نشأت المغنية العراقية الكندية نوفا عماد في بيت فني عريق، وترعرعت في كنف والديها سيتا هاكوبيان «فيروز العراق» والمخرج عماد بهجت. وصقلتها تجارب المهنة إلى أن أصبحت فنانة شابة تتميز بأصالة لونها الغنائي وعذوبة صوتها ونقائه ودفئه ونكهته الأوبرالية. كانت هواية الغناء تراودها وهي في ربيع العمر. وكان والداها سنداً أساسياً في ترجمة أحلامها إلى واقع حقيقي. وسرعان ما أصبح الغناء رفيق دربها في الغربة، يؤنس وحشتها، ويعمق في نفسها مشاعر الحنين إلى الأهل والوطن، ويبني جسور التواصل مع جمهورها العربي ومع نخبة من مشاهير الغناء داخل كندا وخارجها. وتوجت نوفا مسيرتها الغنائية أخيراً بصدور ألبومها الأول «خايف عليه». وهو، كما تقول لـ «الحياة»، يضم تسع أغنيات آخرها أغنية باللغة الفرنسية بعنوان «ديجالوب». وتضيف: «أنه ثمرة خمس سنوات من الجهد والعمل والتعاون مع فنانين عراقيين وعرب أمثال الموسيقي المصري هشام نزيه، والفنان اللبناني إيلي معلوف الذي لحن وعزف واحدة من أجمل وأصعب أغنيات الألبوم («خلف الأسوار»)، والموسيقي الأردني مراد ديمرجيان». وتتحدث نوفا عن مميزات ألبومها بالقول: «إنه يضم أغنيات تختلف في الكلمات والألحان والتوزيع والأنماط ذات القوالب الموسيقية غير المألوفة في الساحة الغنائية العربية». وترى أنها «قدمت عملاً فنياً يستطيع المستمع أن يكتشف فيه نكهة موسيقية جذابة أياً كانت جنسيته ولغته». وعن تجربتها الغنائية حتى اليوم تقول نوفا: «لا أستطيع تقويم عملي لأن من يقوّم الفنان هم الناس، ولكنني قدّمت أغنيات تختلف في الكلمات والألحان والتوزيع عن كل ما هو موجود في الساحة الغنائية العراقية خصوصاً، والعربية عموماً. تحديت نفسي في العديد من الألوان والأنماط الموسيقية، وهذا ما يظهر في ألبومي الجديد، إذ إنني لم أتقيد بأسلوب واحد، إنما قصدت تقديم أغنيات تمس مواضيع مختلفة، وتضعها في قوالب موسيقية جديدة لا علاقة لها بما هو مألوف في الوقت الحالي». وتميل نوفا إلى الألحان والكلمات الأقرب إلى النمط الموسيقي الذي نشأت عليه، بعيداً من القوالب الجاهزة الموجودة اليوم. وتقول: «أسلوبي غريب نوعاً ما لأنني لا أنتمي إلى أغان تنجح في يوم وليلة، وإنما أقرب إلى الموسيقى المستقلة واللانمطية». قدر لنوفا أن تشق طريقها برفقة مجموعة من المغنين العرب والأجانب. وشاركت المغني الكندي الفلسطيني الأصل أرابيسك، وغوتان بروجكت من الأرجنتين، ومغني الجاز الأميركي نايلز توماس، ودي جي صلاح من لوكسمبورغ. إلا أن شخصيتها الفنية لم تتبلور وتستقل إلا مع أغنيات «غربة» المستقاة من الموروث العراقي و «كلمة» و «ليلى» التي لاقت رواجاً كبيراً في العراق والدول العربية. بعد هذه النجاحات توجهت نوفا نحو المسارح العربية والعالمية فغنت في مهرجاني جرش مع الفنان الأردني فرات قدوري و «تيدكس» في العراق، ألواناً من التراث العراقي بتوزيعات موسيقية حديثة. وشاركت في أوروبا مع فريق «غوتان بروجكت» بأغنية عن السلام عنوانها «الاختلاف»، جمعت فيها بين الموسيقى العربية والتانغو. كما غنت مع فنانين وعازفين أجانب ألواناً مختلفة كالجاز والهيب هوب والفلامنكو والراب. ووفرت لها مجمل هذه التجارب «موقعاً فنياً واسماً وجمهوراً عربياً وأجنبياً على المواقع الإلكترونية داخل كندا وخارجها». بدأت حياتها الفنية عبر ثلاث محطات: الأولى في العراق وهي مرحلة الهواية وأداء بعض الأغنيات أمام الأهل والأقارب، وفي الحفلات المدرسية. والثانية في قطر حيث تعرفت إلى عازف العود الأردني توماس الحمد وغنت على وقع معزوفاته وسط مجموعة من الأصدقاء وفي الجلسات العائلية. أما المحطة الثالثة فكانت في كندا حيث التقت مجدداً الفنان الأردني الذي قدمها لفريق من عازفي الجاز في أوتاوا اسمه «جوي فيوشن». وكان أسلوبه في الحفلات غير مألوف فنياً إذ كان يطلب من الجمهور أن يختار لحناً يرغب في سماعه، ويقوم الفريق، ومنه نوفا، بالبناء عليه وارتجال معزوفة أو أغنية عربية أو أجنبية تتطابق مع هذا اللحن. علماً أن «هذا الأسلوب على المسرح، كان يتطلب كثيراً من الحنكة والجرأة والتحدي»، كما تقول. شكلت أغنية «غربة» المستوحاة من مقطع لأغنية عراقية تراثية (جي مالي والي متعذبة بدنياي) انعطافاً فنياً كبيراً في حياة نوفا الغنائية والموسيقية، فإضافة إلى انتشارها الواسع والتزامها قضايا الوطن والغربة والحب وجمعها للأصالة والحداثة، شكلت عنوان ألبومها الأول ومولودها الفني الذي أبصر النور بعد عشر سنوات من العمل. وطبيعي أن تتصدر «غربة» ثماني أغنيات بما فيها أغنية «كلمة» للكاتب والشاعر والصحافي الكندي السوري أحمد معروف، وكلها كتبت باللغة العربية ما عدا واحدة بالفرنسية، ونفذت بالتعاون مع فنانين عرب وعراقيين وأجانب.
مشاركة :