من المؤسف أن تبقى القضية السورية مؤجلة، وأن تتراجع عربيا إلى مرتبة ثانية أو ثالثة، وأن يخفت الحراك الثوري السوري، حتى أن أعضاء الائتلاف غابوا عن المشهد الإعلامي منذ مدة طويلة. التهى العرب بمنظمة "داعش" وتهديداتها، ونسوا القضية السورية، ويبدو أن هذه هي وظيفة داعش الأساسية منذ أن يسر لها الإيرانيون وتابعهم المالكي الذي أخرج أعضاءها من السجون؛ كي يصلوا إلى سوريا لتنجح الدعاية الإيرانية في إلباس الانتفاضة السورية ثوباً طائفياً ليمكن لطهران تحريك حزب الله وتأسيس ميلشيات إيرانية عديدة؛ لتقاتل علناً على الأرض السورية، حتى أصبحت الميلشيات الإيرانية هي الفاعل الأكبر في مواجهة الثورة السورية، فيما تراجع فعل جيش نظام الأسد ليمثل دوراً ثانوياً وإسنادياً فقط. ويجب أن يعرف العرب أن التمييع الإيراني للأوضاع في سوريا وفي العراق هو الذي ينتج منظمات تنشأ من تحت الأرض، وتوجه سمومها إلى الأمة العربية، فيما تبقى إيران التي أخرجت هذه الأفاعي من جحورها خارج المحاسبة أو المساءلة، وأيضاً تؤسس ميلشيات شيعية مماثلة مثل عصائب الحق في العراق وحزب العراقي وغيرها التي لا تقل وحشية وقسوة من داعش والقاعدة. وإذا ما أرادت الدول العربية محاربة الإرهابية والتخلص من آلة التفريخ الإيرانية لهذه المنظمات الإرهابية السنية والشيعية، التي تجمع على استهدف البلدان العربية؛ فعليها أن تجمع كل قواها لحل الأزمة السوية وتحرير سوريا من القبضة الإيرانية، وإعادتها إلى الأمة وأيضاً مواجهة الدور الإيراني المخرب في كل من سوريا والعراق، فما دام أن إيران مستمرة في تأسيس ميلشيات القتلة المتوحشة، فإن المزيد من المنظمات المتطرفة سوف يخرج مجدداً حتى بعد القضاء على داعش والقاعدة. فداعش والقاعدة تؤديان أدواراً تصب في مصلحة إيران، فهاتان المنظمتان تحاربان الجيش الحر في سوريا، وتتحالفان مع النظام وميلشيات طهران، وفي مناسبات كثيرة حصلت داعش على إسناد من قوات النظام حين هجومها على قوات الجيش الحر. وأيضاً تتفادى الميلشيات الإيرانية الاشتباك مع داعش وتيسر لها السيطرة على مواقع الجيش الحر. حتى بات المواطنون السوريون الأحرار يؤمنون أن داعش هي صناعة إيرانية، إذ أضعفت الثورية السورية، وساهمت في إعاقة الجيش الحر، وجعله يحارب عدوين على جبهتين في وقت واحد. وأيضاً كان نظام الأسد يشن غارات جوية مستمرة على المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، وحينما أصحبت هذه المواقع تحت سيطرة داعش امتنع النظام عن مهاجمتها. مما يعني أن تبادل منافع يجري بين النظام ومنظمة داعش، مما يؤكد أن مهمتها واحدة. محاربة الإرهاب تقتضي حل المسألة السورية، وكف يد إيران عن العبث في البلدان العربية، ومنعها من تفريخ مزيد من المنظمات الإرهابية الشيعية والسنية. والأمة العربية قادرة على النجاح في هذه المهمة؛ لو اجتمعت ودرست الأوضاع بجدية وعزم وتصميم.
مشاركة :