كركوك (العراق) - استعادت القوات الاتحادية العراقية الجمعة مواقع سيطرت عليها قوات البشمركة الكردية قبل ثلاث سنوات في محافظة كركوك في شمال البلاد بعد أحداث يونيو/حزيران 2014 حين اجتاح تنظيم الدولة الاسلامية مناطق واسعة من العراق في هجوم كاسح انهار أمامه الجيش العراقي وكان نوري المالكي وقتها رئيسا للوزراء. وتأتي هذه العملية العسكرية في خضم الأزمة بين إقليم كردستان وحكومة بغداد على خلفية استفاء الانفصال الذي أجراه الاقليم في 25 سبتمبر/ايلول، متجاهلا اعتراض بغداد وتركيا وإيران وتحذيرات عربية وغربية من مغبة تلك الخطوة التي دشن معها العراق لاحقا فصلا جديدا من فصول النزاع مع الاقليم الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي. وسيطرت قوات البشمركة الكردية منذ يونيو/حزيران 2014 على مناطق أخرى بينها كركوك الغنية بالنفط والتي يطالبون بضمها إلى الاقليم، الأمر الذي ترفضه بغداد بشدة. وقال قائد قوات البشمركة في محافظة كركوك جعفر الشيخ مصطفى خلال مؤتمر صحافي ظهر الجمعة ان "البشمركة انسحبت من هذه المواقع، لأننا دخلناها لمحاربة داعش". وتابع "انسحبنا إلى خطوطنا في أطراف كركوك وعززنا مواقعنا وسندافع عن مدينة كركوك في حال شن الجيش العراقي أي هجوم على المدينة". وتحدث مصطفى عن اتصالات مع رئيس الوزراء حيدر العبادي لمعالجة المشكلة خلال 48 ساعة، لكنه قال إن "القادة العسكريين أبلغونا بأن لديهم أوامر بالتوجه إلى هذه المناطق ولا يهتمون بتصريحات العبادي". وتحدثت وسائل إعلام كردية عن انسحاب للبشمركة من مساحة 72 كيلومتر مربع. ورفض متحدثون رسميون في الحكومة والقوات الأمنية التعليق على الأمر. نذر مواجهة عسكرية وينذر التحرك العسكري العراقي باندلاع صراع مسلح مع الأكراد عاجلا أم آجلا ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية تضع حدا للتوتر الآخذ في التصاعد بين الجانبين. ولا توجد أي مؤشرات على انفراج قريب للأزمة بين الطرفين في ظل تمسك الأكراد بعدم التراجع عن نتائج استفتاء الانفصال وعلى ضوء تمسك بغداد بموقفها الرافض للاستفتاء وما يترتب عنه. وتناقل عناصر في الحشد الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي صور أحد عناصر الحشد وهو يرفع شارة النصر قرب علم لإقليم كردستان. وعلى صورة أخرى، يمكن رؤية ملصقات للحشد الشعبي مثبتة على لوحة تدل على طريق كركوك. في المقابل، قال هيمن هورامي كبير مساعدي رئيس الاقليم مسعود البارزاني في تغريدة على تويتر إن "قوات البشمركة مستعدة بشكل كبير للرد على أي هجوم محتمل من قوات الحشد الشعبي"، الفصائل المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية. وأضاف "أي تصعيد لن يأتي من جانبنا، وسندافع عن أنفسنا ونتصدى إذا تعرضنا إلى هجوم". وأعلنت سلطات الإقليم بشكل متكرر خلال الأيام الماضية أن قوات الحكومة المركزية تستعد للاستيلاء بالقوة على حقول النفط في محافظة كركوك، لكن بغداد نفت في المقابل صحة الاتهامات الكردية، مضيفة أن الاستعدادات العسكرية تأتي في اطار الحملة العسكرية على تنظيم الدولة الاسلامية، ليتضح الجمعة أن الأمر يتعلق بتحرك عسكري مباغت لاستعادة السيطرة على المناطق التي استولت عليها قوات البشمركة في كركوك. ويخشى إقليم كردستان أن توجه قوات الحكومة الاتحادية، بعد استعادتها مناطق كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، أسلحتها ضد البشمركة. وقطعت سلطات كردستان العراق الخميس الطرق الرئيسية بين الإقليم والموصل لساعات، قائلة إنها رصدت تحركات عسكرية قرب المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل. وتعيش مدينة كركوك، كبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، توترا دفع عددا كبير من الأهالي إلى التوجه إلى محطات المحروقات للتزود بالوقود. كما عمد العديد من المدنيين من أهالي القسم الشمالي لمدينة كركوك حيث تسكن غالبية كردية، إلى التجول وهم يحملون أسلحة، وفقا لشهود عيان. النفط والمطار وقاعدة العسكرية وكانت حكومة كردستان العراق أعلنت الجمعة أنها "قلقة من احتشاد الجيش العراقي والحشد الشعبي في البشير وتازة (حوالى 10 كلم) جنوب كركوك" التي تبعد ثلاثة كيلومترات فقط عن خطوط البشمركة. ووفقا لجهاز الاستخبارات الكردي، فإن قوات الحكومة المركزية "تعتزم الاستيلاء على حقول النفط ومطار وقاعدة عسكرية". وكانت حقول النفط في محافظة كركوك الغنية بالنفط تخضع للحكومة المركزية من خلال شركة نفط الشمال التابعة لوزارة النفط. وسيطر الأكراد عام 2008 على حقول خورمالا، ثم وسعوا استغلوا لاحقا هجمات نفذها تنظيم الدولة الاسلامية في 2014 لسيطروا على حقلي هافانا وباي حسن. وسيطرت قوات البشمركة على قاعدة الفرقة 12 من الجيش العراقي بعد وقت قصير من سقوط الموصل في يونيو/حزيران 2014 وعلى مطار مجاور لها، قبل أن يفرضوا سيطرتهم بالكامل على المدينة. وتزود حقول النفط الثلاثة الواقعة في محافظة كركوك، الاقليم بـ250 ألف برميل يوميا من أصل 600 ألف برميل هي مجموع ما يصدره الإقليم يوميا. وستشكل خسارة الاقليم لهذه الحقول خسارة كبيرة لدخل إقليم كردستان الذي يواجه ضائقة مالية كبيرة أحدثت حالة من الارباك في الاقليم ودفعت المئات من الموظفين للخروج في مظاهرات حاشدة احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم.
مشاركة :