عقبة الصماء الشريان الأضخم بين رجال ألمع وأبها ،عسير والسراة ، حاضره وبادية ، منذ ولادتها كانت طريق قــَدم ، حظها تعيس بشموخها المبالغ فيه ، الذي يعاند كل مركبة ويضرب به المثل في الوعورة والقسوة ، كانت عقبة ترابية صعبة عسيرة لمن عسّرها وأهملها ، حتى مجهود أهالي رجال ألمع وأهل السراء ذهب هدرا، لم يشفع لها بأن تكون يسيرة وسهلة ، وكم ذهبت من رقاب بريئة ، ضحايا معلقين في رقاب مسئولين أتوا لعسير الهول ولم يطوروها ولم يضعوا فيها مخصصات الخير في فائض الميزانيات التي ذهبت أدراج الرياح ، حتى كانت العقبة الشريان طريق البسطاء والأرامل تعاني الانسداد في الرؤية والتطوير، مسوؤلون كبار مكثوا ثلاثة عقود على قمم عسير لم تتحرك ضمائرهم ولم يسمعوا “لمعاناة” الكثير من الشاكين الباكين من وضع العقبة المزري ، منتهى الخطورة في زمن القرن الواحد والعشرين من عيدنا المجيد السابع والثمانين، لم نر تطويراً ولا حتى حزمة جرجير ، بقيت الصماء كابوساً كسعلاة قبيحة المنظر، صورة قاتمة لمشاريعنا الهشة ذات الصلاحية المحددة ، ومرت السنين والعقود والصماء تستقبل الضحايا والأمطار وتساقط الصخور ، يمر التطور من فوقها ومن أسفل منها باستثناء قرار تطويرها لأنه كان حولها لا عليها ، بينما يصلَّي الأهالي الاستسقاء طلباً لمطر التطوير وإعادة بناءها وفق نموذج للطريق العصري في زمن الرؤية المنتظرة ، يطل عليها الوزراء والسياح والأمراء والأجانب والعشاق وأهل الله والفقراء والمُلاك .. “أتراها ضاقت علينا وحدنا .. يا كاتب التاريخ ماذا جد فاستثنيتنا ؟!” كما يقول الشاعر تميم البرغوثي. يمرون عليها وينظرون لها من طرف خفي كأنها لوحة قديمة مضاءة البرواز في “متحف اللوفر ” لا يعنيهم إلا جمالها الطبيعي كتوقيع شيخ مسن ، وكم من كتابات وتغريدات وشكاوى ومطالبات لم يُلتفت لها ، كونها عقبة في الجنوب وليست في “ضاحية لبن أو أبحر الشمالي وشاطئ نصف القمر” وكل المناطق فيها الخير والبركة وتستاهل التطوير ، ومع اشتداد الرياح والعواصف وهطول الأمطار بغزارة من الطبيعي أن تقفل في وجوه العابرين من وإلى التهائم والمرتفعات ، صدقوني ، عقبة الصماء تحتاج القليل من الأموال والكثير من الأفكار والضمير والانسيابية في ذمة المسؤولين . مسئولون كبار أتوا إلى عسير لتفقد الآثار والسلبيات والوقوف على أطلال التقصير في عسير في فترات سابقة وراهنة ، نثروا الوعود بعقبات وطرق وعبّارات تمنع السيول مستقبلاً ، وحدها عقبة الصماء لم يلتفت لها السادة المحترمين ولم يقولوا قولاً ليناً حتى تبرأ ذممهم أمام الألمعيين الطيبين ، والسؤال البائس دوما ، إلى متى تبقى عقبة الصماء بهذا الشكل منسية تشيخ وكأنها طريق للقدم لا للسيارات على مر العقود ؟! لابد من بديل لها أو تطويرها بالكباري المعلقة لأنها شريان حيوي وضروري وما ينفع الناس أولى بالاهتمام ، حفظ الله الوطن .
مشاركة :