سيرجيو كانافيرو طبيب فجر مفاجأة كبرى قبل حوالي العامين، والتي تتلخص بزراعة رأس إنسان، ومنذ ذلك الحين وهو يطرح فكرته المثيرة للجدل في المحافل الطبية.العرب مزن مرشد [نُشر في 2017/10/14، العدد: 10781، ص(13)]سيرجيو كانافيرو الرجل الذي سيتولى زراعة رأس بشري لأول مرة في التاريخ باريس- تقترب اللحظات الشيقة التي ينتظرها العالم بلهفة، حين سيدخل هذا الرجل غرفة العمليات محاطا بثمانين طبيبا متخصصا، لإجراء أول علمية من عمليات المستقبل، وهي عملية من تلك العمليات التي بدأت بفكرة، حيث أعظم الاختراعات والتطوّرات التي ساهمت في تحسين حياة الإنسان بدأت أيضا بفكرة. فقد تقرّر رسميا أن تجرى هذه العملية الجراحية المعقدة بداية عام 2018 المقبل في الصين، وفق ما ذكره موقع “تيك وورم”. بينما كان من المقرر أن تجرى أواخر العام الحالي، إلا أنه تم تأجيلها بعدما تراجع المتبرع عن قراره. وغالبا ما نظر الناس إلى الأفكار الجديدة بعين الاستخفاف، وكأنها ضرب من الخيال أو متهمين أصحابها بالجنون أو الزندقة بحسب كل عصر. واليوم تنشغل وسائل الإعلام بواحد من هؤلاء، طبيب إيطالي خمسيني بات أشهر من نار على علم. عادة لا يحظى العالِم بالشهرة في عصرنا الراهن إذ تقتصر على الفنانين وخاصة في الطرب والتمثيل والأزياء. ولكن أن يأخذ عالِمٌ نصيبه من هذه الشهرة، فهذا دليل على تطوّر المجتمع واختلاف طريقة التفكير ما يدعونا إلى التفاؤل على كل حال، ولكن مهلا، فشهرة من نتحدث عنه اليوم كشهرة عباس بن فرناس في عصره جاءت عبر غرابة فكرته والجدل الكبير الذي أثير حولها. الفكرة العبقرية المجنونة سيرجيو كانافيرو طبيب إيطالي فجر مفاجأة كبرى قبل حوالي العامين، ومنذ ذلك الحين وهو يطرح فكرته المثيرة للجدل في المحافل الطبية، الأمر الذي جعل اسمه يتصدر نشرات الأخبار كخبر مثير وغريب ومهم في آن معا. فكرة الجراح الإيطالي إن نجحت ستكون ثورة حقيقية ليس في عالم الطب فحسب بل ستكون نقلة نوعية في تاريخ البشرية على الإطلاق. تتلخص فكرة كنافيرو المولود في عام 1964 بزراعة رأس. رأس إنسان حقيقي حي. وتقوم التقنية المفترضة بقطع رأس المريض المصاب بجسده، وزراعة هذا الرأس في جسم سليم لمتبرع متوفى. الفكرة تبدو مجنونة للغاية فهي تستحق أن تثير حول صاحبها أعاصير من الأخذ والرد. ففي الاجتماع السنوي للأكاديمية الأميركية لجراحي الأعصاب وجراحي العظام العام الماضي، حاول كانافيرو توظيف جراحين أميركيين للانضمام إلى فريقه لعملية زرع الرأس. قال حينها إنه “شكّل فريقا من الجراحين من كل من الصين وكوريا الجنوبية وروسيا”، ويتبقى له الحصول على الموافقة والتمويل. ولم تلق الفكرة الكثير من الداعمين، بل على العكس تماما فقد وجهت لكانافيرو التهم بالجنون ووصل الأمر بالبعض إلى التهديد برفع الدعاوى القضائية.كانافيرو، وردا على منتقديه الذين اتهموه بالجنون، يقول في مقابلة أجرتها معه الغارديان البريطانية "لماذا ليس الآن؟ بالطبع هناك بعض الأفكار التي تفشل، تاريخ البشرية مليءٌ بالتجربة والخطأ، لكنْ لدينا الحالمون، إذا لم تحلم فإنك لن تصل إلى أي شيء. يمكنكم أن تعتبروني مجنونا، أنا كذلك. يجب أن تكون كذلك إذا أردت تغيير كل شيء" في الحقيقة لقد مر وقتٌ على إطلاق كانافيرو مزاعمه، لكنه لا يزال مصرا على ادعائه بالرغم من اعتقاد العديد من الخبراء بأن الأمر مجرد حملة علاقات عامة للجراح أو محض. ولكن كانافيرو يقول ردا على منتقديه في مقابلة أجرتها معه الغارديان البريطانية “لماذا ليس الآن؟ بالطبع هناك بعض الأفكار التي تفشل، تاريخ البشرية مليءٌ بالتجربة والخطأ، لكنْ لدينا الحالمون، إذا لم تحلم فإنك لن تصل إلى أي شيء. يمكنكم أن تعتبروني مجنونا، أنا كذلك. يجب أن تكون كذلك إذا أردت تغيير كل شيء”. ويستمر كانافيرو بالتأكيد على أن مثل هذه التجارب الجريئة هي جزء لا يتجزأ من الاستكشاف العلمي، ووظيفة المجتمع، على حد قوله، تقتصر على “التمييز بين هؤلاء المجانين، وربما لن يميزوا بينهم إلا بعد ظهور النتائج”. اتجاه الرأي العام حول احتمال زرع الرأس بدا سلبيا بشكل كبير، على الرغم من توضيحات كانافيرو لفكرته ولوجهة نظره وللنتائج الثورية في تاريخ الطب في حال نجحت الفكرة، لكن الانتقادات بقيت تلاحقه، وعلى وجه التحديد لأسباب أخلاقية. خاصة من الأكاديمي آرثر كابلان، رئيس أخلاقيات مهنة الطب في مركز لانغون الطبي، في جامعة نيويورك، الذي يصف كانافيرو بأنه مختل عقليا، متحدثا عن وجود شكوك في ما يتعلق بحالة التكنولوجيا والإطار الزمني الذي يقول كانافيرو أنه سيكون قادرا على إجراء العملية فيه بنجاح. بعض الأصوات التي علت أيضا ضد الفكرة كانت أصوات المشككين بصحتها أصلا، معلقين على تصريحات كانافيرو المثيرة للجدل في أوائل العام 2015، بأنها جزء من حملة تسويق للعبة فيديو تدعى “ميتال جير فانتوم الألم”. وأشار أنصار هذا الادعاء إلى حجم التشابه بين فكرته وبين اللعبة الافتراضية المزعومة، بما في ذلك التشابه الجسدي مع شخصية إيفانجيلوس كونستانتينو الذي ظهر لأول مرة في مقطورة. رفض كانافيرو، الرد على هذه الاتهامات واعتبرها تافهة ونفى أي علاقة تربطه مع شركة الإنتاج “كونامي” المنتجة للعبة. الصين طريق الحلم وجد الإيطالي الحالم ضالته عندما التقى في يناير 2016 بالجراح الصيني الشهير شياوينغ رن من جامعة “هاربين” الطبية الذي أيد الفكرة بل وتحمس لها مدعيا أنه أجرى عملية زراعة رأس بنجاح لقرد عاش بعد العملية لكنه أُعدم في ما بعد لأسباب أخلاقية.فكرة كانافيرو تتلخص في زراعة رأس. رأس إنسان حقيقي حي. وتقوم التقنية المفترضة بقطع رأس المريض المصاب من جسده، وزراعة هذا الرأس في جسم سليم لمتبرع متوفى هذا اللقاء بين الطبيبين الحالمين جعل الحلم يقترب من التحقق، إذ بدأ الرجلان يحاولان جمع تكاليف العملية الباهظة والتي تصل إلى عشرة ملايين دولار، فوجها رسائل نداء للكثير من الشخصيات لتبني المشروع المهدد بالفشل منها سيرجي برين من غوغل، ومارك زوكيربرغ في الفيسبوك، وآن ووجسيكي في آندي، وجاك ما، ودست غلوبال ميلنر. وفي سعيه هذا، لا يمنع كانافيرو نفسه من انتقاد الجوائز الطبية والمقدرة بالمليارات والتي تذهب لبحوث لا تتعدى العلاجات التقليدية في حين أن مشروعه سيكون ثورة في عالم الطب وحياة البشر. وهكذا بدأ الرجل يحشد التأييد لمشروعه من خلال طلب الدعم من الجراحين والأطباء ذوي الخبرة والصلة بالموضوع من الصين وروسيا وأميركا، مناشدا الجمعيات الخيرية وجمعيات المرضى للمساعدة في مشروع زراعة الرأس. في نفس الوقت تقريبا، ذهب كانافيرو ورن أيضا مباشرة إلى وسائل الإعلام مع تجاربهما المدعمة بأشرطة الفيديو التي تعرض نجاح تجاربهما بعمليات زراعة رأس ناجحة لحيوانات منها زرع الرأس على قرد حي في الصين، وزراعة رأس على فأر وعلى كلب حي وقد عاشت الحيوانات فترة معينة بعد العمليات، كنوع من التأكيد لوسائل الإعلام على ثقته من نجاح عمليته إن تمت. التغلب على الرفض وفقا لكانافيرو ورن، فإنهما على استعداد لمعالجة اثنين من المشاكل الرئيسية التي واجهتها الجهود السابقة؛ الرفض المناعي، وإعادة ربط العمود الفقري أو “الربط الشوكي”، وهذا بفضل العمل الذي قام به الطبيب يون كيم، في كلية الطب جامعة كونكوك في كوريا الجنوبية، وذلك لإعادة إدماج الحبل الشوكي باستخدام تقنيات “البولي إيثيلين جلايكو”. بدأ مشروع كانافيرو بالاقتراب من أن يصبح واقعا، بعد أن وجد المتبرع المطلوب ليكون أول من سيخضع لهذه العملية، وليكون أول إنسان في التاريخ يخضع لهذه العملية، وأول إنسان في تاريخ البشرية يحصل على جسد جديد كليا في حال نجحت العملية.الأكاديمي آرثر كابلان، رئيس أخلاقيات مهنة الطب في مركز لانغون الطبي في جامعة نيويورك، يصف كانافيرو بأنه مختل عقليا. متحدثا عن وجود شكوك في ما يتعلق بحالة التكنولوجيا والإطار الزمني الذي يقول كانافيرو إنه سيكون قادرا على إجراء العملية فيه بنجاح وحتى قبل أيام قليلة، كان القرار قد استقر على المتبرع الروسي فاليري سبيريدونوف ما جعل الجراح الإيطالي يعلن أن أول عملية جراحية في العالم لزراعة رأس كامل ستجرى نهاية العام الجاري في فترة أعياد الميلاد، مؤكدا أن حظوظ نجاحها مرتفعة للغاية. أما المتبرع فهو برمجي روسي شاب متخصص في برمجة الكمبيوتر، ويبلغ من العمر اثنين وثلاثين عاما، وهو مقعد مصاب منذ صغره بضمور مزمن في العضلات. والمصابون بمثل هذا المرض لا يمكنهم العيش أكثر من 20 عاما، إلا أن سبيريدونوف تمكن من المقاومة، لكن حالته الصحية تسوء عاما بعد آخر، وهو مصر على المخاطرة بإجراء هذه العملية المعقدة والفريدة التي ستتواصل، بحسب تقديرات الأطباء، نحو 36 ساعة آملا الحصول على فرصة للتعافي. قال سبيريدونوف للصحافيين مازحا، إن أول شيء سيقوم به بعد زراعة الرأس هو أن يذهب في رحلة استجمام. مضيفا “إذا تكلمنا بجدية، فالعملية المرتقبة هي فرصة لاستعادة أناس يعانون من إعاقات خطيرة لحياتهم الطبيعية. أنا أريد أن أشعر بما يشعر به الإنسان المعافى”. لكن سبيريدونوف تراجع عن قراره بالتبرع، تاركا الطبيبن في حيرة، غير أن الرجلين لم يترددا بالقول إن “العملية ستجرى الآن مع متبرع صيني”. كيف ستتم العملية نقل موقع “سايانس تايمز” عن كانافيرو تأكيده أن حظوظ نجاح هذه العملية تصل إلى 90 بالمئة، وإشارته إلى أنها تتطلب مشاركة 80 جراحا، وتبلغ تكلفتها 10 ملايين دولار. وأوضح هذا الموقع المتخصص أن العملية ستتم بقطع رأس المتطوع وسحب نخاعه الشوكي وزرعهما في جسد توفى حديثا، ليجري في ما بعد تحفيزهما فيه بواسطة نبضات كهربائية بعد شهر من الغيبوبة. وكان تحديد نهاية العام الجاري موعدا لإجراء هذه العملية الفريدة التي يتم فيها لأول مرة زراعة رأس قد جرى العام 2015. وقد نشر كانافيرو مقطع فيديو يعرض فيه حيوانين؛ فأرة وكلبا، بقيا على قيد الحياة بعد إجراء عملية زرع الرأس لكل منهما. لم يقطع الطبيب الرأسين كليا، حيث اقتصر على قطع العمود الفقري الذي تعتبر عملية إعادة وحدته عائقا أساسيا أمام إجراء عملية زرع متكاملة للرأس.الاجتماع السنوي للأكاديمية الأميركية الذي يعقد لجراحي الأعصاب وجراحي العظام طرح فيه كانافيرو العام الماضي عرضا لتوظيف جراحين أميركيين، داعيا إياهم إلى الانضمام إلى فريقه لعملية زرع الرأس ويشير مختصون مستقلون إلى أن قلة عدد الحيوانات الخاضعة للعملية وعدم وجود مجموعات أخرى من الحيوانات لإجراء المقارنة اللاحقة ونقص المعلومات التي تثبت أن العمود الفقري للحيوانين عولج بالدرجة المطلوبة تخفض من قيمة هذه التجربة. خيال علمي وواقع تجربة كانافيرو هذه ليست الأولى من نوعها حيث أجرى العالم النفساني الأميركي تشارلز كلود غوثري عملية سابقة مماثلة في 1908، حين تمكن آنذاك من زرع رأس كلب في عنق كلب آخر، ونجح بجعله كلبا برأسين. إلا أن أول عملية زرع كاملة، كانت لرأس كلب في جسم آخر بلا رأس، وأجراها أوائل الخمسينات من القرن الماضي الجراح السوفيتي فلاديمير ديميخوف، وتلاها في 1954 بعملية ثانية، وبعدها في العام 1959 نجحت الصين بعمليتي زرع رأسين في جسدي كلبين آخرين. أما جراح الأعصاب الأميركي روبرت وايت، فقد قام بقيادة فريق من الجراحين تمكنوا من زرع رأس قرد في جسد قرد آخر. ومع أنه مات بعد 9 أيام، إلا أن تلك العملية كانت الأولى لحيوان هو الأكثر شبها بالبشر، وهي التي شجعت كانافيرو على ما ينوي القيام به قريبا. وبالفعل في حال نجحت العملية فإننا سنكون أمام أهم تطور طبي يشهده التاريخ فقد نحلم قريبا بأن الإنسانية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الإعاقات المعقدة مثل الشلل الرباعي أو الشلل العام أو إصابات الحروب التي تودي بالجسد مع بقاء الإنسان على قيد الحياة. كم من الحيوات سوف تتغير وكم من البشر سيحظون بفرصة جديدة للحياة الطبيعية؟ ويحق لنا أن نتساءل؛ هل سيحظى الإنسان قريبا برفاهية التخلص من الأمراض المميتة بالحصول على جسد جديد معافى؟
مشاركة :