القدس (أ ف ب) - يشكل اتفاق المصالحة الفلسطينية التاريخي الذي وقع في القاهرة الخميس معضلة للمجتمع الدولي في حال نجاحه، تتمثل في كيفية التعامل مع حركة حماس التي تعتبر عدو لدودا لاسرائيل وتصنفها دولا كثيرة في العالم كمنظمة ارهابية. ويراقب الاسرائيليون والاميركيون والاوروبيون وكذلك الامم المتحدة عن كثب المحادثات بين حماس وفتح اللتين اتفقتا برعاية مصرية على تسليم السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة في ادارة شؤون قطاع غزة بحلول 1 كانون الاول/ديسمبر. وسيسعى الطرفان ايضا الى تشكيل حكومة وحدة بينما يمكن لحماس ان تنضم في نهاية المطاف الى منظمة التحرير الفلسطينية- الشريك التفاوضي الرئيسي لاسرائيل في محادثات السلام. وليس هناك ما يشير الى ان حماس التي خاضت ثلاث حروب مع اسرائيل منذ العام 2008 ستحل جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام. ورحب الدبلوماسيون الغربيون باحتمال انهاء الانقسام الذي استمر عشر سنوات لكنهم أعربوا عن قلقهم من انضمام حماس الى الحكومة الفلسطينية الرسمية. وتعتبر اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حماس "منظمة ارهابية"، وتطالب بتخليها عن الكفاح المسلح ضد الدولة العبرية والاعتراف باسرائيل. والاتفاق الموقع في القاهرة يمكن ان يعقد خطط الرئيس الاميركي دونالد ترامب لاستئناف مفاوضات السلام المجمدة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ورأى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان المصالحة بين فتح وحماس "تجعل السلام أكثر صعوبة" متهما الحركة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة "بتشجيع العنف". وأضاف "التصالح مع القتلة جزء من المشكلة، وليس جزءا من الحل. قولوا نعم للسلام ولا للانضمام الى حماس". لكن دبلوماسيين غربيين قالوا لوكالة فرانس برس ان هناك حلولا محتملة تمكنهم من مواصلة العمل مع الحكومة التي تضم اعضاء في حماس. وقال أحدهم طالبا عدم ذكر اسمه "من الصعب تصور ان تتخلى حماس عن العنف بين ليلة وضحاها" مضيفا "لكن من الممكن التوصل الى حل وسط يتيح لنا العمل مع الحكومة حتى لو كانت مدعومة من حماس". - معاناة قطاع غزة- رحبت الامم المتحدة والجامعة العربية ودول غربية باتفاق المصالحة الموقع الخميس واعتبر الامين العام للمنظمة الدولية انطونيو غوتيريش انه يمكن ان يساهم في تخفيف معاناة قطاع غزة. وقد سيطرت حماس على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد ان طردت عناصر فتح الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس إثر اشتباكات دامية. وتفرض اسرائيل منذ عشر سنوات حصارا جويا وبريا وبحريا على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني شخص. ولا يتم امداد سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة سوى ببضع ساعات من الكهرباء يوميا في حين ان مستويات التلوث والبطالة مرتفعة. ومن شان تسليم حكومة السلطة الفلسطينية ادارة قطاع غزة ان يساعد على تخفيف الحصار وفتح باب التمويل الدولي لتطوير البنية التحتية المشلولة. وحول المصالحة، قال المحلل السياسي غسان الخطيب لوكالة فرانس برس "ستنجح جزئيا، لن تنجح بما يشمل الملف الامني والسياسي والانتخابات". وأضاف الخطيب "اتوقع انها ستنجح على مستوى الملفات الحكومية مثل الوزارات وعملها، والسبب هو ان حماس وجدت بأن عبء الحكم يؤثر على شعبيتها ومكانتها لذلك ترغب بالتخلص من هذا العبء ورميه في حضن فتح والسلطة الفلسطينية" بحيث ان "الملامة والانتقادات الشعبية تصبح توجه لفتح وليس لحماس". واكد الخطيب "هذا هو التنازل الوحيد الذي قدمته حماس" مضيفا "المصالحة لن تتعدى تسلم السلطة للمسؤوليات المدنية واعباء الحكم المدنية في غزة". من جهته، قال دبلوماسي أوروبي انه سيكون حذرا ازاء امكانية قبول وضع مشابه للبنان حيث يحافظ حزب الله على جناحه العسكري بشكل مستقل عن الحكومة. وأضاف "نريد ان نرى ان حماس تتخلى بشكل واضح يوما بعد يوم عن قوتها الامنية" قبل الالتزام بمشاريع بنى تحتية كبرى وتمويل. - الحلول- بعد توقيع الاتفاق، اعلنت اسرائيل ان اي مصالحة يجب ان تشمل "التزاما بالاتفاقيات الدولية وبشروط الرباعية الدولية وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل ونزع الأسلحة الموجودة بحوزة حماس". ويحظر القانون الاميركي الدعم المادي او الموارد لمنظمات ارهابية محددة مما قد يعقد تمويل حكومة فلسطينية تدعمها حماس. وتعتبر الولايات المتحدة من أكبر الدول المانحة للحكومة الفلسطينية، وقدمت لها نحو 75 مليون دولار بين كانون الثاني/يناير وآب/اغسطس هذا العام، بحسب وزارة المالية. لكن دبلوماسيين غربيين قالوا "ان هناك طرقا يمكن ان تدعم بها الحكومة حتى لو كانت حماس جزءا منها. وبموجب احدى الخطط، يتخلى الوزراء عن عضويتهم في حماس ويلتزمون بمبادئ اللجنة الرباعية، حتى لو لم تقم الحركة بذلك. وقال دبلوماسي غربي آخر "لا اعرف ما اذا كنا سنعقد اجتماعات مباشرة مع الوزراء المعينين لكننا نستطيع العمل مع الحكومة بشكل عام". وسبق ان تم وضع تصور لخطط مماثلة في اتفاقات المصالحة السابقة الفاشلة. لكن الن بيكر وهو سفير اسرائيلي سابق قال لفرانس برس "ان مثل هذه الاتفاقية سترفضها الدولة العبرية ما لم يتم نزع سلاح حماس". وأضاف "ان كل الاطراف تقول انه من السابق لاوانه معرفة كيفية تنفيذ الاتفاق". وكانت عدة اتفاقات سابقة للمصالحة انهارت.شذى يعيش, جو دايك © 2017 AFP
مشاركة :