من الاستثمار الأكبر في تاريخ إيفرتون إلى التصويت بالثقة في المدرب في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول): بدا هذا الموسم دوماً مرشحاً لأن يتحول إلى اختبار صعب لمهارات المدير الفني لإيفرتون رونالد كومان بمجال التدريب، وبخاصة بالنظر إلى عدد الوجوه الجديدة، وقرار بيع روميلو لوكاكو والجدول شديد الازدحام. ومع هذا، توقع القليلون أن يتداعى المدرب الجديد على هذا النحو المزري والسريع. والآن بات لزاماً عليه هو، وليس «إيفرتون» إجراء تغييرات حاسمة خاصة بعد العطلة الدولية.ومع هذا، لا يزال المدرب الهولندي يحظى بكامل دعم الملياردير الإيراني فارهاد موشيري، صاحب حصة الملكية الأكبر في إيفرتون. ولا بد أن يكون المدرب الهولندي البالغ 54 عاماً قد وجد الوقت اللازم لتصحيح الأخطاء التي ألمت بـإيفرتون، وبخاصة أنه يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، لكن ليس كاملها، عن تراجع أداء الفريق. ومن المهم كذلك بالنسبة لموشيري إبداء ثقته في المدرب والصبر في التعامل معه، ليثبت أن هذه السياسة الحكيمة لم تغب عن النادي في ظل وجوده بمجلس الإدارة. والملاحظ أن التصريح الذي أدلى به الملياردير أمام جيم وايت من قناة «سكاي سبورتس» لم يخل من عيوب.وألقى موشيري باللوم فيما يتعلق بتراجع أداء الفريق على الإصابات والمواجهات الأوروبية والإرهاق الذهني والبدني، بجانب سلسلة من المباريات الصعبة؛ الأمر الذي ترك «إيفرتون» على بعد نقطتين من منطقة الهبوط. وقبل العطلة الدولية تلقى إيفرتون الهزيمة الخامسة على امتداد خمسة مباريات، مع نجاح لاعبي «بيرنلي» في تنفيذ خطة المدرب شأن دايش بصورة مثالية.وقال موشيري: إن «الهزيمة غير المتوقعة» في هذه المباراة تركت انطباعاً سلبياً جاء أسوأ تأثيراً عن الهزائم التي مُني بها الفريق أمام كل من تشيلسي وتوتنهام هوتسبير ومانشستر يونايتد، وذلك رغم إنفاق ما يقرب من 140 مليون جنيه إسترليني على ضم سبعة لاعبين جدد للفريق الأول هذا الصيف. ومع أن هذا ربما عكس حصافة دبلوماسية من قبل موشيري، لكن تبقى الحقيقة أنه لم يكن دقيقاً في إغفاله ذكر كومان من قائمة الأسباب التي أدت إلى المشكلات التي يعانيها «إيفرتون» في الوقت الحاضر.الواضح أن العناد الشديد من جانب المدرب وتخبط اختياراته بالنسبة للتشكيل الأساسي ساهم في الأداء السلبي المتكرر من جانب إيفرتون هذا الموسم. واللافت أن غياب السرعة والتوازن والتهديد للخصم شكلوا جميعاً ملحوظات مستمرة فيما يخص أداء «إيفرتون» الذي لطالما تأرجح بين الهزيمة والأداء الفاتر الباهت. وخلال مواجهة فريق أبولون ليماسول القبرصي في بطولة الدوري الأوروبي، الأخيرة، افتقر لاعبو إيفرتون إلى القدرة على اللعب على مساحات واسعة.جدير بالذكر، أنه كان لدى كومان ثلاثة لاعبين متخصصين في اللعب بالمساحات الواسعة على مقاعد البدلاء: لاعب خط الوسط الكرواتي الشاب نيكولا فالسيتش والجناح البلجيكي كيفين ميرالاس والجناح الناشئ أديمولا لوكمان. أما الأمر الذي ينبغي أن يثير قلق المدرب بشدة فيكمن في أنه عندما حاول تعويض هذا الخطأ بإشراك المهاجم السنغالي عمر نياسي وفالسيتش في التشكيل الأساسي أمام بيرنلي، جاء الأداء بذات الصورة الباهتة.ومرة أخرى، تسببت قرارات المدرب في دفع الفريق نحو تقديم أداء فاتر، وسلطت الضوء على ميله إلى الاستغناء عن الخيار السهل ـ المواهب الشابة التي ترعرعت داخل النادي مثل توم ديفيز وجونجو كيني ـ مقابل تفضيله الاعتماد على اللاعبين المنضمين حديثاً إلى النادي بتأييد منه. واللافت أن كل من مورغان شنيدرلين وآشلي ويليامز وغيلفي وسيغوردسون جابهوا صعوبات واضحة في التأقلم مع الفريق وتقديم أداء جيد، وإن كان سيغوردسون اللاعب صاحب الصفقة القياسية في تاريخ النادي بقيمة 45 مليون جنيه إسترليني ظل معزولاً على اليسار بعد أن قضى فترة ما قبل انطلاق الموسم في بذل جهود حثيثة لضمان الانتقال من «سوانزي سيتي». وفي تصريحات صحافية له، قال سيغوردسون: «كلانا يحب اللعب على نحو أكثر مركزية»، في إشارة إلى واين روني الذي نال أيضاً فرصاً محدودة فيما يخص مشاركته في دور مركزي، وتكبد ثمن إخفاقات الفريق عبر الاضطلاع بدور البديل، في المواجهة الأخيرة في مسابقة الدوري قبل العطلة الدولية أمام بيرنلي.كان روني قد عارض كومان قبل هذه المواجهة عندما شدد على أن غياب الثقة ليس جوهر المشكلات التي يعانيها إيفرتون. كان المدرب قد ادعى خلاف ذلك عندما اتُهم لاعبوه بالخوف من لعب الكرة أمام «أبولون» في مباراة انتهت بتعادل إيجابي بنتيجة 2 - 2 حمل تكلفة باهظة بالنسبة لـ«إيفرتون». المؤكد أن الفريق تحت قيادة كومان وبوجهه الجديد بدا غير متماسك. ودفعت سلسلة النتائج السيئة المدرب إلى تغيير توجهه في اللعب؛ ذلك أنه أصدر توجيهاته إلى اللاعبين باللعب على نحو أكثر مباشرة.من ناحيته، قال مايكل كين، أحد اللاعبين الذي ذكر كومان أنهم عانوا من غياب الثقة: «أعتقد أن الجميع توقعوا منا أكثر مما قدمنا حتى الآن: وأقصد اللاعبين وفريق العاملين، وليس الجمهور فحسب. إننا ندرك أن أداءنا كفريق كان مخيباً للآمال وفي حاجة إلى تطويره. إن توقعات الجماهير عنصر مهم، لكن العنصر الأساسي يكمن فيما نتوقعه نحن من أنفسنا، والواضح أنه خلال بضعة مباريات هذا الموسم جاء أداؤنا دون المستوى الذي ننتظره من أنفسنا».وأضاف: «لا أعتقد أن هذا كان الحال أمام بيرنلي. عن كل ما نحتاج إليه إبداء قدر أكبر من الجودة في الأداء ونأمل في أن ننجح في ذلك قريباً. كنت أظن أن خطة اللعب جيدة. ورغم أننا كنا متفوقين عليهم بالفعل، فإننا افتقرنا إلى اللمسة النهائية الجيدة. ورغم أنه سبق وأن عايشنا هزيمة بنتيجة 1 - 0 وأصبنا بحالة انهيار، لكنني لم أشعر حينها بهذا السوء».من جانبه، يملك كومان بالفعل حلولاً للمشكلات التي يعانيها إيفرتون في متناول يديه فيما عدا المشكلة الأكبر بينهم - إيجاد بديل مناسب للوكاكو - الذي سجل عدد أهداف أكثر بفارق ثلاثة أهداف بعد انضمامه إلى مانشستر يونايتد في بطولة الدوري عما حققه مجمل لاعبي ناديه السابق الموسم الماضي. ومن المعتقد أن إدراك الإدارة لهذا الخطأ الفاحش الذي وقعت فيه خلال موسم الانتقالات يحمي مدرب إيفرتون من التعرض لضغوط داخلية أكبر.من جانبه، ربت بيل كنرايت، رئيس النادي، على كتف ستيف والش، مدير شؤون الكرة بالنادي على نحو بدا وكأنه يعزيه، وذلك في أعقاب هزيمة مذلة جديدة مُني بها الفريق على استاد «غوديسون بارك»، قبل العطلة الدولية. في الواقع، كان مسؤولو النادي مدركين تماماً لعزم لوكاكو على الرحيل وتوافر أمامهم وقت كاف لإيجاد مهاجم بديل بمجرد إعلان أوليفييه غيرود، هدفهم المفضل، نيته البقاء في «آرسنال».بدلاً عن ذلك، مرت ستة أسابيع وجرى إنفاق 45 مليون جنيه إسترليني على صفقة ضم سيغوردسون فقط. ومع أن هذه النفقات قد تبدو مبررة على المدى الطويل، فإن سيغوردسون لم يكن يشكل أولوية أمام النادي في ظل ضم روني، وكذلك إنفاق 23.6 مليون جنيه إسترليني على ضم ديفي كلاسين.ومع أن كومان يبدو رافضاً لأي تلميح إلى غياب الحكمة عن صفقات النادي خلال موسم الانتقالات الأخير، فإنه بعد إنفاق إجمالي 140 مليون جنيه إسترليني وخوض الفريق 14 مباراة، ربما آن الأوان كي يبذل كومان جهوداً حثيثة لتبرير قرار استعانة موشيري به في تدريب الفريق بعد أن أغراه بترك ساوثهامبتون مقابل عقد بقيمة 6 ملايين جنيه إسترليني سنوياً.
مشاركة :