شاهد في زمن القتلة!! - يوسف الكويليت

  • 8/26/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الأحداث الصادمة، هل بلّدت الأحاسيس الإنسانية وحولتها إلى شريط عبثي لتمثيلية على مسرح سريالي، ولماذا ميدان المعارك، إذا استثنينا أوكرانيا، جاء في الامتداد الإسلامي الطويل الذي بدأ من نيجيريا وخلافة «بوكو حرام» مروراً بليبيا فغزة، فسورية والعراق، واليمن والصومال؟! فالمسميات الجديدة، داعش، نصرة، قوات فجر ليبيا، والمليشيات الأخرى، كلها مجتمعة تلبس الثوب الإسلامي السني، أسوة بمقابلٍ لها حزب الله لبنان والعراق، وجيش المهدي الشيعي، وكلا الفريقين يستهدف الإنسان وممتلكاته ومساجده، وحسينياته، وقوى الأمن والجيوش ممزقة هدمها مرتزقة تحت بند الولاء، وعند المواجهة ذعر القادة والجنود وهربوا لتحتلها تلك التنظيمات الإرهابية، وطالما توجد عملات بالدولار واليورو ومصادر مالية نفطية لداعش أو واهبين للأموال بطرق غسلها، والتهريب والتحويلات بأسماء مؤسسات وهمية، فإن سوق السلاح مفتوح، سواء من شركات أو دول سابقة في حلف وارسو، وفي كل الحروب الكبرى والصغرى هناك كاسب منها ومستفيد.. تحتار وسط هذه النيران عن أي موضوع أو موقف يغريك بالكتابة؟ عن أوبئة «إيبولا، وكورونا» أم بورصة أسعار الحيوانات الأليفة التي أصبحت أسعد من الإنسان، وتشعر باليأس، أن تكون متابعاً لمهمات لا تتطابق مع حساسية مشاعرك وتدرك أن غيرك ربما ليست لديه نفس الاهتمامات لأن له أفكاره وأولويات حياته، ثم إنه ليس من صَنع المآسي أو شارك فيها، وأنت كشاهد على حاضرك تعطي لنفسك السبب الذي وضعك في وظيفة المراقب الذي يحاول أن يكون محايداً وحذراً من أن ينزلق خلف عواطفه، ومع ذلك ترى نفسك وسط عالم من الوحوش يدفعك واجبك أن ترى وتحلل وتكتب.. بعيداً عن الذاتية الخاصة بأن اختارتك الصدف لأن تعي عالمك وتتفاعل معه، فقول الحقيقة صعب، لأن الآلاف ممن ذهبوا ضحية الصدق المبالغ فيه والذي لا تهضمه أمعاء وعقول جميع الدول الديمقراطية أو الدكتاتورية، فالبلدان الحرة لها أيديولوجيتها، فإذا لم تعاقبك المحاكم والقوانين، فهناك الشركات والمنظمات التي لديها القدرة على محاربة أي رأي لا يتطابق مع أهدافها، والأمر ذاته وبمبدأ الحلال والحرام، فالدكتاتوريات لا تعفي أو ترافع، بل تقتل أو تسجن أو تطرد، أو تغيّب كل من يقترب من محرماتها.. وطننا العربي لم يمارس الحرية إلاّ في الحدود النسبية أيام الاستعمار فقط، وإلاّ لو كانت الحرية تأتي طواعية لما كنا نقتلها من داخل عائلاتنا ومجتمعاتنا ونظمنا وسلطاتنا، ولعل وحشية المكان طرحت البديل الأكثر عنفاً، وهنا بدأت صناعة الخلية الأولى لجنين المعارضة والتي مع السنين طافت وتعلقت بمختلف الاتجاهات الايديولوجية ولما لم تجد الحل لجأت إلى المقدسات الدينية لتستبدل صانع الأفكار والمبشر بالطريق الجديد للتحرر وبناء العدالة التي لم تتحقق بسبب فشلها، فكان لابد أن يبعث الحل الديني وخاصة الإسلام الذي يعتنقه الأغلبية الكبرى في هذا الوطن وعالمه الإسلامي، فكان الأقوى في الجاذبية والاستحواذ على العواطف إلى حدود التضحية بالنفس باسم الاستشهاد أو الجهاد، وهي مؤثرات تجد خططها في كتب من كشفوا عن صلتهم بإغراق دول المنطقة بما يجري الآن من تفتيت خدمة لسياسات عليا، وليست المسألة مؤامرة فقط، من أمريكا وأوروبا فقد استخدموا وسائل مشابهة فتتت الاتحاد السوفياتي، وأفلست مادياً بدول، وأغرقتها بالديون، ومن يخترع الوسيلة الناجحة وييسرها لأغراضه مستخدماً قدراته الفاعلة، فإنه لن يحقق مكاسبه إلاّ بواسطتها.. الإرهاب الجديد جزء من مراحل مرت بها المنطقة، وربما يطول ويغيّر معالم الدول، ولكنه قد يصبح كونياً تنقله الوسائط الحديثة، مثلما تنتقل الأوبئة التي رافقت هذه الأحداث وتصبح عملية المكافحة غير مجدية طالما الإنسان لم يبق أسير الأفكار والزمان والمكان.

مشاركة :