النقد غير الصناعة، وليس كما يروّج البعض، جزءا من الصناعة، بل هو جزء من الثقافة.العرب أمير العمري [نُشر في 2017/10/11، العدد: 10778، ص(16)] 1- لكي تكتب النقد السينمائي يجب أن يكون لديك أولا هم حقيقي بقضية السينما، أي بوجودها ومغزاها وعلاقتها بالفنون وبما تضيفه للإنسان، أي أن تشتبك مع الأفلام وقضاياها وما تعرضه وتبتعد بالتالي عن التطبيل وإرسال برقيات التهنئة للمخرجين. 2- لكي تكون ناقدا حقيقيا يجب أن تبتعد عن التقاط صور “السيلفي” مع “الفنانات”، تظهر فيها في أوضاع مضحكة تريد أن تكون “الولد أبو دم خفيف”، فأنت لست ممثلا هزليا، وجمهورك غير جمهور ممثلي الكوميديا.. أما إذا أردت أن تكون مهرجا فاترك النقد واشتغل مع “خالتك” المنتجة، أو حبيبة قلبك “الموزعة”، أو صديقتك الممثلة التي لا تكف عن إرسال الورود وبطاقات التهنئة لك كلما نشرت مقالا من مقالاتك الرديئة! 3- ابتعد عن الدخول في الصناعة نفسها، أي لا يصح أن تعمل مراجعا للسيناريوهات مقابل تقاضي المال من شركات الإنتاج، لأنه سيصبح مطلوبا منك توظيف كتاباتك لتلميع وترويج الأفلام التي قبضت ثمن “ضبط” سيناريوهاتها. النقد غير الصناعة، وليس كما يروّج البعض، جزءا من الصناعة، بل هو جزء من الثقافة. 4- لا ترتمي تحت قدمي مدير أي مهرجان سينمائي تقابله، وتسرع بالكتابة عنه وعن حلاوته وجماله وقدراته العبقرية بغرض أن يرسل إليك دعوة لحضور مهرجانه، فالناقد يوجد من دون المهرجانات، أما المهرجانات فلا توجد من دون النقاد. 5- يجب أن تكتب دون أن يكون لعلاقاتك الشخصية بصناع الفيلم أي تأثير على ما تكتبه.. فإذا كنت على خلاف مع مخرج فيلم ما، لا تجعل هذا يؤثر على موقفك من الفيلم خاصة إذا كان جيدا، أما إن وجدت الفيلم رديئا فربما يكون الأفضل ألاّ تكتب عنه. 6- اعتمد على اجتهادك الخاص في فهم وتحليل الفيلم ولا تنقل أفكار وآراء الآخرين، ومن الأفضل كثيرا أن تعبّر عن رؤيتك الخاصة للفيلم مهما بدا أنك تحلق خارج السرب طالما أنك تملك تقديم ما يدعم رؤيتك، لا أن تساير الغالبية. 7- إذا أردت مشاهدة الأفلام في عروض خاصة، لا يجب أن تشاهدها في حضور مخرجيها أو في عروض يقيمها لك مخرج الفيلم خصيصا، فهذا يعتبر نوعا من الابتزاز العاطفي المباشر.. والنفس أمّارة بالسوء! 8- لا تذهب أبدا لمشاهدة أي فيلم في منزل مخرجه حتى لو كان صديقك، خاصة إذا كانت الدعوة مصحوبة بالغداء أو العشاء، فالصداقة والتهام الطعام شيء، والكتابة عن فيلم ما شيء آخر. 9- لا تقبل أن يدعوك أي منتج أو مخرج إلى الطعام أو الشراب، يمكن بالطبع أن تجلس وتتبادل الحديث معه، ولكن احرص على أن تدفع أنت له ولك.. فالناقد يجب أن يتمتع بالكرامة وبالتالي بالاستقلالية. 10- شاهد الأفلام كلما أمكنك ذلك، على الشاشة الكبيرة لا على شاشة اللابتوب أو الكومبيوتر.. وهذا ما يدفعنا إلى الذهاب لمشاهدة الأفلام في المهرجانات الدولية التي تحترم النقاد وتنظم لهم عروضا خاصة، وإذا اقتضى الأمر يجب أن ترتبط شاشة الكومبيوتر في منزلك بشاشة تلفزيونية كبيرة ونظام جيد للصوت يسمح لك بالمشاهدة الجيدة والحكم الدقيق على فنيات العمل. أما عن الكتابة وأسلوب الكتابة وطريقة الكتابة وعن ماذا تكتب وكيف تكتب.. فكلها أمور تقديرية تخضع لثقافة الناقد وميوله، ولا أستطيع أن أزعم أن هناك وصفة سحرية لها، فمن المهم أن يفهم أي ناقد أو أي من يريد أن يكون ناقدا للأفلام، أن النقد أولا وأخيرا “ثقافة”، أي أن ما يميزك عن غيرك هو ثقافتك، وأن جانبا أساسيا في الثقافة هو “القراءة” وليست المشاهدة فقط. ومهما تشابكت وتعددت علاقاتك، وتعدد ظهورك على شاشات التلفزيون، حتى لو حصلت على جوائز وتكريمات وتبريكات ودعوات، فهذه كلها لن تغني عن “الثقافة”. ناقد سينمائي مصريأمير العمري
مشاركة :