مطعم في الرباط موظّفوه مصابون بإعاقات ذهنية

  • 10/12/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يظن الداخل إلى مطعم «هدف» الواقع في حي شعبي وتجاري في الرباط أنه في مطعم كسائر المطاعم، إلا أن العاملين فيه هم من أصحاب الإعاقات الذهنية في تجربة رائدة في مجال إدماج هؤلاء الأشخاص في المجتمع. عند مدخل المطعم يراقب عمرو الذي كان يرتدي قميصاً قطنياً أبيض وسروالاً أسود، حركة الشارع بحثاً عن زبائن في حين أن بقية الفريق العامل يضع اللمسات الأخيرة على الطاولات. ويقول الشاب البالغ 28 سنة بحماسة: «بدأت التعلم في المقصف. أما في المطعم فأنا آخذ طلبيات الزبائن. أحب التواصل معهم والتعرف إليهم. عندما يكون هناك كثير من الناس أخاف، لكن عدا ذلك كل شيء ممتاز. لقد اعتدت الأمر». هذه التجربة الرائدة أرادتها جمعية محلية أسسها أولياء أشخاص يعانون إعاقات ذهنية من أجل تغيير الأفكار السائدة وتشكيل منصة لهؤلاء الشباب الذين لا يجدون مكاناً في سوق العمل. في المغرب، تصل نسبة البطالة في صفوف ذوي الحاجات الخاصة إلى 47.65 في المئة، أي أربع مرات أكثر من المعدل الوطني في بلد يضم 2.3 مليون من ذوي الحاجات، كما اظهرت دراسة نشرتها وزارة الاسرة المغربية. وتقول سمية عمراني العضو في المجلس الوطني لحقوق الانسان ونائبة رئيسة تجمع يهتم بذوي الحاجات الخاصة: «لا يمكن ان نحضّر الطفل ليكون كائنا اجتماعيا وان يتعلم العيش ضمن المجتمع فيما نبقيه على هامش المجتمع. يجب ان يكون ضمن المجتمع ليتعلم مع الآخرين». وهي تعتبر ان هذه المعركة تبدأ في المدرسة. ويعرب معاد (28 سنة) وقد وضع قبعة الطاهي على رأسه في مطبخ المطعم، عن ارتياحه لأنه تدرب على هذه المهنة، هو الذي لم يلتحق بالمدرسة الا لثلاث سنوات في المرحلة الابتدائية. ويوضح: «تعلمت الكثير مع زملائي. أنا سعيد جداً وعائلتي فخورة بي». وينص الدستور المغربي الذي أقر عام 2011 على «إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية». لكن على أرض الواقع لا تزال نسبة ذوي الحاجات الذين يلتحقون بالمدرسة ضئيلة. فـ41.8 في المئة من هؤلاء الذين هم بين سن 6 و17 سنة يرتادون المدرسة، في حين تتراجع النسبة الى 37.8 في المئة في فئة 6 إلى 11 سنة. كما يعاني ثلث المشردين إعاقات. ويؤكد معاد وهو يقطّع البقدونس قبل أن يوزعه على صحون السلطة المعدة من الخضار العضوية المزروعة في بستان المركز: «هذا المطعم أمر جيد لي وللزبائن». ويتبع المطعم مركز «هدف» الذي أسسته قبل 20 عاماً «جمعية آباء وأصدقاء الأشخاص المعاقين ذهنياً». وبات يضم 90 شاباً من الرباط وضواحيها فيما لا يزال آخرون على قائمة الانتظار. وإلى جانب التدرب على العمل في مطعم، يتلقى الشبان والشابات تدريبات على البستنة وصنع المجوهرات والنجارة والخياطة... ويدفع هؤلاء قسطاً في مقابل التدريب إلا إذا كانت عائلاتهم فقيرة. وتقف وراء المشروع أمينة مسفر التي تعاني ابنتها البالغة 38 عاماً إعاقة ذهنية إلى جانب أنها كفيفة. وتقول مسفر: «أدركت سريعاً أنه لا يمكن الشخص أن يتحرك بمفرده. لكن من خلال تشكيل تجمع نكون اكثر قوة ويمكننا أن نجد الحلول. كانت هناك آليات تهتم بهؤلاء الأشخاص حتى سن الحادية والعشرين (فقط). وكان أطفالنا بعد ذلك يتركون لأمرهم». قاعة المطعم تعج بالزبائن. وتقول فاطمة بديع وهي تنهي تحليتها «آتي إلى هنا للمرة الأولى إنها مفاجأة سارة. المكان مرتب. ونوعية الخدمة والطعام جيدة».

مشاركة :