قررت الكتابه لك بعد أن اقتنعت تماماً أني شخص به بعض الأضرار النفسية.. رغم أنني واجهتها كثيراً وحاولت التغيير من نفسي. لن أطيل عليك.. أنا فتاة في الخامسة والعشرين من العمر.. خريجة إحدى الكليات التي تعتبر من القمة. والدي ذو مهنة مرموقة.. وإخوتي كذلك وأمي ربة منزل. تبدأ الحكاية من صغري حينما كنت أشاهد أبي وهو يعنّف أمي ويضربها كثيراً.. أتذكر تلك المشاهد كثيراً فهي محفورة في مخيلتي. أتذكر حينما كان يعنّف أختي ويضربها لتحفظ القرآن. أتذكر استبداده ﻷختي وضربها حتى توافق على هذا العريس الذي يعجبه أو ذاك. أتذكر ذلك الموقف حينما طلق أمي أول طلقة، وأنا كنت حينها في الثانية عشرة من عمري وأخذ يحدثنا حينها أنه من حقه الكامل أن يتزوج بامرأة أخرى.. أتذكر خوفي ثم أتذكر عدم مبالاتي يومها. أتذكر ذلك اليوم الذي جاءت فيه مجموعة من الأصدقاء للصلح بينهما.. أتذكر يا سيدي كمّ الإهانات الكثيرة التي تعرضت لها أمي حينها ومطالبتهم إياها بأن تتحمل. أتذكر بُخل أبي علينا حتى يومنا هذا رغم أننا من الطبقة الغنية. لعلك تتخيل الآن أبي وحشاً.. لا يا سيدي.. إن رأيت أبي وتعاملت معه فلن تتخيل ذلك الذي قلته لك أبداً، بل وستُكذبني حينها. أبي هو ذلك الرجل الشهم خارج المنزل.. يساعد هذا وذاك.. يبتسم في وجه هذا وذاك.. ينفق على من حوله بتبذير شديد إلا نحن.. هو صاحب الأخلاق والتدين العالي.. هو ذلك الرجل الطيب الذي لا يتحمل أن يجد أحدهم في مأزق ولا يساعده. ولن أخفيك سراً.. فبداخله إنسان جميل، وأنا أعلم، فهو يضحك معنا رغم أننا نخافه، وهو يعطينا مالاً، ولكن بعد الكثير من الوقت والكثير من المَنّ أنه ينفق علينا، وهو يُحدّثنا دائماً عن الدين، لكنه في الكثير من الأحيان لا يطبقه. وهو يحب أمي، لكنه لا يطيق أن يراها تمسك كتاباً وهو في البيت، أو ترى إحدى صديقاتها القدامى، ويغار عليها كثيراً؛ لذلك كان يضربها. أغلب ما ذكرت كان في الماضي، بالرغم من استمرار الكثير من منغصات العيش. في الفترة الأخيرة تعرض أبي لظروف ما في صفقاته جعلته في كرب شديد، واضطر أن يختفي من حياتنا تماماً لفترة بعيداً عّن مدينتنا هرباً من أناس معينين.. وهو بعيد كان يتوسل لنا حتى نسامحه، ويبكي كالطفل الصغير.. كنت أتخيل أنني سأفرح عندما أجده هكذا، لكني كنت أتألم من أجله، وأدعو الله أن يفرج كربته. كان يتودد إلينا كثيراً كل هذه الفترة، وكانت أمي هي من تراعينا ويساعدها الأقرباء. ثم عاد أبي إلى مدينتنا وبيتنا؛ ليفرش لنا الدنيا زهوراً ووعدنا بالتغيير. كان يبكي ﻷمي من أجل أن تعينه في كربه، كان كالعصفور الجريح. أنعم الله عليه بعدها بوظيفة بمرتب مجزٍ، كنا نثق في كلامه كعادتنا، لكنه في أثناء ذلك افتعل المشاكل الكثيرة؛ ليجبر أمي على أن تنفق من أموالها.. وقد كان. في أثناء تلك الأوقات من سن الرابعة عشرة حتى يومنا هذا وأنا أحادث الشباب وأفعل أشياء أخجل من ذكرها.. لم أدرك ما فعلته في صغري ولم أدرك حرمة ما أفعله إلا بعد أن كبرت. أحاول جاهدة منع نفسي من هذه الأشياء، لكني أهزم وأعود من جديد، أشعر أنني بحاجة للحب وإلى من يهتم بي. نسيت أن أخبرك قد قام أحد أقاربي بالتحرش بي وأنا في سن صغيرة جداً، تقدم لي الكثير من أفضل الشباب وأكثرهم تميزاً، لكني في كل وقت أرفض. اتخيلهم مثله، فلا أحد يعرف عنه ما نعرفه نحن.. وأخاف أن يعاقبني الله في زوجي. لعلك تتخيل أيضاً أنني منحدرة الأخلاق، لكن والله ﻻ.. أنا أحاول كل يوم تقويم نفسي.. أحاول أن أتجنب هؤلاء، وأحاول تطوير نفسي ثقافياً، وأحاول أن ألتزم قدر الإمكان. لا أدري لمَ حكيت كل هذا، ولا أدري ماذا أفعل لعلي حكيت بسبب ضعف أمي، وكرهها له، أو بسبب حبي له في بعض الأحيان، وبغضي له في أوقات أخرى. ساعدني بالله عليك.. أريد أن أتخلص مما بداخلي من تشوّهات.. أريد أن أبدأ من جديد. ************ كمية البنات - بالذات البنات - اللي بتبعت وعندها مشاكل مع الأب أو الأم أو الـ2 مهولة! ومعظمهم بلاقي الأب أو الأم مش مجرمين مثلاً أو سفاحين!.. بالعكس بيكونوا ناس متوسطين زينا ونشوفهم ونتعامل معاهم كل يوم. الأفدح أن البنات اللي بتبعت المشاكل دي، برضو بنات يبانوا من برة تمام وزي الفل وما عندهمش مشاكل غير العادي يعني. وزي ما إحنا شايفين بيكون عندهم مشاكل "سرية" مستحيل تخطر على بال الأب أو الأم.. مش هقع في فخ التعميم، وأقول: معظم البيوت كده.. أكيد فيه ناس أسوياء كتير. بس لو هناخد 100 أسرة عشوائياً من اللي عندهم بنات في سن 14 - 25 مثلاً.. يا ترى كام أسرة من الـ100 عندهم مشاكل "سرية" تقيلة من النوعية اللي فوق دي؟.. عشرة؟ عشرين؟.. أعتقد لا.. ومن غير ما نعمل دراسة ولا حاجة، رأيي الشخصي إنهم مش هيقلّوا عن أربعين أو خمسين على أقل تقدير.. وده رقم مهول. والحل؟ الحل من وجهة نظري هقسمه 3 أجزاء: الجزء الأول للبنت نفسها: 1- لازم يكون فيه حد من أهلك تحكي له مشاكلك.. الحد ده يا ريت ماما.. لو مش ماما؟ يبقى الخالة.. أو العمة.. أو الجدة.. أو بابا.. أو الخال والعم والجد.. (بدأت بالستات؛ لأنه فيه حاجات الستات هتفهمها أحسن). 2- وانتي بتختاري اللي بتتكلمي معاه أو معاها، اختاري حد مثقف وبيقرأ، وعنده من المرونة العقلية اللي يخليه يسمع أياً كان اللي بتحكيه. 3- اختاري حد انفعالاته هادية إلى حد ما مش خفيف وانفعالي. 4- تأكدي إن الحد اللي هتحكي له عاش نفس سنك، وغالباً عنده فكرة عن المشاكل دي.. ما تخافيش. 5- ما تستسلميش لفكرة إن اللي راح راح وخلاص أنا بقيت وحشة ومفيش حاجة هتتغير.. بالعكس.. التغيير سُنة من سنن الحياة.. الفكرة إنك تتغيري "للأحسن" مش للأوحش. 6- بداية أي تغيير في السلوك بتكون مجرد خطوة صغيرة.. وبعدين خطوة كمان.. وهكذا.. ما تستصعبيش البداية؛ لأنها بتكون صغيرة. 7- أغلبية العادات السيئة بتكون إدمان.. والإدمان صعب في علاجه.. من أجمل طرق علاج الإدمان بصفة عامة هو البرنامج الأشهر بتاع الـ12 خطوة.. اقرئيه على النت وحاولي تمشيه خطوة خطوة. 8- اعملي لنفسك نظام دعم نفسي واجتماعي من الناس الكويسين اللي في حياتك.. صديقة أو 2 مثلاً. ** الجزء التاني للآباء والأمهات اللي لسه أطفالهم صغيرين: 1- ربوهم على مكافآت الصراحة.. يعني إيه؟ يعني لازم الطفل يتكافئ على صراحته مهما كان اللي حصل.. وكده هتعلى قيمة الصدق جواهم من الصغر ويتعودوا يحكوا لكم أي حاجة حصلت مهما كانت. 2- لازم يتزرع في وجدانهم إنكم أكتر ناس في الدنيا تدعموهم وتقفوا جنبهم.. ما تتوقعش إن دي حاجة بديهية متوقعة وكده... الطفل لازم يحس "بالأفعال" إن أبوه وأمه هيدعموه لما يحتاجهم.. وده طبعاً معناه إنكم ما توبّخهومش وتشتموهم قدام الناس.. لو هتوبّخ طفلك يبقى لازم يكون بسبب ويكون بينك وبين الطفل وتصالحه بعدها.. وده برضو معناه إنه يشوفك بتتعب عشانه وعايز مصلحته.. وده مش معناه الدلع الملزق السخيف وإجابة كل طلبات الطفل.. في فرق بين الدعم والدلع الملصق. 3- يتعودوا من صغرهم إنهم يحكوا ليكم انتم.. طيب إزاي؟ إنك تسأل.. عملت إيه في المدرسة؟ احكي لي يومك؟.. حاسس بإيه؟ وطبعاً لما الطفل يحكي حاجة سلبية بلاش تعنيف.. اشكره على صراحته وبعدين اتعامل مع الموقف بعقل واشرح رد فعلك وسببه. 4- الضرب والعنف الجسدي يتعارض مع كل اللي فوق ده.. خلي العقاب بسبب واضح ويكون عقاب عقلاني مش غشيم.. وناقش العقاب مع طفلك وفهمه انت بتعاقبه ليه عشان يفهم يعني إيه مسؤولية أفعاله. 5- التربية محتاجة مجهود.. ما تبخلش وتطنش وتكسل. **الجزء التالت للأب والأم اللي أولادهم فوق 14 سنة: 1- اتكلموا مع أولادكم ما تتكسفوش.. اتكلموا واسألوهم على أي ضغائن جواهم من نايحتكم.. اسألوهم بقلب وحنيّة مش مجرد تأدية واجب. 2- فهموهم مرة بعد مرة إن أياً كانت أخطاء عملوها أو بيعملوها عادي ممكن يحكوا لهم.. بلاش تحسسوهم إن أملكم خاب فيهم وخلاص تربيتكم ضاعت وعمركم راح هباء. 3- بلاش بلاش بلاش تفشوا أسرار ولادكو.. ولا حتى الأهل والأصدقاء.. صونوا أسرارهم واكسبوا ثقتهم. 4- عيالكم دول أشخاص مستقلين.. ليهم ميولهم وأفكارهم وحياتهم.. مش لازم يطلعوا موديل احلامكو. 5- لازم يكون فيه مساحة للأخطاء؛ لأن guess what؟ عيالكو مش ملايكة.. وكل أسرة بيكون ليها عُرف كده في مساحة الأخطاء. شكراً.. (مشكلة حقيقية وتم استئذان صاحبتها في نشرها والتعليق عليها) ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :