبالتالي لن يستطيع الانقلاب عليها لأنها قرارته، وقال السادات موجها حديثه للشعب أقول أمامكم إحقاقًا للحق ولمسؤوليتي التاريخية جملة أمور منها أنني لن أفرط في المسؤولية، إطلاقًا، ولن أسمح بقيام أي مركز من مراكز القوى، مهما كان مكانه، ومهما كانت قوته أبدًا. وأضاف: أعيد هذا الكلام الآن للجيش والشعب، ويسمعني أيضًا ، الذين تصوروا أنهم قادرون على عمل انهيار للجبهة الداخلية، ويحققون أهداف أعدائنا ويضربون قواتنا المسلحة، ولكن بفضل الله لم يحدث ذلك، وقواتنا ما زالت قوية. واستكمل: لن أفرط في الأمانة، لن أسمح بقيام مراكز قوى أبدًا، سأتقدم للشعب لإجراء انتخابات حرة من القاعدة إلى القمة للاتحاد الاشتراكي، وسأشرف بنفسي ولجنة قضائية في مكتبي، ومستشارين من وزارة العدل، للإشراف على كل صغيرة وكبيرة. وخلال أيام قليلة أطاح السادات بكل مراكز القوى واعتقلهم جميعها وسط مباركة شعبية. في مساء الثلاثاء 11 مايو 1971، حضر أحد ضبّاط إدارة الرقابة بوزارة الداخليّة، إلى منزل السادات، وطلب مقابلته، وقدّم له عدة تسجيلات تكشف ما يدبر له من رجال عبد الناصر ورغبتهم في الانقلاب عليه، ومنعه من إلقاء خطابه في التلفزيون ومن ثم عزله. وبعد 48 ساعة أصدر السادات قرارات وصفت بثورة التصحيح اعتقل فيها كل مراكز القوى ورجال عبد الناصر، وتخلص ممن حاولوا الانقلاب عليه وبينهم مقربون جدا لعبد الناصر، وانعقدت محكمة استثنائية لمحاكمتهم بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وصدر حكم بالإعدام ضد بعضهم، لكن السادات خفف الحكم إلى السجن لمدد متفاوتة، وقضى بعضهم المدة كاملة في السجن، وأفرج عن آخرين لأسباب صحية. بعد تلك الواقعة كره الناصريون السادات واعتبروا أن ما فعله بالتخلص منهم انقلابا على عبد الناصر، لذا سعوا عبر وسائل إعلام تابعة لهم خارج مصر إلى تشويهه، والإساءة له ولتاريخه، لكنه كان يرد عليهم في كل مناسبة بأنه على خطي عبد الناصر، ولن يخالف مبادئ عبد الناصر وثورة 23 يوليو. وعندما وقع السادات معاهدة السلام زادت ضراوة الحرب عليه من الناصريين ورموزهم سواء داخل مصر أو خارجها لكنه كان يرد، بأنه يسعى لحقن دماء أبنائه فقد انتصر وحرر الأرض، ولن يخوض حروبا أخرى حماية لشعبه ومقدرات بلاده، وصدرت كتب ومؤلفات عديدة تهاجم السادات وتتهمه بالعمالة للغرب والانحناء لأميركا والتسليم لإسرائيل والخنوع لها، وهو ما لم يلتفت له السادات وأصر على المضي قدما في عملية السلام واستعادة الأرض. طوال تلك السنوات كان السادات يرد على منتقديه بأنه يهدف لصالح مصر والشعب المصري دون النظر لأي اعتبارات أخرى. وقالت جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل في حوار إعلامي لها إنها تبدي استياءها من كراهية الناصريين للرئيس الراحل، رغم حب أنصار السادات لعبد الناصر وعشقهم له، قائلة إن السادات قرر حبس رجال عبد الناصر عام 71 بسبب الفوضى التي أثاروها ضده، مؤكدة أن الناصريين كانوا يشكلون خطراً عليه واجتمعوا ضده وشتموه ووصفوه بالخائن وطالبوا بعزله. وأضافت أن الناصريين كانوا يريدون من السادات السير على خطى ناصر، لكن لكل عصر ظروفه ومتغيراته، السادات انتصر وحرر أرض مصر، والحروب تكلفتها باهظة وفاتورتها ضخمة، لذا أراد تجنيب مصر ويلات الحروب والتفرغ للبناء والتنمية ولكن الناصريين رفضوا ذلك ومازالوا يعيشون على أطلال الماضي. وأشادت قرينة السادات بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مؤكدة أنه كان ظاهرة وكاريزما في المنطقة وإفريقيا بمواقفه الكثيرة، التي لن تتكرر، مضيفة: بالقول لذا تعجبت كيف سيستطيع السادات ملء هذا الفراغ الذي خلفه عبد الناصر؟ وقالت إن السادات استطاع ملء فراغ عبد الناصر وذاع صيته عالميا وهو ما أدى لحقن وحقد الناصريين عليه. سجل السادات مع الإخوان لم يكن يشوبه الود بل كان مليئا بالكراهية والعداء من جانب الإخوان، فرغم أن #السادات أخرجهم من السجون التي وضعهم فيها عبد الناصر، وفتح لهم أبواب العمل السياسي، وأصدر لهم منابر إعلامية، إلا أنهم عادوا لسيرتهم الأولى وحاولوا بث الفوضى والاضطرابات في الشارع، واستخدموا أذرعهم المسلحة والسرية لشن عدة اغتيالات تهدف في النهاية لانقلاب على النظام والقفز على الحكم، وهو ما تنبه له السادات وأجهزته فأعادهم للسجن مرة أخرى وأوقف نشاطهم وعملهم السياسي، وصادر مقارهم. كل هذا كان وراء كراهية الإخوان للسادات واتهامهم له فيما بعد أيضا بالخنوع والعمالة والتفريط في الأرض وكلها اتهامات زائفة لا أساس لها من الصحة. لم يكن السادات يرتاح لحزب #البعث، كان يري فيه وفي قيادته رغبة في الهيمنة والديكتاتورية واستغلال موجة القومية العربية للقفز على الحكم والسيطرة على مقدرات الشعوب، هاجم السادات الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ودان قمعه لأبناء #سوريا واستعانته بالقوات الروسية لتمكنيه من الحكم والبقاء دون إرادة أبناء سوريا، وهو السيناريو الذي حدث مستقبلا مع بشار #الأسد وأدى لتشريد وقتل وإصابة الملايين من السوريين مقابل بقاء بشار الأسد في السلطة. وفي برنامجه سنوات الفرص الضائعة الذي كان يقدمه على قناة النهار كشف الدكتور مصطفى الفقي السكرتير الأسبق للرئيس حسني #مبارك للمعلومات أن السادات تنبأ بما سيفعله الرئيس العراقي صدام حسين في الأمة العربية، وقال الفقي إن السادات قال لهم إن صدام سيخرب الأمة العربية لأنه طائش ومتهور وعقب سنوات من رحيل السادات تحقق توقعه وكان صدام وبسبب رعونته وطيشه وقراره المتهور بغزو الكويت سببا في تشرذم الأمة العربية وسببا كبيرا فيما بعد لما حدث ومازال يحدث في العراق. كان السادات رجلا يجيد قراءة الأحداث واستشراف المستقبل، وتنبأ بعد رفض دول المواجهة للاجتماع في ميناهاوس والتفاوض مع إسرائيل لاستعادة الأرض، أن يلهثوا فيما بعد للتفاوض والصلح وهو ما حدث في اجتماعات مدريد بعد 25 عاما وما تبعها من اتفاق أوسلو 1993 ويحدث الآن للوصول لحل الدولتين. في مقابلة له مع صحافي أجنبي وقبل شهور قليلة من اغتياله وجه الصحافي سؤالًا له قائلا سيدي الرئيس ماذا تود أن يُكتب عنك بعد رحيلك؟، فأجاب السادات: أود أن يكتب على قبري، عاش من أجل السلام، ومات من أجل المبادئ.

مشاركة :