الأعراس الجماعية.. مشهد تكافلي في أبهى صوره

  • 10/14/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما بين البشت الأسود والفستان الأبيض حكاية وحلم عمر، إذ كان وما زال يوم العرس حلم كل شاب وفتاة لبناء أسرة سعيدة، قالوا عنها إنه ليلة العمر، وتبقى الرغبة في التميز بإقامة احتفالات الزفاف الشغل الشاغل للعريسين ولأفراد الأسرة، وتختلف من مجتمع إلى آخر حسب العادات والتقاليد، ما بين البسيطة والأنيقة والسعيدة، وأخرى باهظة في تكاليفها وأعبائها، ويبقى الشباب يحملون همّ تأمين تكاليفها من مهر وتجهيزات وحجوزات فندقية، نزولاً على بعض العادات والأعراف والتقاليد، يدفع ثمنها الشباب من أجل يوم واحد أو بضع ساعات تستهلك الملايين ومئات الآلاف، فيختلط الأسود والأبيض، وتفقد ليلة العمر معانيها، بعد أن تأتي فاتورة التكاليف التي تستنزف الإمكانات المالية، وتحقيق الطموحات المستقبلية في وضع بنيان الأسرة السعيدة. الأعراس الجماعية ولتخفيف أعباء حفلات الزواج وتحقيق هذه الأمنية، جاءت فكرة الأعراس الجماعية حلاً منطقياً ووصفة عملية سحرية، تعزز تجسّد روح التعاون والتآخي بين أفراد المجتمع، وترسّخ قيم التكافل من أجل القضاء على مظاهر البذخ والإسراف، وتكوين أسر جديدة متماسكة مستقرة بعيداً عن أعباء الديون، ويزيد أهمية هذه الظاهرة الوطنية والمجتمعية التي باتت تتجذر وتتأصل في مجتمع دولة الإمارات، حرص كبار الشخصيات على طرح مبادرات الأعراس الجامعية، والإسهام في تكاليفها، والحرص على حضورها، ومشاركة أبنائهم فرحتهم، لتؤكد الأعراس الجماعية مكانتها، بوصفها تقليداً إماراتياً يجد كامل الدعم والعون من القيادة الرشيدة. مؤسسة وطنية وقد أسهم في ترسيخ هذا التقليد تأسيس مؤسسة وطنية معنية في المقام الأول بتفعيل هذه الأعراس على غرار مؤسسة صندوق الزواج الذي بدأ ممارسة مهامه في 1992. يقول الشيخ محمد بن ركاض العامري، الذي ترأس لجنة صندوق الزواج في مدينة العين، بتكليف خاص من المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بعد أن تعاظمت تكاليف الزواج الباهظة، إن ثقافة الأعراس الجماعية في الإمارات أسهمت بلا شك في تخفيض تكاليف الزواج ودفع أزواج المستقبل إلى بدء حياتهم الزوجية خاليةً من أعباء الديون والتكاليف الباهظة، والهروب من الديون التي تثقل كاهل العريس في بداية حياته، وقد تتسبب الديون والالتزامات المادية في الخلافات بين الزوجين في السنوات الأولى لتنتهي بهم إلى الطلاق. نهج وطني وأضاف: «تعتبر الأعراس الجماعية حلاً ناجعاً للحد من ظواهر العنوسة واستنزاف إمكانات الشباب، وباتت تظاهرات اجتماعية بهيجة، ويتواصل تنظيم الأعراس الجماعية في مختلف مناطق الدولة، برعاية من شيوخ القبائل، ومختلف الجمعيات والمؤسسات الوطنية، وبتنظيم من مؤسسة صندوق الزواج، ورؤية مواكب الأعراس الجماعية في مشهد مفرح واحداً تلو الآخر تدل على تمسك أفراد المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وقيمهم النبيلة، وتنظم مؤسسة صندوق الزواج الأعراس الجماعية التي من خلالها يتم تزويج أعداد كبيرة من الشباب». وأشار إلى أن رؤية المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، والنهج الذي سار عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وإخوانه حكام الإمارات، أصبحا نهجاً وطنياً أطلقته الدولة للابتعاد عن المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزفاف، ما خفف عن الشباب أعباء الزواج، وساعدهم على الزواج المبكر، من خلال الترشيد في النفقات، وانخفاض التكاليف، والمساعدة على بناء أسر مستقرة، بعيداً عن شبح الديون والقروض البنكية. أهداف نبيلة تقوم مبادرات إقامة الأعراس الجماعية بدعم من الشخصيات الرسمية والمؤسسات الوطنية على فلسفة الزواج الجماعي لتحقيق أهداف متعددة، تتضمن تخفيض تكلفة الزواج وحماية الزوجين من أقساط الديون المدمرة للحياة الزوجية، ولقد شهدت السنوات الماضية العديد من الأعراس الجماعية في جميع إمارات الدولة، ونختار منها نماذج متميزة. وأكد الشيخ بن ركاض أهمية أن يبادر رجال الأعمال إلى مد يد العون إلى الشباب، وتشجيعهم على الزواج من خلال تنظيم الأعراس الجماعية، لما فيه مصلحة للشباب والمجتمع بالدرجة الأولى، متمنياً أن تصبح الأعراس الجماعية عادة وممارسة وطنية، نشاهدها في مختلف إمارات الدولة، ودعا في الوقت نفسه الشباب إلى عدم التردد في الانضمام إلى الأعراس الجماعية، واستغلال النفقات التي ينفقونها على الحفلات في أمور أخرى، تسهم في نشأة أسرة صالحة مستقرة. جيل القيم وأوضح الشيخ محمد بن ركاض: «نحن جيل تربى على القيم، كنا نتزوج بمهر قليل، لا يتجاوز ألف درهم شاملة كل شيء، بما فيها المهر ومتطلبات الزفاف، وكان الزواج بسيطاً، والعريس لم يكن يتحمل كل هذه التكاليف التي نراها اليوم ونسمع عنها، كنا نذبح ناقة يجتمع عليها كل أفراد القبيلة وأهل العروسين، والناس يساعدون بعضهم وفق العادات والتقاليد السائدة آنذاك، كانوا يسهمون بما لديهم من إمكانات لبناء الأسرة الجديدة، أما اليوم فتلاحظ الإسراف في كل شيء حتى وصلت تكلفة بعض الأعراس إلى مليوني درهم». حكاية صندوق الزواج وعن قصة صندوق الزواج، يروي بو سالم قائلاً: «ذات يوم سمعت عن زفاف تم فيه ذبح 150 قعوداً و300 عنزة، ومبلغ المقدم من المهر والمؤخر تجاوز المليون درهم، فنقلت ذلك الخبر إلى الشيخ زايد، رحمه الله، الذي أصدر تعليماته بإنشاء صندوق الزواج، والتشجيع على إقامة الأعراس الجماعية، وقد أوكلت إليّ مهمة رئاسة لجنة صندوق الزواج في العين». وقد أسهم الصندوق في تغيير السلوك المعتاد في نظام الزواج، إذ أصبح المواطن يعي تماماً إيجابيات تخفيض تكاليف هذا المشروع، كما غدا مقتنعاً بضرورة الفحص الطبي قبل الزواج، واقتناعه بفكرة الأعراس الجماعية، ودورها في التخفيف عن الشباب المقبلين على الزواج، كما أن نسب الطلاق انخفضت بشكل ملحوظ، حيث ركز الصندوق على التنبيه لخطورة الطلاق على الأسرة والمجتمع. وأشار إلى أنه تم إنشاء 8 صالات للأفراح في مدينة العين، تشمل المناطق كافة، لتكون دعماً ورافداً حقيقياً لهذه المناسبات بالتخفيف عن كاهل الشباب، وكان آخرها إقامة العرس الجماعي في صالة الأفراح في منطقة الهيلي، لـ200 شاب وفتاة من أبناء مدينة العين ومن مختلف القبائل.

مشاركة :