تقول أطروحة فوكوياما عن نهاية التاريخ ما كانت تعتقده الايديولوجية البرجوازية في القرن التاسع عشر وما لاحظه ماركس في البيان الشيوعي، وهو أن العالم الذي تبنيه بسيطرتها هو أفضل العوالم، لأن ما تقوله يأتي ردا على موجة التشاؤم التي انتشرت في القرن العشرين حول التقدّم السياسي والاجتماعي للبشرية وتنظيرا لسقوط الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة، أي بعد هزيمة الشيوعية أمام الليبرالية يلاحظ فوكوياما أن عصرنا يشهد انتصارا عالميا كاسحا للرأسمالية والديموقراطية الليبرالية، ومن أجل مزيد من الوضوح حول هذه النقطة نستعين بأدبيات الفيلسوف اللبناني ناصيف نصار الذي يحدثنا عما ينبغي حول تبديد التباس ناتج من التاريخ النضالي المعقّد في القرون الأخيرة تحت راية الليبرالية كمصطلح ايديولوجي، وبين الليبرالية كمصطلح فلسفي، فيقول ناصيف نصار: لقد تكوّنت الليبرالية وتبلورت كايديولوجية للتعبير عن فاعلية الطبقة البرجوازية في مجتمعات أوروبا الغربية الخارجة من إقطاعية العصور الوسطى، ولكن مبدأ الحرية الذي لقي اهتماما متزايدا ومتواصلا لدى الفلاسفة في القرون الأربعة الأخيرة تمحور حول شعار الحرية وسعى إلى تجسيد هذا الشعار في الممارسة والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية والإعلامية، مثل الكانتية والسارترية، لكن المسؤولية الاجتماعية تتعين إعادة بناء الليبرالية، فالمفهوم الفرداني للحرية باعتبار الفرد سيد نفسه ومستقلا وحرا كليا في أفعاله بجعل الفرد مسؤولا أمام القوانين التي تسنها السلطة العامة المنبثقة من العقد الاجتماعي. ويشير ناصيف لحركة الروح وصيرورته في العالم، وهي الوعي والوعي بالذات والعقل لفلسفة هيغل، باعتباره فيلسوفا ليبراليا، ويستعين في مناقشاته بمحمد عبده وعبدالله العروي والفارابي والماوردي، ويصل بِنَا الى أن صراع الإنسان من أجل الحقيقة ومن أجل المعنى، وهو صراع لا يقل أصالة وضراوة عن صراعه من أجل الحرية لا ينتهي بانتصار الليبرالية واستتباب أمرها، بل ينتقل إلى مرحلة من أهم سماتها بأنه ليس له نهاية الذي يتطلب إعادة بناء دائمة، وبخاصة معالجة مشكلة اليقين ومشكلة التواصل ومشكلة العقائد المشتركة، هل ثمة معنى لقول إن التاريخ قد انتهى وإننا دخلنا زمنا ما بعد التاريخ..؟! أخيراً، ما سبق مجرد إشارة لأفكار فيلسوف عربي، بل هناك غيره الكثيرون من يؤيد أو ينتقد الليبرالية، ومع هذا هناك مطالبات لإشهار الجمعية الليبرالية الكويتية، ومن حيث المبدأ والعدالة نحن مع الإشهار، لكن من خلال أكثر من عقد من الزمان تم بقصد أو لإماتة ما نعرفه «بالتيار الوطني» واستخدام «التيار الليبرالي»، عوضا عن ذلك، ففي المفهوم الاجتماعي قد يفترض البعض أنه لا فرق، لكنني من وجهة نظري الخاصة أن التيار الوطني أشمل وأعم من الناحية التنظيمية والفكرية، فهو في الأصل كان قد جمع القومي والاشتراكي وغيره، تحت مظلة وطنية جامعة وشكراً..! يعقوب عبدالعزيز الصانعylawfirm@
مشاركة :