سياسة إسرائيل في ملفات الشرق الأوسط: مع الشيء ونقيضه بقلم: ملهم الملائكة

  • 10/10/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

دعم الأكراد شفهيا لتفادي خسارتهم ولعب على تناقضات الميدان السوري للحفاظ على أمن الحدود.العرب ملهم الملائكة [نُشر في 2017/10/10، العدد: 10777، ص(6)]أمن الجولان يفرض صيغة تعامل خاصة بين اسرائيل وسوريا، المدعومة من إيران، عدوة اسرائيل انفردت إسرائيل بدعم استفتاء إقليم كردستان العراق على (الاستقلال/ الانفصال) وتجسد ذلك في وقت مبكر بإعلان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (12 سبتمبر 2017) دعم بلاده لإقامة دولة كردية مستقلة. وقال نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه إنّ “إسرائيل تعارض حزب العمال الكردستاني وتعتبره تنظيما إرهابيا، خلافا لتركيا التي تدعم تنظيم حماس. وبينما تعارض إسرائيل الإرهاب أيا كان، فإنّها تدعم الجهود المشروعة للشعب الكردي من أجل إقامة دولته”. وخلافا لهذا لم يصدر عن إسرائيل أي موقف فاعل على الأرض يدعم خطوات كردستان خلال الاستفتاء وبعده، وبهذا السياق تحدث أنس الشيخ مظهر المقرّب من الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى “العرب” معتبرا أنّ ما جرى “يفضح الادعاءات التي نسمعها عن وجود تنسيق بين إسرائيل وكردستان، إذا كانت إسرائيل تبدي موقفا مؤيدا لكردستان، فإنّ هذا لا يعني وجود تنسيق بينها وبين الإقليم”. ويضيف أنس الشيخ “إسرائيل لها علاقات سياسية متوترة تتصاعد وتنخفض أحيانا مع تركيا، وهناك تصريحات إسرائيلية موجهة لتركيا بخصوص موضوع كردستان. وإذا كانت إسرائيل هي الوحيدة التي أيّدت ‘إعلاميا’ استفتاء أو استقلال كردستان، فليس مطلوبا مني أنا ككردي أن أعارض التأييد الإعلامي الوحيد الذي أتاني بشكل علني”. وعند اشتداد الضغط الدولي على الإقليم بدا نتنياهو وكأنه يتراجع قليلا. واعتبر مئير مصري، المحاضر في العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، في حديث لـ“العرب” أن “الخطأ لم يكن في التراجع عن الموقف، بل في اتخاذ الموقف في حد ذاته”. وبين مصري أثر موقف زعيم حزب الليكود في قضية دعم كردستان على المشهد السياسي داخل إسرائيل بالقول إن “نتنياهو ذهب هو وبعض وزرائه بعيدا في دعم هذا الاستفتاء أحادي الجانب وقد وُجهت إليه انتقادات من الداخل ومن الخارج بسبب هذا التدخل”. وانتبه المراقبون وحتى الشارع العراقي والعربي والإقليمي إلى أنّ الدعوة إلى الاستفتاء في الإقليم، ارتبطت بظهور تيار شعبي كردي علني واسع يدعو إلى التعاون مع إسرائيل والانفتاح عليها والتطبيع التام معها، ورُفعت أعلام إسرائيل علنا في شوارع الإقليم، فيما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورا عن شخصيات غربية تلتقي بمسعود البارزاني، مدّعية أنها شخصيات إسرائيلية وهو ما لم يمكن التأكد من صدقيته. يندر الموقف الإسرائيلي من استفتاء إقليم كردستان العراق ضمن سياسة المناورة التي تتقنها إسرائيل، وتتنزل ضمن الجمع بين الشيء ونقيضه، للاستفادة من الموقف حسب ما تقتضيه الضرورة. فتصريح نتنياهو مثلا يأتي ضمن هذه السياسة، فلا هي قدمت دعما رسميا حقيقيا ولا هي اعترفت صراحة برفضها للاستفتاء، حتى لا تخسر استثمارها السياسي في الأكراد على مدى 60 عاما. لكن، يأتي الموقف العربي ليكون محل جدل أكثر من الموقف الإسرائيلي، فالـعقل العربي اليوم وفقا للاستقطاب الطائفي الذي اجتاح المنطقة منذ التغيير في العراق عام 2003 والذي تفاقم مع الربيع العربي يرى في إيران عدوه الأول، وبات الأمر مفترق طرق، فإيران ضد استفتاء الإقليم وإسرائيل معه، فأين سيقف العرب ومع من سيتحالفون؟ البعض أيد الاستقلال نكاية في إيران، والبعض الآخر رفضه انطلاقا من أن إسرائيل تدعم الاستقلال. الموقف لا يقتصر فقط على استفتاء الأكراد، ففي الأزمة السورية اختارت إسرائيل التظاهر بسياسة النأي بنفسها عما يجري، رغم أنّها ما برحت تعتبر نظام بشار الأسد وحزب البعث تهديدا لحدودها ووجودها من خلال تحالفاته الاستراتيجية المستمرة مع النظام الإيراني، لكن اختياراتها المعلنة لا تساوي بالضرورة بين العدو وبين الحليف، فقد نفذ الطيران الإسرائيلي مطلع شهر سبتمبر2017 غارة جوية على منشأة عسكرية جنوب غرب سوريا يعتقد أنّها جزء من برنامج نظام الأسد في إنتاج الأسلحة الكيمائية. وقعت الغارة رغم تغيرات المواقف الدولية من الأزمة السورية. موقف إسرائيل من سوريا، هو المساواة بين الأعداء، فنظام الأسد وإن كان قد حافظ على جبهة الجولان هادئة لمدة 4 عقود، إلا أن تحالفاته مع إيران تضعه في خانة أعداء إسرائيل الدائمين، أما خصوم الأسد في سوريا، من التنظيمات الإسلامية المتشددة والقريبة من الإخوان المسلمين فتعتبرهم إسرائيل مصدر تهديد لها. وأكد مئير مصري أنّ الهاجس الأهم الذي تقيس إسرائيل بموجبه مواقفها هو أمنها، وتدخلها في قضايا المنطقة يرتبط بأثر هذه القضايا على أمنها. وقبل الأزمة السورية، اهتزت حدود إسرائيل مع الجار المصري، حين توالت وقائع التغييرات مع الربيع العربي، وحتى حين تولى الرئيس الإخواني محمد مرسي السلطة في مصر، ورغم الاعتداءات والتهديدات التي تعرضت لها الهيئات الدبلوماسية والمصالح الإسرائيلية في مصر، فقد حافظت إسرائيل على سياسة التقية ولم تعلن مواقفها قط مما يجري، وكان لهذا الموقف أثر في المحافظة على العلاقات بين البلدين، حين تغير النظام في أرض الكنانة مرة أخرى، وتولى الفريق عبدالفتاح السيسي منصب الرئاسة في مصر. تحدث مئير مصري شارحا موقف إسرائيل مما يجري في الشرق الأوسط قائلا “من الحكمة ومن الأفضل لإسرائيل أن تتحلى بالحياد وألا تتدخل في شؤون دول الجوار، خاصة في مسائل تمس سيادة هذه الدول”. كاتب عراقي ملهم الملائكة

مشاركة :