خوان رامون خمينث.. الشاعر الإسباني عاشق الأندلس

  • 10/14/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» كان للشاعر الإسباني خوان رامون خمينث دور كبير في تأصيل عدد من الاتجاهات الشعرية في الشعر الإسباني، خلال النصف الأول من القرن العشرين، مثل حركة الحداثة، والحركة الرمزية، والشعر الصافي، وهذا الاتجاه الأخير بالتحديد يستحق فيه «خمينث» بجدارة صفة الرائد، لأن دواوينه التي ظهرت فيه مثل ديواني «صيف» و«يوميات شاعر حديث الزواج»، تعد من الأعمال المهمة في هذا الاتجاه، والمؤثرة في الأجيال التالية، ولذلك فإنه يعد الأستاذ والأب الروحي لأهم جيل في إسبانيا وهو جيل 1927.ينسب خمينث إلى منطقة الأندلس الواقعة في جنوب إسبانيا، فقد ولد بإحدى قراها عام 1881، وعاش طفولته وصباها فيها، وظل يفخر بها في قصائده وكتاباته، ويطلق على نفسه صفة «الأندلسي العالمي»، ومما يقوله في هذا الشأن: «إن مستقبلي، مثل ماضٍ، كامن في الأندلس، ونحن الأندلسيين لا بد أن نهيم بحبها، ونرفع ذكراها في كل أنحاء العالم، بحيث لا تصبح هي عالمية، بل يصبح العالم كله أندلسياً».حب خمينث للأندلس - كما يقول حامد أبو حامد في كتابه عن خوان رامون خمينث - لم يقتصر على الأرض، بل تعدى ذلك إلى كل ما هو موجود، وكان ذلك هو الدافع وراء كتابته لعمله الشهير «أنا وحماري»، والذي كان من أهم الأعمال التي أهلته للحصول على جائزة نوبل في الأدب عام 1956، وفصول هذا الكتاب ليست إلا قصائد نثرية، تخلت تماماً عن المعمار التقليدي للشعر، واستعاضت عنه بالموسيقى الداخلية، وبالصور الشعرية البسيطة والمركبة.عاش خمينث بعيداً عن مسقط رأسه موجير وعن إسبانيا بعد عام 1936، أي عند نشوب الحرب الأهلية الإسبانية، وظل بعيداً حتى وفاته عام 1958، وقد كتب إلى قريته يقول: «وأنا منسحق وبعيد، سأفعل من أجلك يا موجير، في عالم المثل، ما لم يرد أن يفعله مادياً من أجلك هؤلاء الذين مسوك بالإثم، وهم المحتالون والأشباح والأنانيون، سأحملك يا موجير على كل البلدان، وكل الأزمان وستكونين يا قريتي المسكينة خالدة بسببي، رغم أنف الانتهازيين».وكانت تأثير روبن داريو شاعر نيكاراجوا كبيرا في الشعر الإسباني، وعندما كان يعيش في مدريد، وجه الدعوة إلى خمينث لأن يترك الأندلس للكفاح معهم من أجل الحداثة وحزم الشاعر حقائبه وتوجه إلى مدريد، ليبدأ الرحلة الأولى في طريقه الشعري الطويل، شاعراً من شعراء الحركة الحديثة ويصدر بعد ذلك ديوانيه «حوريات» و«أرواح البنفسج»، ولم يلبث خمينث أن ابتعد عن شعر الحداثة بحثاً عن طريقه الخاص، وأثناء ذلك اتصل بالحركة الرمزية عندما ذهب إلى مدينة بوردو الفرنسية للاستشفاء في إحدى المصحات، كتب الشاعر في تلك الفترة عدة دواوين تحت تأثير هذه الحركة التي وصفت دائماً بأنها كونية، أي كان لها تأثير غامر في كل شعراء العالم في تلك الفترة، لكن خوان رامون سوف يكتب بعد ذلك شعره الصافي، الذي يمثل إبداعه الحقيقي، وكان له تأثير كبير في الجيل التالي، وقد تعرف العالم العربي إلى خوان رامون خمينث بعد فوزه بجائزة نوبل، فبدأت الكتابة عنه وترجمت قصائده، وممن كتبه عنه العقاد تحت عنوان «شاعر أندلسي وجائزة عالمية»، وترجم الدكتور لطفي عبد البديع كتابه الشهير «أنا وحماري»، وفي تلك الفترة اتهم الكاتب توفيق الحكيم بأنه سرق هذا العمل.وكان بعض النقاد الإسبانيين قد شككوا في إمكانية استمرار القيمة الشعرية لأعمال هذا الشاعر الكبير فأحدهم يقول: «وعلى أي حال فإن شعره الغنائي المكتوب بعد عام 1936، وحتى المنشور منه، بقي في الظل، وعندما منح جائزة نوبل كان يعتبر مجهولاً عند الإسبان الشبان، فمنذ فترة كان شعره الأخير مستعصياً على الفهم، غريباً وغير متفق مع عصره».بعد إقامته لفترة في الولايات المتحدة غادر الشاعر إلى بورتوريكو لأسباب صحية، لكنه مر بفترة تدهور كامل في صحته، حيث اشتدت وطأة المرض عليه، وبالأخص بعد موت زوجته بعد ثلاثة أيام من إعلان فوزه بجائزة نوبل، وعاش بعدها سنتين، في حالة صحية متدهورة باستمرار، زاد من حدتها إحساسه بالعزلة الكاملة، وقضى نحبه في 29 مايو 1958.

مشاركة :