مدنيون عالقون في مدينة الرقة تحولوا الى دروع بشرية للجهاديين

  • 10/9/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حاوي الهوى (سوريا) (أ ف ب) - مع انكفائهم الى آخر جيوب لا تزال تحت سيطرتهم في مدينة الرقة، يجبر مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية المدنيين العالقين بين المعارك على الانتقال معهم من مبنى الى آخر ليحتموا بهم من نيران قوات سوريا الديموقراطية وحليفتها واشنطن. وتروي ام علاء بعد فرارها من مدينة الرقة، لوكالة فرانس برس كيف اجبرها الجهاديون وعائلتها على الانتقال مرتين ليكونوا مجرد دروع بشرية لهم. وتقول ام علاء التي كانت تسكن في حي البريد في غرب المدينة "منذ نحو اسبوع، اتى مقاتل عراقي الى منزلنا واخبرنا ان هذا الحي بات منطقة عسكرية". ومن على كرسي بلاستيكي خارج احد المساجد في قرية حاوي الهوى غرب الرقة، تروي ام علاء "نقلونا الى مبنى آخر (قريب)، كنا نرى منزلنا ولا نستطيع الذهاب اليه". وبعد ثلاثة ايام، عاد الجهاديون لينقلوا العائلة ومدنيين آخرين الى حارة البدو التي شهدت دمارا كبيرا جراء المعارك. وبالقرب من زوجته، يقول ابو علاء "امسكوا بنا كدروع بشرية، ابقوا علينا هناك ليحتموا بنا"، مضيفا "قالوا لنا: اذا ذهبتم سوف يدمرون البلد فوق رأسنا". بعد معاناة طالت نتيجة المعارك وانقطاع الحاجيات الاساسية وظلم الجهاديين، تمكنت عائلة ابو علاء الجمعة من الفرار. وعلى غرار مدنيين آخرين رووا معاناتهم لوكالة فرانس برس، رفض افراد العائلة التصريح باسمائهم كاملة خشية انتقام الجهاديين من اقارب واصدقاء لهم لا يزالون عالقين في مناطق سيطرتهم. - دروع بشرية قرب آبار المياه - تخوض قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن منذ السادس من حزيران/يونيو معارك داخل مدينة الرقة بدعم من التحالف الدولي بقيادة اميركية. وباتت تسيطر على نحو 90 في المئة من المدينة. واجبرت المعارك في الرقة عشرات الاف المدنيين على الفرار من المدينة، وتقدر الامم المتحدة ان نحو ثمانية آلاف لا يزالون عالقين فيها. كما قتل مئات المدنيين واصيب اخرون بجروح جراء المعارك والغارات الكثيفة على المدينة. وتعمل قوات سوريا الديموقراطية في الوقت الحالي على مطاردة مقاتلي التنظيم الذين يتركزون بشكل اكبر في مبان عدة في وسط المدينة. ولم يعد امام الجهاديين خيارات كثيرة، ولحماية انفسهم اختاروا التمركز في ابنية سكنية غير آبهين بالمدنيين واطفالهم، وفق ما تقول مهند التي فرت مؤخرا من حارة البدو برفقة اطفالها الاربعة. وتروي مهند، المرأة الثلاثينية ذات العيون العسلية "كانوا يريدون دخول القبو او الطابق الاول من المبنى ليحموا انفسهم بالمدنيين". دفع مقاتلو التنظيم المتطرف بمهند واطفالها الى الانتقال اربع مرات من مكان الى آخر، وحين وصلوا الى حارة البدو لم يجدوا الا القليل ليأكلوه. ولم يكن بامكانهم الخروج سوى لتزويد مقاتلي التنظيم بالمياه من آبار قريبة. وتقول ام محمد، امرأة ثلاثينية اجبرت ايضا وعائلتها على الانتقال الى حارة البدو، "كان داعش يعبئ المياه للمقاتلين اولا ويجبر المدنيين على الانتظار ساعات طويلة ويكونوا بذلك يحمون انفسهم من الطائرات". كان ابنها محمد (19 عاما) يخرج فجر كل يوم للتزود بالمياه ولا يعود الى المنزل الى بعد ست ساعات. وفي آخر مرة، خرج محمد ولم تره والدته منذ ذلك الحين. وتقول ام محمد "منذ ايام عدة، خرج عند الساعة الرابعة فجرا ولم يعد. سمعنا ان غارة وقعت قرب البئر"، وتضيف "لم اجد حتى خفه". وقتل 18 مدنيا يوم الثلاثاء الماضي اثناء تجمعهم بالقرب من بئر للمياه، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان وقتها. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التأكد ما اذا كان محمد بين القتلى. - "نحن في الوسط" - وغالباً ما ينفي التحالف الدولي تعمده استهداف مدنيين، ويؤكد اتخاذه كل الاجراءات اللازمة لتفادي ذلك. واقر في 29 أيلول/سبتمبر بمسؤوليته عن مقتل 735 مدنيا بشكل غير متعمد جراء غارات شنها منذ بدء عملياته العسكرية في آب/اغسطس 2014 في سوريا والعراق المجاور. وتقدر منظمات حقوقية العدد باكثر من ذلك بكثير. ومن بين قتلى غارات التحالف، علاء الابن الاكبر لام علاء، الصيدلي الذي قُتل اثناء محاولته مساعدة جرحى احدى الغارات وترك عائلته خلفه. تلبس ام علاء حفيدها حسن حذاء وتقول "لكي يقتلوا مقاتلا واحدا من داعش يقتلون عشرة مدنيين"، في اشارة الى غارات التحالف. وتضيف "الجانبان يطلقان النار ونحن في الوسط". ورجح المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون ان يكون تنظيم الدولة الاسلامية يتخذ المدنيين رهائن في بعض المواقع التي لا تزال تحت سيطرته وبينها المستشفى الوطني في وسط المدينة. واكد ديلون ان التحالف يولي اهتماما "استثنائيا في مخططاتنا وعملياتنا لضمان الا يطال الضرر المدنيين الابرياء". لكن منظمة هيومن رايتس ووتش تجد ان الاجراءات التي يتخذها التحالف الدولي "غير كافية"، وفق ما يقول مدير قسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب في المنظمة نديم حوري. ويوضح حوري في حديث لوكالة فرانس برس "من الممكن انقاذ المدنيين، وهذا يعني في بعض الاحيان ابطاء العملية، التقدم ببطء اكثر، اتخاذ المزيد من الاجراءات الوقائية، ومن الممكن حتى عدم استخدام قنبلة ضخمة ضد قناص". ويرى حوري ان اعتماد التحالف الدولي على طائرات الاستطلاع لتحديد ما اذا كان هناك مدنيين ليس بالامر الكافي خاصة لوجودهم داخل المنازل. ويقول "المعركة ليست مجرد السيطرة على مبنى او مساحة معينة. انها بالنهاية لحماية المدنيين".مايا جبيلي © 2017 AFP

مشاركة :