لو فازت المرشحة المصرية في انتخابات المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو» السفيرة مشيرة خطاب، تكون مصر حققت نصرين طالما انتظرهما الشارع بنخبته وجماهيره، بعدما تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى مونديال روسيا 2018، بفوز على الكونغو بهدفين مقابل هدف في مباراة استضافها استاد برج العرب في الإسكندرية مساء أول من أمس. وتحولت شوارع مصر ليلاً إلى بحر من الأعلام الوطنية تموج فيه الجماهير المشتاقة إلى تلك الليلة منذ 28 عاماً، غابت فيها مصر عن «المونديال». «الفرح الشعبي» لم يهتف إلا لمصر ولم يرفع حضوره إلا علمها، بعد سنوات من حراك شعبي أعقب ثورة 25 كانون الثاني (يناير)2011، كان سمته «الانقسام» الذي تحول «صداماً» هدد استقرار الدولة. وواكب الحُكم الحدث، فهنأ الرئيس عبد الفتاح السيسي الشعب والمنتخب على «الإنجاز الكبير»، وقرر لـ «أبطاله» مكافآت «سخية». واستقبلهم كما يليق بـ «أصحاب النصر»، شاكراً لهم «إسعاد المصريين». تأهل مصر لـ «المونديال» ليس فقط إنجازاً رياضياً انتظره لنحو 3 عقود شعب عاشق لكرة القدم، إذ أتى في مرحلة أضفت عليه «نكهة السياسة» بحكم الأجواء التي فرضها عداء جماعة «الإخوان المسلمين» للنظام المصري. فأنصار الجماعة لم يخجلوا من تمني هزيمة المنتخب الوطني، وأبواقها الإعلامية اجتهدت للتقليل من الحدث، وتحميله ما لا يتسق مع أي منطق. الجماعة التي حضت وراهنت منذ 3 سنوات على مقاطعة دولية لنظام الرئيس السيسي باعتباره «انقلاباً عسكرياً»، في رأيهم، تجد نفسها أمام نظام يكسب كل يوم أرضاً جديدة في الساحتين الدولية والإقليمية. فخصم الإخوان الأول تُرفع صوره ولافتات لشكره في قطاع غزة الذي تحكمه حركة «حماس»، ويُستقبل رئيس استخباراته في القطاع «استقبال الظافرين»، وتقود بلاده تحركات في مجلس الأمن لإصدار قرارات للتصدي لـ «الجماعات الإرهابية»، التي وفّرت لها الجماعة على الأقل وفي العلن «الحاضنة السياسية» لشن هجمات في مصر، فضلاً عن «الهزيمة الثقيلة» للإخوان نتيجة تحركات دول الرباعي العربي (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) للجم سياسات قطر، أبرز داعمي الجماعة. وكان لافتاً سرعة ومستوى التهاني التي تلقاها الرئيس المصري بتأهل منتخب بلاده لكأس العالم. ولي عهد السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان كان أول المتصلين بالسيسي لتهنئته بالتأهل بعد انتهاء المباراة بدقائق، وأبرق أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد متمنياً مزيداً من التقدم والنجاح، ودوّن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد مُباركين لمصر، واكتسى برج خليفة بألوان علمها. التغير اللافت الذي طرأ على العلاقات بين القاهرة وحركة «حماس» أسعد السياسيين المؤيدين للحكم، وعزّز الحضور الدولي والإقليمي لمصر المُرشح للتنامي بحكم التوقعات بإطلاق جديد لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتأهل لـ «المونديال» أسعد عشاق «الساحرة المستديرة» على اختلاف انتماءاتهم السياسية، إلا قليلاً، وإن اقتنصت السفيرة مشيرة خطاب منصب مدير عام «يونسكو» هذا الأسبوع، وهو طموح ليس بعيد المنال، سيسعد المثقفون، ليحتفظ تشرين الأول (أكتوبر) بلقب «شهر النصر لمصر».
مشاركة :