بعد خمسين عاماً على استشهاده، ما زال أرنستو تشي جيفارا ملهماً للملايين حول العالم، في مواجهة قوى الاحتلال واغتصاب الحقوق.. موت جيفارا لم يمنع بقاءه رمزاً عاش فى أفئدة من رأوه مثالاً للإنسان الذى يضحى بحياته من أجل المعذبين والتعساء، رغم تغبر الزمن، وتراجع تجارب النضال ضد «الامبريالية». وبقيت عملية القتل القذرة التي ارتكبت بحق «تشي»، وتلك الصورة، بعد مقتله، ممدّداً فوق ما يُشبه المذبح، التي ستُعيد للعالم طيف المسيح مُمدّداً، نازفاً، كما رسمه فيليب دي شامبين قبل ثلاثة قرون.. أصبحت هذه الصورة في مثل هذا اليوم، تسجل نصف قرن على «ولادة» الأسطورة. وجريمة اغتباله، التي نفذت ببندقية أعدائه من العملاء الأمريكيين، كرّسته رمزاً عالمياً للحرّية التي جال العالم من أجلها، ثائراً مسلّحاً، أو سياسياً ببزة ثائر، وجعلت آلاف الثوريين يسيرون على خطاه، من الأرجنتين إلى المكسيك، فكوبا والكونغو، وصولاً إلى أدغال بوليفيا. شارك جيفارا، مع رفيق دربه فيدل كاسترو، فى قيادة الثورة الكوبية إلى أن انتصرت عام 1959. حلم ببناء مجتمع اشتراكى عادل فى كوبا. ولكنه سرعان ما تصور أن تربص الولايات المتحدة (الإمبريالية الأمريكية كما رآها) بكوبا هو المشكلة، فآمن بفكرة الثورة العالمية، ولذلك ترك جيفارا منصب وزير الصناعة وغادر كوبا عام 1965، ليواصل النضال فى بلدان أخرى بأمريكا اللاتينية، إلى أن ألقى القبض عليه فى بوليفيا وأُعدم فى الميدان. جيفارا مات .. جيفارا مات/ آخر خبر فى الراديوهات). بهذه الكلمات بدأ الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم أغنية وداع شى جيفارا، التى لحنها وغناها الفنان الراحل الشيخ إمام عيسى، عقب مقتله فى مثل هذا اليوم منذ 50 عاماً .. وكانت مصر إحدى دول قليلة للغاية زارها، حين جاء للإطلاع على تجربة الإصلاح الزراعى، واستقبله الزعيم العربي الراحل عبد الناصر فى قصر القبة. وكان الحزن كبيرا في مصر والعالم العربي، على رحيله في عام النكسة 1967 .. ووقع خبر مقتل جيفارا صاعقاً، وكانت الصدمة أنه قبل بأيد أمريكية أسهمت فى النتيجة التى انتهت إليها حرب 1967.. وتجلت كلمات الشاعر «نجم» في وصف الحزن والصدمة: (مات الجدع فوق مدفعه جوة الغابات/ جسَّد نضاله بمصرعه ومن سُكات/ لا طبالين يفرقعوا ولا إعلانات/ ما رأيكم دام عزكم يا أنتيكات/ يا غرقانين فى المأكولات والملبوسات/ يا محفلطين يا ملمعين يا جمسينات)! إرنستو تشي جيفارا، ولد في الأرجنتين، في الرابع عشر من يونيو/ حزيران من عام 1928 وعاش فترة مأساة لاجئي الحرب الإسبانية الأهلية وكذلك العديد من الأزمات السياسية في الأرجنتين، وذلك في عهد الديكتاتور الفاشي لجوان بيرون، مما غرس في ذهنه كرهاً للظلم والاستعباد، درس جيفارا الطب في جامعة بوينيس آيريس، ثم تخرج منها في عام 1953م، ولم تسنح له الفرصة للتجنيد العسكري؛ والسبب في ذلك يعود إلى إصابته بالربو. ربما كانت البداية في تحول حياة «جيفارا» حينما تجول حول أمريكا الجنوبية برفقة أصدقائه على دراجةٍ نارية وهو في السنة الأخيرة من دراسته، وساهمت هذه الرحلة في صقل شخصيته، وزيادة إحساسه بوحدة أمريكا الجنوبية، وشعوره بالظلم الكبير الواقع عليها من الدول الإمبريالية، وسافر في عام 1953م إلى المكسيك التي تعتبر البلد الأمريكي الأكثر ديموقراطية، كما أنها كانت تعتبر ملجأً للثوار من دول قارة أمريكا الجنوبية ، وهناك تعرّف على «هيلدا جادي» التي قدمته إلى نيكو لوبيزا الذي كان أحد ملازمين فيديل كاسترو، وحينها عرف جيفارا أنه عثر على شخصية القائد الذي كان يبحث عنها. وخطط مع «كاسترو» لتحرير كوبا من حكم الدكتاتور باتيستا، حيث انطلقا ومعهما ثمانون ثائراً على متن سفينة متجهين إلى شواطئ كوبا، وفي ذلك الوقت عُرف جيفارا بـ «التشي» أو الصديق، واكتشفت القوات التابعة لباتيستا أمرهم، وهاجمتهم، فلم تترك منهم إلا عشرين ثائراً صعدوا على جبال السيرامايسترا، وأقنعوا الفلاحين والفقراء بضرورة قيامهم بثورة، الأمر الذي أمّن لهم حماية، وساعدهم على تسجيل انتصارات لهم على جيش باتيستا، وهناك أعلنوا عن نجاح الثورة، والقضاء على حكم باتيستا. تقلّد جيفارا حينها منصب وزير الثورة، وزار العديد من البلدان، والتقى بعدة قادة سياسيين؛ ومن أهمهم: جمال عبد الناصر، ونهرو، وتيتو، وسوكارلو، وفيما بعد شغل منصب وزير للصناعة، وكذلك وزير ورئيس للمصرف المركزي، وكان بمثابة الرجل الثاني في الدولة بعد فيديل كاستروا، وكان يؤمن بضرورة إعادة هيكلية النظام الاقتصادي لكوبا، وكذلك فتح المصانع المختلفة؛ بهدف سد احتياجات كوبا، وعدم لجوئها وخضوعها للدول الإمبريالية، وفي عام 1965م قرّر جيفارا أن يتخد من الكونغو طريقاً آخر له بهدف تكرار التجربة الكوبية الناجحة، إلا أنه قُبض عليه في بوليفيا، ثم أُعدم. قصيدة الشاعر أحمد فؤاد نجم ( جيفارا .. مات) جيفارا مات.. جيفارا مات آخر خبر في الراديوهات وفي الكنايس والجوامع وفي الحواري والشوارع وع القهاوي وع البارات جيفارا مات.. جيفارا مات واتمدّ حبل الدردشة والتعليقات مات المناضل المثال يا ميت خسارة ع الرجال مات الجدع فوق مدفعه جوّا الغابات جسّد نضاله بمصرعه ومن سكات لا طبالين يفرقعوا ولا إعلانات ما رأيكم دام عزكم يا أنتيكات يا غرقانين في المأكولات والملبوسات يا دفيانين ومولّعين الدفايات يا محفلطين يا ملمعين يا جيمسينات يا بتوع نضال آخر زمن في العوامات ما رأيكم دام عزكم.. جيفارا مات لا طنطنة ولا شنشنة وإعلانات واستعلامات عيني عليه ساعة القضا من غير رفاق تودعه يطلع أنينه يزعق ولا مين يسمعه يمكن صرخ من الألم من لسعة النار في الحشا يمكن ضحك أو ابتسم أو ارتعش أو انتشى يمكن لفظ آخر نفس كلمة وداع لأجل الجياع يمكن وصية للي حاضنين القضية في الصراع صور كثير ملّو الخيال وألف مليون احتمال لكن أكيد ولا جدال جيفارا مات موتة رجال يا شغالين ومحرومين يا مسلسلين رجلين وراس خلاص خلاص مالكوش خلاص غير بالبنادق والرصاص ده منطق العصر السعيد عصر الزنوج والأمريكان الكلمة للنار والحديد والعدل أخرس أو جبان صرخة جيفارا يا عبيد في أي موطن أو مكان ما فيش بديل ما فيش مناص يا تجهزوا جيش الخلاص يا تقولوا ع العالم خلاص.
مشاركة :