بيروت - تظاهر عشرات اللبنانيين السبت بشمال بيروت للمطالبة بمغادرة اللاجئين السوريين الذين يتجاوز عددهم المليون، معتبرين أنهم يشكلون عبئا اقتصاديا كبيرا على لبنان. وشهد لبنان خلال السنوات الماضية العديد من حملات التحريض على اللاجئين أملتها الانقسامات السياسية وتردي الوضع الاقتصادي وكذلك قلة الموارد في بلد صغير يبلغ عدد سكانه أربعة ملايين. ورفع العشرات في بلدة زوق مصبح لافتات كتب عليها "كي لا نخسر لبنان، فاوضوا الحكومة السورية" لعودة النازحين و"لننقذ لبنان قبل فوات الأوان" و"لن ننتظر أن نصبح أقلية في مدننا وقرانا". وارتد اللجوء السوري في لبنان منذ بدء النزاع في البلد المجاور قبل ست سنوات توترات سياسة وأمنية واجتماعية. وقالت أمل حبيب (56 سنة) خلال مشاركتها في المظاهرة "انا لست مع الطرد العشوائي للسوريين، نريد أن يذهبوا عبر تسوية أوضاعهم. لدينا شباب وصبايا من دون شغل. هل نعلم أولادنا ليسافروا ويأتي غيرهم إلى هنا؟". وأضافت "المساعدات التي كانت تأتي إلى لبنان باتت تأتي إلى النازحين في المخيمات". ورفعت لافتات ضخمة في منطقة كسروان ذات الغالبية المسيحية تدعو إلى المشاركة في المظاهرة للمطالبة بإعادة النازحين السوريين. وقال فرنسيس يعقوب القاعي (52 عاما) إن "الوجود السوري في لبنان أصبح نوعا من الاحتلال الاجتماعي والاقتصادي وسيصبح سياسيا"، مضيفا "لن ننسى حتى الآن الاحتلال السوري، خرج 30 ألف عسكري وأتى مليونا مواطن". وتابع "اللبناني الذي يمنح عملا لسوري بدلا من اللبناني يعُتبر شريكا في الجريمة". ويؤوي لبنان، البلد الصغير ذو الإمكانات الهشة، نحو مليون ومئتي ألف لاجئ سوري يعيشون معظمهم في ظروف إنسانية صعبة. ويشكل ذلك أعباء اجتماعية واقتصادية على لبنان، حيث اشتكت الحكومة اللبنانية مرارا من عدم قدرتها على تحمل تكاليف وأعباء اقامة اللاجئين السوريين. كما دعا الرئيس اللبناني العمال ميشال عون في أول زيارة له لفرنسا الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها، داعيا إلى ترحيل اللاجئين السوريين إلى مناطق أصبحت آمنة في سوريا. لكن منظمات دولية وغير حكومية تؤكد أن وجود اللاجئين يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية، مشيرة إلى أن هؤلاء يصرفون المساعدات المالية التي يتلقونها في الأسواق المحلية. وتعمل الحكومة اللبنانية على بلورة خطة لإعادة السوريين، لكن بعض القوى المناهضة لسوريا وعلى رأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، تطالب بأن يتم ذلك عبر الأمم المتحدة، فيما يصر آخرون وبينهم حزب الله حليف النظام السوري المشارك في الحكومة والمتحالف مع التيار الوطني الحر (حزب رئيس الجمهورية ميشال عون)، على وجوب التنسيق مباشرة مع الحكومة السورية. ويمارس حزب الله ضغوطا شديدة على الحكومة التي هو شريك فيها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري من بوابة اللاجئين السوريين، في محاولة لكسر عزلة الرئيس السوري بشار الأسد. ويرى مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية ناصر ياسين أن هناك "خطابا عاما سلبيا تجاه السوريين في لبنان لعدة أسباب"، معددا التنافس على فرص العمل "التي هي قليلة أصلا" خصوصا في المناطق الفقيرة التي يلجأ اليها غالبية النازحين السوريين. ويضيف "الضغط الديموغرافي يولد ضغطا على البنى التحتية هذه هي الأسباب المنطقية، المجتمعات تعبت من العدد الكبير". ويشير أيضا إلى أن "السياسيين في لبنان يغذون خطاب الكراهية، خصوصا أن بعض السياسيين والأحزاب يستخدمون الموضوع السوري سلاحا للانتخابات المقبلة". وكتب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على تويتر قبل أيام "أمام المواطن السوري الشقيق طريق واحدة هي طريق العودة إلى وطنه" و"كل أجنبي قابع على أرضنا من غير إرادتنا هو محتل من أي جهة أتى".
مشاركة :