فِرَق سعودية ودولية تعثر على آثار تعود للعصر الحجري في 3 مواقع بتبوك

  • 10/12/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت البعثات السعودية الدولية العاملة في منطقة تبوك، بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، عن العثور على عدد كبير من الأدوات والنقوش الأثرية والوحدات المعمارية في ثلاثة مواقع بمنطقة تبوك، تعود لحضارات مختلفة، تبدأ من العصر الحجري وحتى العصر الإسلامي؛ مشيرة إلى أن هذه المواقع بحاجة إلى المزيد من الدراسة وأعمال التنقيب؛ حيث تتكئ منطقة تبوك وبقية مناطق المملكة على حضارات ضاربة في التاريخ؛ خاصة أنها كانت ممراً لطرق التجارة القديمة، وتحمل رسوماً صخريةً وحيوانيةً؛ ففي موقع كلوة -شمال شرق تبوك- عثر الفريق السعودي الفرنسي المشترك على أدوات أثرية وعدد كبير من الرسوم الصخرية الآدمية والحيوانية تعود إلى العصر الحجري. وتقع كلوة داخل محمية الطبيق على بُعد حوالى 280كم شمال شرقي تبوك، ويمكن الوصول إليها من خلال الطريق الواصل بين تبوك وطبرجل، الذي يبعد عنها جنوباً بمسافة 130كم تقريباً بطريق ترابي يصل إلى كلوة، مروراً بمركز مغيرة، ابتداء من مركز فجر الواقع على بُعد 180كم من تبوك. ويُعَد موقع كلوة الأثري والمواقعُ المحيطة به، من المواقع الأثرية الهامة التي تحتاج إلى المزيد من الدراسات الأثرية المتخصصة؛ وذلك لما تحمله هذه المواقع من العناصر الأثرية المميزة التي تدل على أن المنطقة شهدت استيطاناً على نطاق واسع منذ فترة مبكرة من حياة الإنسان، امتد على الأرجح لفترات طويلة متعاقبة؛ حيث يمكن تمييز مراحل حضارية عديدة تبدأ بفترة ما قبل التاريخ، مروراً بالعصور التاريخية والفترة السابقة للإسلام، إلى جانب الفترة الإسلامية؛ إذ يبدو أن العوامل المناخية أثّرت على حياة الإنسان في هذه المنطقة؛ الأمر الذي أصبح معه الاستقرار مرتبطاً بشكل كبير بتوفر الظروف المناخية الملائمة وخاصة المياه. وكانت فترة ما قبل التاريخ أكثرَ وضوحاً؛ حيث يمكن ملاحظة انتشار الأدوات الصوانية في كلوة والمواقع المحيطة بها بشكل كثيف، ومبدئياً يمكن أن تُنسب هذه الأدوات إلى العصر الحجري الحديث الذي لا شك أنه شَهِد في مراحله الأخيرة المحاولات الأولى للاستقرار الذي ارتبط ببعض المنشآت البسيطة المنتشرة بالموقع والمنطقة المحيطة به، وهذه المنشآتُ على الأرجح استمرت في التزايد تدريجياً خلال العصور التاريخية والإسلامية. وفي الجانب الآخر؛ أمكن العثور على عدد كبير من الرسوم الصخرية الآدمية والحيوانية، تجسّد حياة الإنسان في هذه المنطقة، إلى جانب العديد من النقوش بالخط العربي في فترة ما قبل العصر الإسلامي، والذي يُعرف بالخط الثمودي "المحلي"؛ أما خلال الفترة الإسلامية؛ فتم العثور على عدد من النقوش والكتابات. وتُعَد الرسومات الصخرية في منطقة كلوة من الأكثر قِدَماً في الجزيرة العربية؛ إذ يتضح ذلك في الأسطح الصخرية المتآكلة بصورة كبيرة وتأثير العوامل الجوية عليها، ويقع تاريخ الرسومات الصخرية لمنطقة كلوة في الحقبة بين 9000- 7000 ق م. وفي الأودية والمناطق الرعوية الواقعة بين منطقتيْ تبوك والجوف، سجّل الفريق السعودي الياباني 30 موقعاً ترجع لفترات وعصور متنوعة من العصر الحجري القديم، والعصر الحجري الحديث، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي ومواقع من العصور الإسلامية؛ منها آثار حوض قرية الذي يُعَد من المناطق الواعدة بما تضمه من تسلسل استيطاني يرجع إلى العصر الحجري الحديث والعصر الحديدي؛ حيث جرى الكشف في الموقع عن مستوطنة صغيرة تضم عشرة مدافن، ويمكن القول -بما قدمته نتائج الدراسات من نتائج أولية- أن المنطقة تُعَد ذات نشاط رعوي شبه مستقر في تلك الحقب، وقد كُشف في بعض تلك المدافن عن أدوات حجرية للطحن، كما تم الكشف في موقع قرية عن تسع مدافن، كشفت الدراسات أنها مدافن جماعية من عصور ما قبل التاريخ لرعاة رحّل، معزولة عن مواقع الاستيطان البشري، وهي ذات أبراج دائرية ومستطيلة ومربعة ومنها ما تعلوها منصات وجدران قائمة. وبمقارنة هذه المدافن مع مثيلاتها في المناطق المجاورة في سيناء وجنوب الأردن؛ يمكن إرجاعها إلى أواخر العصر الحجري الحديث، والعصر النحاسي، والعصر البرونزي المبكر. كما اكتُشفت في بعض المواقع، كِسَر فخارية من العصر الحجري الحديث والحديدي والنحاسي، كذلك اكتشفت فِرَق المسح الأثري العديدَ من الأدوات الحجرية خلال هذا المسح؛ منها منقاش من الحجر الصوان يرجع للعصر الحجري الحديث أكبر الموانئ النبطية التجارية. من جهة أخرى كشف فريق علمي سعودي بولندي مشترك، عن آثار مستوطنة أثرية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد في موقع عينونة الأثري الواقع شمال غرب المملكة بمنطقة تبوك، كما اكتشف الفريق بقايا جدران ممتدة تحت الطبقة الأرضية الحالية؛ مما يشير إلى وجود مراحل سكنية سابقة في الموقع؛ فيما كشفت البعثة عدداً من المعثورات الفخارية المتنوعة، والمطاحن والمدقات التي استخدمت في طحن الحبوب أو المعادن، وعدد من الأصداف البحرية المتنوعة؛ فضلاً عن العثور على بقايا مجموعة من الأفران داخل الغرف وبقايا صهر لخامات معدنية مختلفة. وقامت البعثة المشتركة (السعودية البولندية) المختصة، بالتنقيب عن الوحدات المعمارية المتبقية في المنطقة التجارية بعينونة، التي تُعَد من أضخم المباني المعمارية الموجودة في المنطقة الأثرية، كما تم إجراء الرفع المعماري، وإعداد خرائط طبوغرافية وثلاثية الأبعاد للمستوطنة السكنية الواقعة على قمة جبل الصفراء شرق موقع عينونة، وتم الكشف عن التقسيمات الداخلية للمباني، وإبراز عناصرها المعمارية والوظيفية. كما تمكنت البعثة من الكشف عن التسلسل الطبقي للموقع، وتوضيح مراحل الاستيطان فيه، إلى جانب القيام بدراسة المواد الأثرية المكتشفة، وإعداد سجل للقِطَع المستخرجة من أعمال التنقيب. وتَمَثّلت عمليات التنقيب في الكشف عن التفاصيل المعمارية لواجهات الغرف الشمالية من المباني المطلّة على الساحة المتوسطة بالموقع، إلى جانب الكشف عن المخطط الداخلي ومساحات الغرف لمنطقة السوق الرئيسي في المستوطنة. ويضم موقع عينونة، عدةَ مواقع أثرية يعود بعضها للفترة النبطية الرومانية، وبعضها لفترات إسلامية متعاقبة، ويحتوي الموقع على مجموعة من الوحدات المعمارية تتركز على أرض واسعة مرتفعة عن بطن الوادي، تُطِل على بقايا لتلال أثرية ومزارع، ومجرى لعين تُعرف في المصادر الإسلامية بـ"عيون القصب"، ومن أكثر المجموعات وضوحاً بموقع عينونة، وحدةٌ معمارية ضخمة أُطلق عليها "السوق"، وهي المنطقة التي شَمِلها عمل التنقيب الأثري للموسمين الأول والثاني؛ حيث تحتوي هذه المنطقة على صفين من الغرف المربعة على طول امتداد المبنى من الشرق إلى الغرب في الجهتين الشمالية والجنوبية من المبنى، يتخللها عدد من المساحات، بالإضافة إلى وجود برج مراقبة في وسط الموقع يبلغ ارتفاعه 14م؛ فضلاً عن مجموعة من المقابر الواقعة عند سفح الجبل، كما يحتوي موقع عينونة على مستوطنة سكنية واقعةٍ على قمة جبل الصفراء على ارتفاع 60م تقريباً، بها عدد من المباني السكنية المتراصّة؛ حيث تُعَد عينونة من أكبر الموانئ النبطية التجارية (ميناء لوكي كومي) على ساحل البحر الأحمر الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد، ويمتد إلى القرن الثاني الميلادي. وتعمل حالياً بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أكثرُ من 30 بعثة وفريق علمي متخصص في البحث والتنقيب الأثري، يضم إلى جانب العلماء السعوديين علماءَ متخصصين من أرقى جامعات العالم وأعرق المراكز البحثية من دول عدة؛ منها: (فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وبلجيكا، وبولندا، وفنلندا، وهولندا، والنمسا، وغيرها أخرى قادمة)؛ إذ كشفت أعمال هذه البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار في المملكة العربية السعودية، عن نتائج بالغة الأهمية لتاريخ المملكة والجزيرة العربية والتاريخ الإنساني. يشار إلى أن المملكة ستشهد أول ملتقى متخصص في الآثار؛ هو الملتقى الأول لآثار المملكة العربية السعودية الذي سيُقام برعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في الفترة من 18- 20 صفر 1439هـ في مدينة الرياض. وسيشهد الملتقى عدداً من الجلسات العلمية وورش العمل المتخصصة في آثار المملكة، بمشاركة نخبة من أبرز علماء الآثار على مستوى العالم، كما يتضمن الملتقى مَعارض متخصصة تُبرز المواقع والمكتشفات الأثرية في مناطق المملكة.

مشاركة :