بيروت السينمائي يخرج فان غوخ من اللوحة إلى السينماجمع فيلم جديد بين الفن التشكيلي وسحر السينما بعد أن قرر صناعه اختيار الرسام الهولندي فينسنت فان غوخ محورا لعملهم فجاء فيلم الرسوم المتحركة “في حب فينسنت” على هيئة بانوراما لمشوار وأعمال الفنان الراحل، والفيلم من إخراج البريطاني هيو ويلشمان والبولونية دوروتا كوبيلا ويحكي قصة حياة فان غوخ حتى وفاته من خلال مقابلات خيالية مع شخصيات في رسوماته.العرب رنا نجار [نُشر في 2017/10/12، العدد: 10779، ص(16)]لا يزال يثير الجدل بيروت – عرض مهرجان بيروت الدولي للسينما فيلم “في حب فينسنت” الأربعاء ضمن دورته السابعة عشرة التي تمتد من الرابع إلى الثاني عشر من أكتوبر الجاري. وينطلق الفيلم الذي أخرجه كل من البريطاني هيو ويلشمان والبولونية دوروتا كوبيلا، والذي يروي قصة حياة الرسام الهولندي فينسنت فان غوخ من مقولة الفنان ذاته “لا يمكننا التعبير إلاّ بواسطة لوحاتنا” التي كتبها في رسالته الأخيرة قبل وفاته. وتبدأ أحداث الفيلم بعد عام واحد من وفاة الرسام الهولندي الملقب “أبو الفن الحديث” في 1890، لتتالى اللوحات المتحركة بين الحقول والوديان والطبيعة والأشخاص راوية قصة حياة فان غوخ وما كان يدور في عقله الكبير وقلبه الحزين وما بينهما من قلق واكتئاب. ويسرد الفيلم تلك الحياة من خلال ابن ساعي البريد أرماند الذي كلفه والده بإيصال آخر رسالة كتبها فان غوخ لأخيه ثيو، ويتحول هذا الشاب الوفيّ فجأة إلى محقق في كيفية وماهية وفاة صاحب لوحة “ليلة مضيئة بالنجوم” الأكثر شهرة في العالم. وحبكة الفيلم الذي عرض الأربعاء في بيروت في عرض أول بالعالم العربي، تنطلق من الشك في أن أحدا قتل فان غوخ فتأخذنا برحلة إعادة النظر والتمعن في لوحات هذا الفنان العظيم وشخصياته مثل طبيبه بول جاشيه وابنته مارغريت وساعي البريد جوزيف رولان الذين خلدهم فان غوخ في بورتريهات تكاد تكون ناطقة.الفيلم يقدم رحلة سريعة أشبه بزيارة متحف فان غوخ الضخم في أمستردام مبحرا في عوالم علم النفس والقصة البوليسية وهذه الرحلة السريعة الأشبه بزيارة متحف فان غوخ الضخم في أمستردام تستغرق 95 دقيقة مكثفة (مدة الفيلم) تبحر في عوالم علم النفس والقصة البوليسية. ويصور الفيلم عالم فان غوخ في تجربة سينمائية لا تضاهى بعد إجراء أبحاث دقيقة واستلهام قطع فان غوخ الفنية وموضوعاتها ومن 800 رسالة شخصية. ومات الرسام الهولندي عن 37 سنة بعد انتحاره إثر معاناة طويلة مع الاكتئاب، وبعد 127 سنة على وفاته المبكرة لا يزال ذواقة الفن حول العالم يحلمون بحياته وأعماله وإرثه الفني. واستغرق تحويل قصة آخر أيام فان غوخ إلى فيلم رسوم متحركة سبعة أعوام، وساهم في إنجازه 125 رساما كلاسيكيا محترفا حول العالم و65 ألف إطار مرسوم يدويا، أي بمعدل لوحة زيتية في الثانية الواحدة تقريبا. وحاز الفيلم على جائزة الجمهور من المهرجان الدولي للفيلم في فرنسا عام 2017 والجائزة الذهبية من مهرجان شنغهاي للفيلم في الصين عام 2017 أيضا. وعرض الفيلم مؤخرا بمدينة نيويورك وبلغت كلفة إنتاجه 5.5 مليون دولار، وقد مثل كمشروع حلما للفنانة البولندية دوروتا كوبيلا التي أشرفت على كتابته وإخراجه مع هيو ويلشمان. ويهدف هذا العمل إلى تعريف العالم أكثر بتجربة فان غوخ، متجاوزا ما تم تداوله عن إصابته بالجنون وقيامه بقطع أذنه، وكذلك ارتفاع أسعار لوحاته في المعارض العالمية. ويعرض الفيلم سيرة فان غوخ التي استعصت على الكثيرين رغم شهرة أعماله، فالرجل لم يكن يوما محظوظا في حياته منذ ولادته في إحدى القرى الهولندية سنة 1853.الفيلم حاز على جائزة الجمهور من المهرجان الدولي للفيلم في فرنسا عام 2017 والجائزة الذهبية من مهرجان شنغهاي للفيلم في الصين عام 2017 أيضا ومأساة حياة فان غوخ وقصة موته الغامض أثارت اهتمام عشرات المخرجين والكتاب الذين صنعوا عشرات الأفلام الروائية والوثائقية حول حياته والتي حولته لأحد رموز الثقافة المعاصرة. ومن بين هذه الأفلام نجد فيلم “فان غوخ” للمخرج موريس بيالا (1991)، والذي يركز فيه مخرجه الفرنسي على الأيام الـ67 الأخيرة من حياة الفنان، وما يميز هذا الفيلم أن المخرج كان مهتما بنفي صفة الجنون عنه وإعادة تقديمه كرجل طبيعي لا يعاني مرضا عقليا. وهناك أيضا فيلم “فينسنت وثيو” للمخرج روبرت ألتمان (1990)، وهو الفيلم الذي كان مخرجه مسحورا بالعلاقة شديدة الخصوصية التي كانت تربط فان غوخ بأخيه ثيو، والذي كتب له مجموعة من أعذب الرسائل التي عرفها العالم، واحتوت هذه الرسائل على الكثير من المعلومات شديدة الثراء بسبب ما تعكسه حول الجوانب الخفية للنفس الإنسانية، ويمكننا من خلالها -أيضا- أن نعرف الكثير عن سيكولوجية الإبداع الفني. أما المخرج فينسنت مينيللي فقدم صورة أخرى لفينسنت فان غوخ من خلال فيلمه “شهوة الحياة لفينسنت غوخ” (1956)، وهي الصورة التي يبدو أنها الأكثر انتشارا عن الفنان، ذلك المجنون الذي يدفعه جنونه نحو ممارسة الفن حتى لحظة وفاته، ففي مشهد انتحاره يصوره الفيلم وهو يطلق الرصاص على نفسه أثناء رسمه لوحته الأخيرة “حقل القمح والغربان”، كما أن هناك عشرات الأفلام الأخرى التي تحدثت عن الفنان والإنسان.
مشاركة :