غالبية المهن يخضع شاغلوها لمعايير واشتراطات ومؤهلات خاصة، بعضها يستلزم اشتراطات أمنية.. وبعضها يمر طالب الوظيفة بفحوص طبية ومقابلات شخصية.. كل هذا كي تطمئن الجهة الراغبة في التوظيف أنها وضعت شخصا مناسبا في المكان الصحيح. من المهن بالغة الأهمية والحساسية مهنة السائق.. وعلى وجه التحديد سائق الحافلة المدرسية. وهذا الموظف شخص بالغ الأهمية.. قد لا يهتم له - ولا للمقال! - من لديه القدرة على الاستغناء عن هذه الحافلات، ومن لديه سائق خاص، ومن ليس لديه أطفال في سن صغيرة.. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لمضطر لا يملك من الدنيا سوى هذا الطفل الصغير، فيخاف عليه أن يموت دهسا تحت عجلات باص، يقوده شخص غير مؤهل! أمس بالمناسبة، وأثناء كتابة هذا المقال، أقرأ عنوانا صادما يقول: «إيقاف سائق حافلة مدرسية تحرّش بطالبة ابتدائي في جدة»! نحن اليوم بحاجة إلى إعادة اشتراطات هذه المهنة، وكتابة اشتراطاتها بلغة أشد صرامة.. قبل أيام شد انتباهي «باص مدرسي» يسير بسرعة عالية داخل حي سكني مكتظ بالسيارات والمشاة، في إحدى المحافظات، ليقف فجأة أمام مبنى مدرسي مستأجر، فنزل منه عدد من الطالبات في عمر الزهور! هذا الباص لو انحرف عن مساره، أو انقلب لكنا أمام حادث شنيع سيثير الرأي العام على وزارة التعليم. كنت قبل سنوات قد تساءلت: هل هناك لجنة في وزارة التعليم خاصة بالنقل المدرسي، وما هو عملها.. لكن يظهر أنني توجهت بمناشدتي إلى الجهة الخطأ.. وهو ما يدفعني إلى الاستعانة بمدير عام المرور الجديد لفتح ملف سائقي الحافلات المدرسية.. حتى لا نستيقظ يوما على كارثة أو فاجعة مرورية، يتسبب فيها سائق حافلة كل مؤهلاته أنه «عاطل وكان يبحث عن أي عمل»!
مشاركة :