عبد اللطيف الزبيدي ماذا تعني المصالحة الفلسطينية؟ وما هي آفاقها؟ حدث يحتاج إلى وضعه في الميزان. عند التحليل يجب التحلي بأقصى معايير الموضوعية. مبدئياً: الرجوع إلى الحق فضيلة، بالرغم من صعوبة معرفة الحق والفضيلة لدى المجتمع الدولي.ما الذي جعل قيادات القضية المركزية تنشطر إلى شظايا؟ لماذا لم يكن الاختلاف ديمقراطياً، بالتباين ضمن الوحدة، أو فيزيائياً، بكثرة المظاهر لوحدة البنية؟ من الضروري البحث عن الأيدي الخفية التي لعبت دور مقولة كيسنجر: «المال مفسدة النضال»، فضاع الحق وتبخر السعي إلى استرداد الحقوق السليبة. كانت الحصيلة نشوء طبقة تتعارض مصالحها مع صرامة القضية، التي باتت تجسيداً لانهيارات منظومة القيم العربية، وشلل الجامعة العربية.السؤال: هل القيادات في حاجة إلى بقاء القضيّة عربية؟ إذاً للعرب رأي. أمّا إذا أرادت القيادات الاستغناء، فإن القضيّة أكبر منهم. الأسوأ هو أن يسيروا على نهج الإدارة الفاشلة، التي تعهد إلى المتسببين في الإخفاق الذريع بأن يطوروا الأداء: وعود جديدة واجترار جديد، في المقابل تواصل البلدوزرات والاعتقالات والنسف والتجريف وبناء المستوطنات، عملها في نهش ما تبقى من بقايا القضية المركزية، حتى نسيها العرب بانشغالهم في نكبات العرب. ما لا تريد القيادات الفلسطينية إدراكه، هو أنها لم تعد صاحبة المقاليد، فهذه غدت في أيدي مراكز قوى عربية متعددة لها توجهات مختلفة، وبعضها في أيد غير عربية متباينة أيضاً من النقيض إلى النقيض، ما يكشف صراعات أخرى على المسرح وفي الكواليس الإقليمية والدولية.المصالحة شيء رائع طال انتظاره، إذا لم تكن بضاعة جذابة حسنة التغليف، من قبيل الحبل على الجرار، و«معسلاً» بنكهة فاكهة تسرّ الأنوف. يجب أن تفهم القيادات أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة اختبار، لم يعرفها من قبل، تتطلب وعياً وإحساساً بالمسؤولية بعيدين كلياً من الشعارات الممجوجة المعلوكة عبر العقود الماضية. بعبارة صريحة: ما يراد للقضية برمّتها هو تصفيتها نهائياً (الحل النهائي)، ما يعني أن المصالحة يجب أن تكون لمصلحة الحق الفلسطينيّ بمعزل عن الاستسلام للتجاذبات العربية وغيرها. سيكون العرب جادين حقيقة حين يرون أن الفلسطينيين القياديين لم يعودوا ربطات عنق أمام ميكروفونات تحيط بها الورود: «بكّير» على هذا الديكور. عليهم أن يضعوا الأهم في أدمغتهم: ماذا كان يحدث للعالم بأسره، لو كان لدى الفلسطينيين عشرة آلاف معتقل «إسرائيلي»؟ جرّبوا الجدّ قبل فوت الأوان، فإن الشخصيّة العربية في عنق القضيّة.لزوم ما يلزم: النتيجة البنائية: المصالحة أساس فماذا سيبنى عليها؟ لا تعودنّ حليمة إلى عادتها القديمة. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :