هل كان حقا "عبده خال" من جماعة جهيمان؟

  • 10/9/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان ما كشفه الكاتب والقاص السعودي، عبده خال، في لقاء تلفزيوني أجري معه مؤخراً، أحد رجالات جهيمان العتيبي، مقتحم الحرم المكي سنة 1979، أمراً لافتاً بالنظر إلى مضي 4 عقود على حكاية جهيمان وشهادات من عاصره أو اختلط به من بينهم أفراد الجماعة "السلفية المحتسبة"، ذاتها، أو جماعة أهل الحديث "الجهيمانية"، نسبة إلى جهيمان. ووفقاً لما ذكره الكاتب عبده فإنه كان من المفترض أن يكون من بين من اقتحموا الحرم المكي ضمن جماعة جهيمان لولا منع شقيقته له باعتباره ما زال صغيراً ولا يمكنه البقاء لمدة ثلاثة أيام خارج المنزل، بغرض الاعتكاف، قائلا: "إنني كنت أحد رجالات جهيمان.. حقيقة اقتربت من أن أصبح من ضمن المجموعات التي كانت على وشك أن تدخل الحرم... وكنت في سن الـ17 وصلت لمرحلة أن أؤذن في المسجد كنوع من استقطاب الشباب بكونه خدمة للدين، ونتحرك في العصر لدعوة الناس لتصحيح العقيدة، ثم انتقلت المرحلة إلى الاعتكاف من مكان لآخر.. نتحرك في مجموعات، ولك أمير تلتزم بأوامره وله السمع والطاعة". هذه الإشارة، والتي جاءت بعد كل هذه السنوات، أثارت استغراب الكثير من المتابعين والمثقفين في الساحة السعودية، الأمر الذي دفع للتحقق بمزيد من الأسئلة توجهنا بها للكاتب والقاص عبده خال، تناولت أسماء لبعض رموز الجماعة، وعن كراسات "جهيمان " التي عرفت فيما بعد برسائل جهيمان، التي طبعت في الكويت في مطبعة "الطليعة" اليسارية، تمهيداً لنشرها وتوزيعها، بما في ذلك البيت الذي دأب على الاجتماع فيه مع رجالات جهيمان، وتفاصيل أخرى عن يومياته مع من التحق بهم في مدينة جدة، وذلك للوصول إلى إجابة عن تساؤلنا هل حقا كانت جماعة "جهيمان" أم هي جماعة أخرى، كجماعة "التبليغ والدعوة" مثلا!. عن تفاصيل تلك المرحلة والتي استمرت 3 سنوات تحدث الكاتب عبده خال لـ"العربية نت"، وقال: "كان في حي جهينة حيث كنت أقيم حينها مع أسرتي، مسجد مجاور لمنزلنا، وفيه كنت ومجموعة من الشباب صغار السن نجتمع مع إمام الجامع (م.ل) يمني الجنسية، ومساعده، منذ صلاة العصر وحتى التاسعة والنصف مساء، ووفقا للجدول المحدد نتولى ما يعرف بـ "جهاد الدعوة"، وذلك من بعد صلاة العصر وحتى أذان المغرب، ثم تليها حلقات حفظ القران وتدارس كتاب رياض الصالحين الذي كان مقدما على باقي الكتب الشرعية، وبعد صلاة العشاء نقوم بتحضير الطعام. جهادنا كان يتكون من مجاميع يتم تأمير أمير على كل مجموعة لا يتجاوز عمره الـ 20 عاماً، من ثم تنتشر في الأحياء الشعبية، وكان الهدف وفقا لتبريرهم هو "تعفير الوجه في سبيل الله والمقصود به الغبار يصيب وجهك وشعرك، كناية عن غبار الجهاد "السلمي". ماذا كان هدفكم في الجولات؟: "كنا نكلف بتصحيح العقيدة فنتحرك بعد اختيار شخصيات بعينها يتم تحديدها من قبل أمير المجموعة بعد إصدار الحكم عليه بكونه فاسقا أو عاصيا أو زنديقا، وبغض النظر عن عمره، فكنا على سبيل المثال ننكر على كبار العمر أثناء لعبهم للعبة "الدومينو"، ونرميها على وجوههم، وبسبب ذلك نبدأ بتلقي الضربات من قبلهم، وهنا يتجسد لدينا معنى "الجهاد". فماذا بعد ذلك؟ "بدأ بعد هذه المرحلة انتخاب الشباب المتميز، وهنا التقييم يعتمد على عدد من تمكن الشاب في استقطابه أو فيمن أعاده إلى جادة الصواب لينتقل بسبب ذلك إلى مجموعة ثانية، وحينها وصلت إلى مرحلة أن أؤذن بالمسجد وأقرأ في الحلقة كتاب رياض الصالحين، ولم نكن نعرف أو نتداول حينها رسائل جهيمان، فلم تكن متداولة ولم نسمع بها سوى بعد حادثة الحرم المكي، التي بدأ قبلها بأيام قليلة انتخاب الشباب وفرزهم للاعتكاف بمسجد الأمير متعب، وذلك بهدف أن تلتحم مجموعتنا مع باقي المجموعات ولتتعرف المجموعات على بعضها البعض من مختلف مناطق جدة، وهو الأمر الذي رفضته شقيقتي الكبرى حيث لم يكن مقبولا لشاب لا يتجاوز الـ17 عاما المبيت خارج المنزل فكيف بثلاثة أيام". وأضاف: "بعد أيام وصلتنا أخبار اقتحام الحرم المكي وعرفنا أن مجموعة كبيرة ممن كانوا مجتمعين في جامع الأمير متعب شاركوا في حادثة الاقتحام، واستوعبت حينها أن الفكرة كانت للتجنيد، اختفى بعدها إمام الجامع ومساعده، وغاب عن الأنظار ولم نشاهده من بعدها كما لم يكن من بين المشاركين، وبعد القبض على مجموعة ممن كانوا معه، حلقت ذقني وطولت ثوبي وتخلصنا جميعا من المظاهر الشكلية للتدين، وتبرأ الشباب من كل ما يتعلق بجهيمان، فكل ما كنا نعرفه حينها أننا كنا نتعبد". هل صادف وأن التقيت بجهيمان أو أحد رفاقه المقربين؟: "الشباب صغار السن كانوا بعيدين تماما عن القيادات لم تكن هناك أي معرفة بالقيادات ولم تكن هناك قيادة تدعوك للعمل الحركي، إمام الجامع ومساعده هما فقط من كانا يتوليان التوجيه". للوقوف أكثر على شهادة الكاتب عبده خال، ذهبنا إلى ناصر #الحزيمي أحد المنتمين إلى #الجماعة_السلفية المحتسبة، وأحد رفاق جهيمان والذي تولى توزيع ونشر أولى رسائل جهيمان العتيبي، فكان رده فيما ذكره الكاتب عبده: "بالوصف الذي ذكره الصديق عبده خال فهي لم تكن جماعة جهيمان وإنما غالبا جماعة التبليغ والدعوة وهذه جماعة دعوية ذات توجه صوفي، تختص بقراءة كتاب رياض الصالحين، والاعتكاف للصلاة، وتخرج للدعوة والاحتساب أياما وشهورا". وتساءل الحزيمي عما يعرف ببيت "الإخوان"، (وهو الوصف الذي أطلقه أتباع جهيمان على أنفسهم وعرفوا به بين العامة)، في مدينة جدة الواقع بحي الرويس، والذي اعتبر مركز الالتقاء الدائم للشباب ومعارف جهيمان، وعلى حد وصف الحزيمي "كان بحركة مستمرة"، أسوة بباقي بيوت "الإخوان" في مدينة الرياض، ومكة، والطائف قائلا: "لا يمكن لمن كان من أتباع جهيمان ألا يمر على هذا البيت مقر التجمع والالتقاء الدائم". إن عدم تداول "جماعة" عبده خال لرسائل #جهيمان وتدارسها، وغياب أسماء بارزة تصدرت مشهد الجماعة "السفلية المحتسبة"، كيوسف باجنيد، أحد من شارك في حادثة اقتحام الحرم المكي ومن بين من أعدم مع جهيمان، ويوسف أكبر، وأمين شيقاوي، وعبد الله بن مبيريك، المقرب من جهيمان والذي توفي بعد أيام في الحرم على إثر إصابته في عنقه، وإضافة إلى ما ذكر ضمن حديث الكاتب عبده، هي جميعها مؤشرات تؤكد اللبس الذي وقع والخلط ما بين الجماعات في ظل وجود بعض المشتركات "الطقوسية" التي تلتقي فيما الجماعات والتيارات، وهو اللبس الذي أشكل أيضا حينها على الجهاز الأمني بعد عملية اقتحام الحرم المكي، لعدم وضوح الفوارق ما بينها وبين "السلفية المحتسبة"، فكان أن أوقف عددا من أتباع جماعة التبليغ تزامنا مع العمليات الأمنية، التي استهدفت ملاحقة أفراد حركة جهيمان، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد اتضاح اللبس ما بين الجماعتين.

مشاركة :