مساهل يناقش الوضع الأمني ومحاربة الإرهاب خلال جولة لدول الساحل الأفريقي.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/10/14، العدد: 10781، ص(4)]مهام كثيرة في انتظاره الجزائر- توجه وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل إلى عواصم أفريقية بمنطقة الساحل من أجل بحث التشاور والتنسيق بشأن المقاربات السياسية والدبلوماسية، خاصة في ما يتعلق بالجانب الأمني الذي يهدد المنطقة، وتداخل العديد من الأجندات الإقليمية. ويشد مساهل الرحال إلى كل من نواكشوط، نجامينا، باماكو ونيامي، في إطار جولة يحمل فيها رسائل خطية من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى نظرائه في المنطقة، بغية تفعيل التنسيق والتعاون، خاصة في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تموين وتمويل التنظيمات الجهادية الناشطة في المنطقة. وذكر بيان لوزارة الخارجية أن “مساهل سيقوم في غضون هذا الأسبوع، بجولة عبر أربعة بلدان من الساحل، تقوده على التوالي إلى نواكشوط ونجامينا وباماكو ونيامي، وأنه سيسلم رسائل بوتفليقة إلى رؤساء هذه الدول حول العلاقات الثنائية وتطور الأوضاع في المنطقة”. وتأتي جولة مساهل إلى دول الساحل مباشرة بعد الزيارة التي قادت هذا الأسبوع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيدف إلى الجزائر، في إطار جولة له إلى المنطقة، تبحث ملفات التعاون المشترك، وسبل عودة نفوذ موسكو في المنطقة، تحت ضغط وزحمة الفاعلين الأساسيين. ويرى مراقبون أن انكماش الدبلوماسية الجزائرية في السنوات الأخيرة، سمح لقوى إقليمية من خارج المنطقة للتغلغل في المنطقة، لا سيما في ليبيا ومنطقة الساحل، الأمر الذي جعل الحلول تفلت من أيدي دول الجوار، ويتحول إلى مخاطر حقيقية على أمن المنطقة، في ظل التهديدات بالتدخل العسكري، بدعوى محاربة التنظيمات الإرهابية. وسبق للوزير والدبلوماسي السابق عبدالعزيز زياري أن انتقد بشدة الخيارات الدبلوماسية للسلطات الجزائرية، حيث تم التركيز منذ اعتلاء بوتفليقة لقصر المرادية في 1999 على الاهتمام بالملفات والعلاقات الجزائرية مع أوروبا وآسيا وأميركا، وتم إهمال الجانب الأفريقي رغم أنه يشكل العمق الاستراتيجي للبلاد.انكماش الدبلوماسية الجزائرية سمح لقوى إقليمية من خارج المنطقة بالتغلغل، لا سيما في ليبيا ومنطقة الساحل وسجل بوتفليقة سبع زيارات لباريس بينما لم تطأ أقدامه أي مطار أفريقي، خلال تمتعه بقواه الجسدية والصحية في السنوات الماضية. وشكل تواري بوتفليقة عن المشهد الرسمي والدبلوماسي غيابا آليا للدبلوماسية الجزائرية في المحافل الإقليمية والدولية، وهو ما أدى بها إلى انكماش دورها في مختلف الملفات، رغم عراقتها ونجاعة مقارباتها في الكثير من المسائل الإقليمية والدولية. وسبق لعبدالقادر مساهل أن قاد جولة دبلوماسية مماثلة، شملت العديد من الدول العربية، لتنقية الشوائب التي علقت بعلاقات بلاده مع بعض العواصم، على غرار الرياض وبغداد، وبشكل أقل القاهرة، بسبب تباين وجهات النظر في أزمة سوريا واليمن وليبيا. وحل الجمعة عبدالقادر مساهل في نواكشوط، حيث التقى بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، وسلمه رسالة خطية من الرئيس بوتفليقة تناولت تطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات. وقال في مؤتمر صحافي بعد لقائه بالرئيس الموريتاني إن اللقاء “كان مثمرا للغاية وكلفني الرئيس محمد ولد عبدالعزيز خلاله بنقل رسالة إلى أخيه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة”. وأضاف “جرى الحديث كذلك عن التبادل التجاري الذي يتحسن يوما بعد يوم بين البلدين خصوصا أن الأيام القليلة القادمة ستشهد فتح معرض دائم للمنتجات الجزائرية في موريتانيا، وسيتم كذلك في الأيام المقبلة فتح معبر حدودي بين الجزائر وموريتانيا ليربط بين تيندوف وازويرات”. وتابع “إن فتح المعبر ستكون له انعكاساته الإيجابية، أولا لتعزيز العلاقات ما بين سكان المناطق الحدودية، وثانيا يفتح الباب لتبادل اقتصادي وتجاري أكبر بين البلدين الشقيقين”. وتطرق الاجتماع أيضا إلى العلاقات المتميزة التي تربط الجزائر بموريتانيا، وتقييم التعاون بين البلدين حيث أعرب مساهل عن سعادته بالنتائج التي تم الحصول عليها منذ اجتماع الدورة الـ18 للجنة العليا المشتركة للتعاون في الجزائر في ديسمبر الماضي. وهيمنت مسائل الوضع الأمني في المنطقة، والانتشار المريع للتنظيمات الإرهابية، وعصابات التهريب والاتجار في المخدرات والتهريب والهجرة السرية، على محادثات الطرفين ولا يستبعد أن يكونا قد تطرقا إلى إطلاق آليات تنسيق وتعاون أمني بين البلدين في المناطق الحدودية. ولم تشر تصريحات مساهل في نواكشوط إلى مسألة انخراط موريتانيا في المبادرة الفرنسية لتكوين جيش أفريقي لمحاربة الإرهاب، أو موقف بلاده من بعض الأجندات الإقليمية التي تستهدف تحييدها عن منطقة الساحل الأفريقي وليبيا، لكن اللافت أن الدبلوماسية الجزائرية تريد استعادة مواقعها ودورها في المنطقة. ويواصل وزير الخارجية الجزائري جولته بزيارة إلى كل من باماكو ونجامينا ونيامي، حيث يلتقي بنظرائه وبمسؤولين كبار في حكوماتها العضو في المبادرة الفرنسية لإنشاء جيش أفريقي لمحاربة الإرهاب، وستكون ملفات التوترات الأمنية واتفاق السلام على رأس أجندة عبدالقادر مساهل في دول الساحل.
مشاركة :