200 ألف دجّال على «فايسبوك» والملايين يصدّقون كذبهم ؟

  • 8/27/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

200 ألف دجّال على «فايسبوك» والملايين يصدّقون كذبهم ؟ 08-27-2014 10:57 AM الرأي(ضوء):صدق أو لا تصدق فهذه احدى الحقائق الصادمة. عشرات آلاف الدجالين أنشأوا آلاف الصفحات على موقع «فايسبوك» لترويج معلومات خاطئة ومغلوطة لتوجية الرأي العام أو بقصد استقطاب افتراضي لمتعاطفين حول قضية ما أو بقصد تقديم خدمة اخبارية مضامين أنبائها التي تعرض في صفحات مستقلة هي عبارة عن دجل في دجل أو أكاذيب مقصودة لترويج مؤامرة ما «سياسية او اجتماعية او ثقافية او حتى علمية». أناس كثيرون في العالم ومن بينهم نسبة كبيرة من العرب يستهلكون يوميا كماً هائلا من المعلومات تقدمها صفحات على «فايسبوك» ويتشاركها آلاف المستخدمين حتى تصل مضامينها إلى أكثر عدد ممكن من المستخدمين العرب لمواقع التواصل الاجتماعي. المستخدمون العرب لـ «فايسبوك» قد يستهلك الكثير منهم يوميا وفي كل لحظة لنظريات المؤامرة الكبرى، وقد يكون حسب تقارير أمنية تنفيذ هذه المؤامرة سهلا اليوم في ظروف كثرت فيها مشاكل المواطن العربي (اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفكريا) ما دفعه إلى اللجوء أكثر إلى متنفس افتراضي يستهلك فيه آلاف المعلومات يوميا بغرض ابتعاده عن واقع حقيقي متأزم، كما أن التواصل الطبيعي بين العرب قد تأثر كثيرا -تراجعا- بسبب الصراعات ودعوات الكراهية العرقية والطائفية التي تفشت في بعض المجتمعات العربية ما شجع الإقبال المتزايد على التواصل الافتراضي. الغايات كثيرة وقد يكون من بينها التنفيس عن الغضب أو الانضمام إلى مجموعات مختلفة الاهتمامات لتشارك المعلومات، وقد تمت ملاحظة زيادة سريعة لعدد صفحات المجموعات المنشأة في الفترة الأخيرة ما قد يدل على زيادة الانتماء الافتراضي إلى مجموعات من الأشخاص على أساس الانتماء السياسي والعرقي والديني والفكري والهوية وهذا ما يشجع الانقسامات بين مكونات المجتمعات العربية افتراضيا ما قد يعكس حقيقة واقع ظاهرة اجتماعية خطيرة. الا ان انتقال هذه الظاهرة افتراضيا على موقع «فايسبوك» تم قياسها من خلال مؤشر زيادة صفحات المجموعات والخدمات الاخبارية التي تنشر آلاف الأخبار والمعلومات بالاضافة إلى زيادة معدل تشارك المعلومات التي تتخذ من معاناة العالم العربي مادة دسمة لترويج افكار واخبار وحقائق ونظريات حتى تتناول اكثر من موضوع ومرتبطة في نسبة كبيرة منها بأزمات مندلعة في اكثر من بلد في الوقت نفسه (ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية وازمات ثقافية وازمة هوية خصوصا بين المواطنة والانتماء للوطن ام للقبيلة ام للطائفة). ومثلت هذه الأزمات ايضا مصدرا وفيرا لانتاج المعلومات واعادة انتاجها او تأويلها، ولأجل ذلك أنشأ مجهولون العديد من الصفحات التي تنشر الكثير من المعلومات والأخبار التي تبين أن نسبة كبيرة منها هي اشاعات ولا تمت للحقيقة بصلة، وانها محاولة لتأليب الرأي العام او استهداف فئة معينة. في تقرير لها على صحيفة «هافينغتون بوست» البريطاني ذكرت مديرة مؤسسة «إعلام بلا حدود» اللبنانية ماجدة أبو فاضل في بحث اكاديمي ان «العالم العربي زاد استهلاكه للإشاعات بشكل غير مسبوق ما قد يؤثر على المجتمعات العربية». وأضافت أبو فاضل «مستحيل اليوم التأكد في خضم آلاف المعلومات اليومية المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي التأكد من الخبر وصحة الفضائح والإشاعات والقصص المروجة يوميا. ولأجل ذلك أنشئت مؤسسة تدعى «ستوري فول» منذ خمس سنوات وأنفقت ملايين الدولارات لفحص والتحقق من كميات هائلة من المعلومات الواردة من جميع مصادر الإنترنت. الدراسة بنيت على مؤشرات مختلفة في مقدمها عدد الصفحات التي تروج اكاذيب على فايسبوك في العالم بأسره، والمؤشر الثاني عدد المستهلكين في العالم لهذه الأكاذيب والذين تشاركوا عن -غير علم- الصفحات التي تنشر معلومات غير مدققة ومصداقيتها ضعيفة جدا او مغلوطة. والمؤشر الثالث درجة خطر هذه المعلومات التي تؤثر على تفكير الانسان كما تؤثر ايضا على سلوكه الحياتي اليومي وقراراته وانطباعه ازاء الكثير من القضايا، حيث تبين ان مدى استهلاك المستخدمين العرب لـ «فايسبوك» في ازدياد مستمر وأن عدد الصفحات المتخصصة في نشر وتشارك أخبار في زيادة مستمرة هي أيضا وتقدم اخبارا في كل المجالات وليست حكرا على السياسية. وأخطر ما تمت ملاحظته تناول صفحات متخصصة تقديم أخبار عن طوائف معينة أو فئة معينة من مكونات المجتمعات العربية ما قد يثير مشاعر الكراهية ضد طوائف أخرى. والملاحظة الثانية تكمن في تناول صفحات متخصصة لأخبار طبية وعلمية غير مدققة ما قد يشكل خطرا على صحة المستخدم العربي اذا صدقها واعتمدها في سلوكه الحياتي اليومي. ويقاس مدى تصديق المستخدم لهذه الصفحات الناشرة للدجل والأخبار الكاذبة بمدى تشاركه للمعلومات المنشورة على مثل هذه الصفحات، حيث لاحظت مصادر متخصصة في التكنولوجيا والتحليل الأمني زيادة في استهلاك الإشاعات والأكاذيب ما قد يشير إلى استهلاك نظريات مؤامرة تروج لها جهات مجهولة للايقاع بالعرب في مستنقع الفتنة الكبرى والكراهية. ونشرت «مجلة التكنولوجيا» على موقعها «دجي تريب» تقريرا يشير إلى «انه على الأرجح ان المستخدم لـ «فايسبوك» مستهلك منتظم لنظريات المؤامرة»، وهذا الاستنتاج قد يؤخذ على محمل الجد حيث كشف سابقا تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في 2013 أن المعلومات الخاطئة على الإنترنت تمثل خطرا كبيرا على المجتمع الحديث وعواقبها اكثر من عواقب الفيروسات». وقد كثرت صفحات على «فايسبوك» حسب التقرير نفسه ينتحل فيها أصحابها صفات مختلفة لشخصيات كثيرة مثل تلك الصفحة التي انتحل فيها مجهولون صفة وزير الداخلية الروسي وأذاعوا على هذه الصفحة باسمه خبرا مفاده «أن الرئيس السوري بشار الأسد قد قتل أو أصيب». وقد تسببت هذه الاشاعة لوقت وجيز في رفع سعر النفط الخام إلى أكثر من دولار واحد قبل أن يكتشف التجار أن هذه الأنباء كاذبة. وفي قضية أخرى في عام 2012، فرَّ 30 ألف شخص من مدينة بنغالور الهندية بعد تلقي رسائل نصية على «فايسبوك» بأنهم سوف يتعرضون للهجوم». ومن الواضح أن الانتشار السريع للمعلومات في كثير من الأحيان لا علاقة له بتدقيق مدى صدقية الخبر كان صحيحا أم لا. عربيا نشرت صفحات كثيرة على «فايسبوك» أخبارا موثقة حتى بصور اتضح في ما بعد انها اشاعات ولعل اكثرها يتعلق بموت او انتحار فنانين مثل الفنان المغربي سعد المجرد او بأخبار تتعلق بشخصيات مثيرة للجدل مثل نبأ مقتل البغدادي او ابو عمر الشيشاني التي تناقلتها صفحات كثيرة على فايسبوك واتضح في ما بعد انها اكاذيب واشاعات، ويبدو ان الحرب النفسية التي يخوضها اطراف الصراعات في الوطن العربي لم تنحصر بينهم ولكن اشترك فيها مدنيون بتوظيف البعض لترويج اكاذيب واشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. الا أن خطر الاكاذيب يتجاوز فقط التشارك فيها أو الاطلاع عليها إلى حد تصديقها او التفاعل معها وعمل ردة فعل، كأن يتم الترويج لتصريحات كاذبة لشخصيات مختلفة تحرض على قتل طائفة معينة او تهدد قبيلة معينة او تتعرض إلى شخص معين وتهدد حياته وان صدقت هذه الطائفة او القبيلة او الشخص هذه التهديدات فقد تكون ردة فعل اما الهروب او الانتقام حتى لمجرد الاشاعة. انه القتل الافتراضي او الانتقام بطريقة غير مباشرة عبر نشر صور مفبركة لشخصيات محترمة بقصد الفضيحة ما قد يؤثر فعلا على الشخص المستهدف والى حين أن يثبت براءته يكون آلاف على «فايسبوك» صدقوا الاشاعة. الا ان هذه الاشكالية قديمة جديدة لكن المستجد فيها تفاقمها في هذه الفترة المحتقنة، وأصبح السؤال عمن يروج لهذه الأكاذيب؟ ذكر تقرير «مجلة التكنولوجيا» على موقعها «دجي تريب» أن « نظريات المؤامرة تنتشر من خلال شبكة الإنترنت وأن غالبية الناس لا تتعامل مع هذه الأفكار المروجة بالتدقيق من مصداقيتها». آلاف الصفحات منسوبة إلى شخصيات مرموقة في مجتمعاتها وينشر باسمها اخبار كثيرة، جزء كبير منها عبارة عن اكاذيب. وذكر التقرير أن هناك نحو 10 ملايين مستخدم «فايسبوك» في العالم تشاركوا أو أعجبوا أو زاروا صفحات على «فايسبوك» تروج لمعلومات وأفكار غير موثوقة تصل إلى درجة الدجل والأكاذيب. وان نحو 200 ألف صفحة على «فايسبوك» غير موثوقة المصدر والمضمون، وان نحو أكثر من 270 ألفاً تشاركوا 73 صفحة لأخبار علمية على «فايسبوك» اتضح في ما بعد انها اخبار غير موثوقة». بالنسبة للجزء الأكبر من مستهلكي الأخبار فإنهم يستهلكون الأخبار العلمية بالطريقة نفسها التي يستهلك فيها المستخدمون الأخبار السياسية المغلوطة والتي تروج لنظريات المؤامرة اي ان تدفع الكثير من الأشخاص إلى تبني افكار قد تكون تداعيتها كارثية على المجتمع وقيمة بل وحتى نظام حكمه. لكن أسئلة كثيرة تطرح. ففيما يستقي جيل بأسره من الشباب العرب قدرا كبيرا من ثقافته من افكار تروج على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ما الوسائل المتاحة للمستخدمين للتدقيق في صدقية هذه المعلومات؟ واذا تم التحقق في المعلومات وعرف صدقها من كذبها فهل هناك آلية لقياس صدقية الأفكار من كذبها؟، فالأفكار هي ايضا من جنس المعلومات لكنها معلومات قد يتبناها البعض اذا كانت خصوصاً مرجعياتها عقائدية وأيدلوجية. فمن يضمن نزاهة الأفكار المروجة على «فايسبوك»؟ حيث إن عددا كبيرا من الشواذ على سبيل المثال انشأوا لأنفسهم صفحات خاصة وما ينفكون يروجون لثقافتهم حتى في الدول العربية لإقناع الشباب بميولهم التي وان كانت خاطئة فقد يتبناها البعض. ولكن الأخطر ما تروج له صفحات على «فايسبوك» لأفكار عقائدية تجعل البعض يميل إلى التشدد؟ إلى ذلك فنسبة الصفحات المستقطبة والمحرضة على الكراهية والمنحازة وغير الموضوعية هي الأكثر زيارة على مواقع التواصل الاجتماعي كـ «فاييسبوك». في المقابل فإن نسبة صفحات الأخبار المعتدلة والموثوقة والمروجة للعلوم الصحيحة والثقافة المدققة فهي محدودة تعكس مؤسسات قليلة ومبادرات فردية من شخصيات محدودة عددا، إلا ان نظرية المؤامرة التي يروج لها أشخاص ومجموعات مجهولة هدفها الأسمى على ما يبدو تفكيك تركيبة المجتمعات في كل العالم بالتركيز أكثر على مسألة الانتماءات الضيقة في الأخبار المعروضة وفي صفحات المجموعات المتخصصة، وهذا اكبر خطر قد يقع فيه العرب اذا صدقوا اكاذيب دجالين غير معروفين ومجهولين ينتحلون شخصيات كثيرة وينشئون صفحات باسمها لترويج افكار مسمومة. 0 | 0 | 13

مشاركة :