التسليح والطاقة على رأس أجندة التعاون بين روسياو الجزائر.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/10/11، العدد: 10778، ص(4)]تعاون مستمر الجزائر – حل رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، بالعاصمة الجزائرية، مساء الاثنين، في إطار زيارة رسمية تدوم يومين، لبحث دعم وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين، والتشاور حول القضايا الإقليمية في المنطقة، خاصة تلك المتعلقة بالوضع الأمني في منطقة الساحل الصحراوي، وبؤر التوتر في ليبيا وسوريا والشرق الأوسط. ويشكل التعاون الطاقي والعسكري، والتنسيق السياسي والدبلوماسي، أبرز الملفات الثقيلة التي يتناولها البلدان والمسؤولون في الجزائر وموسكو، خاصة في ظل المعطيات الاقتصادية الجديدة التي تعيشها الجزائر، واعتبار النفط المتهاوي في الأسواق الدولية، من أبرز مصادر تمويل الخزينتين. وتربط البلدين اتفاقية تعاون استراتيجي، وقعها كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في العام 2001، وينتظر تعزيزها باتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم تتعلق بقطاعات حيوية واستراتجية، كالطاقة والتعاون العسكري، والتنسيق السياسي والأمني، لمحاربة الإرهاب في المنطقة. وتعتبر الجزائر المتفرغة في السنوات الأخيرة، لتحديث قدراتها العسكرية، وعصرنة تجهيزاتها اللوجيستية، من الزبائن الأوفياء للسوق الروسية للسلاح والمعدات العسكرية، حيث تربطها اتفاقيات تموين في مجالات الطيران والصواريخ والأسلحة المضادة والدبابات، وغيرها. ويرى مراقبون للشأن السياسي في المنطقة، أن روسيا التي اضطرت للانكفاء في الصفوف الخلفية، بقواعدها التاريخية في المنطقة، تراهن عبر الجزائر، في إحياء نفوذها في المنطقة، وضمان مواطئ أقدام لها في كل من ليبيا والساحل الصحراوي، بعدما حجبت عنها زحمة الفاعلين الإقليميين الرؤية عن النفوذ الاستراتيجي. واضطرت موسكو المنشغلة بحلفائها في سوريا، إلى التواري عن منطقة الشمال الأفريقي والساحل الصحراوي، الأمر الذي أزاحها من لعبة المشهد الليبي، خاصة في ظل تعدد وتضارب تصورات الفاعلين الإقليميين، ولم يبق أمامها إلا الرهان على علاقاتها التاريخية والاستراتيجية مع الجزائر. ووضعت التطورات الدبلوماسية والأمنية في الساحل الصحراوي موسكو والجزائر في موقع الشريك المهمش، ولا سيما بعد الإبعاد المثير للجزائر، من مبادرة تشكيل قوة أفريقية لمحاربة الإرهاب في أفريقيا والساحل الصحراوي، بإيعاز وتفعيل من باريس، رغم رعايتها لاتفاق السلام بين فصائل المعارضة المسلحة والسلطة في باماكو عام 2015. وتعكف فرنسا منذ اعتلاء الرئيس إيمانويل ماكرون، قصر الإيليزي، على تحقيق عودة قوية إلى أفريقيا، والتحكم في بؤر التوتر. وكانت باماكو أول وجهة للرئيس الجديد بعد انتخابه في الأشهر الماضية، والجزائر أول المتضررين من المخطط الفرنسي في المنطقة، كما قطع ماكرون الطريق تماما، أمام موسكو بإطلاق ودعم وتمويل المبادرة من طرف حلفائه التقليديين بعيدا عن روسيا. وحسب بيان لرئاسة الوزراء الجزائرية، فإن الزيارة التي “تأتي عقب انعقاد الدورة الثامنة للجنة المشتركة للتعاون في سبتمبر الماضي، ستكون فرصة لتعميق وتعزيز الحوار الاستراتيجي بين البلدين”. وصرح وزير الخارجية عبدالقادر مساهل، أن “ديمتري مدفيديف سيقوم خلال الزيارة بعدة لقاءات مع مسؤولين جزائريين لإبرام اتفاقيات تُعزز العلاقات المتميزة بين البلدين، وأن الزيارة التي تدخل في إطار التشاور الدائم ستعرف مناقشة بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ كالنزاعات في المنطقة، أو في الشرق الأوسط”. وكانت مصادر من اللجنة التحضيرية المشتركة، قد تحدثت في سبتمبر الماضي، عن توقيع الطرفين لثمانية اتفاقيات تعاون خلال زيارة مدفيديف، دون الكشف عن طبيعتها، وذلك خلال اجتماع لجنة التعاون المشتركة بالجزائر العاصمة، ومن المنتظر أن تشمل اتفاقيات تعاون تتعلق بالتسليح والطاقة والاقتصاد. وأكد رئيس الوزراء الروسي، في حوار مع وكالة الأنباء الرسمية، أن”البلدين يريدان إضفاء ديناميكية على شراكتهما الاقتصادية بتوسيع مجال التعاون من خلال توقيع عقود هامة”. وأوضح أن “بلاده مستعدة لتقديم الدعم اللازم للجزائر في حال قررت بناء صناعة نووية لأغراض سلمية “، مما يوحي إلى أن اتفاقا في هذا الإطار سيتم التوقيع عليه. وأشار إلى أن “روسيا والجزائر تتمسكان بالمواقف المتطابقة من أن لكل شعب القدرة والحق في تحديد مصيره، وفي حل مشاكله الداخلية بطريقة مستقلة وبوسائل سلمية في إطار القانون”. وتابع “سنواصل تنسيق مواقفنا من مسائل السياسة الخارجية، ومن بينها قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء”، وهي رسائل واضحة عن نوايا الروس في توظيف علاقتهم التاريخية مع الجزائر، في استعادة مواطن النفوذ في المنطقة، وفي ليبيا والساحل تحديدا.
مشاركة :