الأمراض النفسية..أعراض وعلاجات مختلفة

  • 10/15/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يشيع استخدام كلمة هذا الشخص مصاب بمرض نفسي، وكثيراً ما نطلق على أحد الأصدقاء أنه يعاني حالة الاكتئاب ونخلط بين ظهور بعض الأعراض النفسية والإصابة بالمرض النفسي، ويتسع مفهوم ومصطلح الأمراض النفسية بشكل فضفاض، وتختلط الكثير من المفاهيم في هذه الاضطرابات النفسية، ولا نعرف بالتحديد من هو الشخص السليم نفسياً، كيف أحكم على هذا الشخص بأنه مريض أو سليم من الناحية النفسية؟ وهل يكون الشخص المصاب ببعض الاضطرابات النفسية غير طبيعي ولا يجب التعامل معه؟ وفي ظل التقدم التكنولوجي الهائل الذي نعيش فيه الآن في مختلف فروع العلم، جعل الفهم الدقيق والعلمي للأمراض النفسية يتطور بشكل غير مسبوق.استطاعت الأبحاث الجديدة معرفة الكثير من أسرار وأسباب الأمراض النفسية، نتيجة معرفة تفاصيل وظائف الدماغ التي ترتبط بالسلوك والأفكار المسيطرة على الشخص والوجدان، وفي هذا الموضوع سوف نتناول من هو الشخص المريض نفسيا؟ وكيف نصدر حكماً على الشخص بأنه سليم أو مضطرب نفسياً؟ ونخوض في بعض أسباب الإصابة بالأمراض النفسية وكيف تحدث بالتفاصيل وما دور الضغوط الحياتية المستمرة في حدوث هذه الأمراض.عرض وليس مرضاًيوجد فرق كبير بين ظهور بعض الأعراض النفسية والإصابة بالمرض النفسي، لأننا جميعاً نصاب بكثير من الأعراض النفسية خلال مسيرة الحياة اليومية، وليس معنى ذلك أننا مرضى نفسيون، فالبعض يصاب بعرض الحزن الشديد نتيجة فقدان شخص عزيز أو فشل في العلاقة العاطفية، وكذلك يصاب البعض بحالة من الكآبة لفترة بسبب عدم تحقيق الهدف من الامتحان أو السقوط في اختبار الوظيفة المهمة، أو سماع أخبار غير سارة، وهذه الأعراض السابقة تصيب الكثير من الأشخاص بشكل يومي، ولكن لم تصل إلى درجة المرض النفسي، لأن المرض النفسي يتطلب بعض الأعراض الأخرى، فمثلاً الاكتئاب يحتاج إلى عرض الكآبة وأعراض أخرى مثل فقدان بهجة الحياة وعدم الاستجابة لأي مؤثرات سعيدة كانت أم سيئة، وفقدان الرغبة في العمل والحركة والنشاط، والاستهانة بقيمة الأشياء وضعف التركيز وسيطرة بعض الأفكار السلبية على الدماغ، والرغبة في الموت والإحساس الدائم بالذنب، كما يمكن أن يحدث عرض جسماني مثل الصداع الحاد والمستمر، أما حالة الكآبة العابرة التي تمر بالشخص نتيجة بعض الأسباب ثم تختفي لا تعتبر مرضاً نفسياً، والحزن الذي يتملك الشخص فترة بعد مواقف مؤثرة وأخبار صادمة لا يعتبر مرضاً نفسياً.المعاناة لفترة زمنيةيتطلب أن نطلق كلمة مريض نفسي على شخص تتوافر لديه بعض المواصفات، منها أن تكون هناك مدة زمنية لحالة المعاناة النفسية من المشاكل التي يواجهها، وإذا ظهرت المعاناة من مشكلة لفترة زمنية مع بعض الأعراض الأخرى يصبح هذا الشخص مصاباً بالمرض النفسي، بمعنى استمرار معاناة الأعراض النفسية وقتاً طويلاً يجعل الطبيب يستطيع تشخيصها، فمثلاً أعراض مرض الاكتئاب تستمر لمدة تصل إلى 3 أسابيع على الأقل، كما أن من خصائص المرض النفسي فشل المريض في التعايش والتكيف مع الحياة، حيث تسيطر عليه الأعراض النفسية بشكل كبير، وتشغله عن الجو المحيط به وتسبب عدم القدرة على التكيف مع أنشطة الحياة اليومية، ويصبح المريض غير قادر على التفاعل الاجتماعي ولا يندمج في مكان العمل ويفضل الانزواء والانعزال بمفرده، ولا يستطيع مواجهة المواقف الحياتية اليومية، فعل سبيل المثال الحزن على فقدان شخص عزيز لا يمنع من الذهاب للعمل، واستمرار أنشطة الحياة للمقربين من هذا الشخص، ولكن إذا تحول الأمر إلى حزن شديد وعدم الرغبة في تأدية الأنشطة اليومية مثل العمل، والرغبة في الابتعاد عن الآخرين وإصابة الشخص بحالة سرحان وتشتت وعدم القدرة على التركيز، يتحول هنا الحزن إلى مرض نفسي يحتاج إلى علاج للخروج من هذه الحالة.المصاب والسليميمكن تحديد الشخص المصاب بالمرض النفسي من عدة أشياء، وهي وجود حالة معاناة صدمة أو فشل أو أخبار غير سارة، وتستمر هذه المعاناة فترة زمنية مع مصاحبة ذلك لبعض الأعراض النفسية الأخرى، بالإضافة إلى فقدان قدرة الشخص على التكيف مع الحياة، وبذلك يمكن أن نطلق على هذا الشخص مصاب بمرض نفسي دون تردد، أما الشخص الصحيح أو السليم نفسياً فهو الذي يستطيع أن يعيش دون قلق أو خوف من مجهول، وهو القادر على التكيف دائماً مع الظروف والأوضاع والأعراض التي تصيبه، وكذلك متوافق مع نفسه ومجتمعه وثقافته، وقادر على تحمل مسؤولية سلوكياته في الحياة، ويواجه الظروف بحلوها مرها ويتحكم في حياته الداخلية والخارجية، وهذه الأوصاف لا يمكن أن نتحلى بها طوال الوقت، لأننا معرضون لبعض الكبوات والتأثيرات لأن الشخص السليم هو السوي طوال الوقت ويعاني أيضاً ولكن فترة بسيطة من الوقت، وسرعان ما يتجاوز أحزانه ومعاناته ويعود للحياة، أما المريض نفسياً فهو الشخص الذي يعاني في معظم الأوقات الأعراض النفسية، ومن الضروري معرفة هذا الشخص والتعامل معه على أساس هذا المرض، ومحاولة التعايش معه وتفهم حالته وعدم القسوة عليه.خلل وظيفييوجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية، واستطاع التقدم الطبي المذهل في مجال الأمراض النفسية أن يكشف لنا التفاصيل والأسباب الدقيقة للإصابة بالأمراض النفسية، مثلما حدث في مجال الطب البدني، وانتقل الطب الحديث من مرحلة الوصف المستمر للأعراض والتعمق في تقسيم الأمراض النفسية إلى الخوض في تفاصيل ما يحدث داخل المخ، ومعرفة وظائف الدماغ التي تتعلق بالسلوكيات والأفكار والأسباب الدقيقة للمرض النفسي، والأجهزة الحديثة استطاعت تصوير أنشطة المخ، وساهمت في توضيح غالبية الاتصالات بين المراكز المختلفة في الدماغ، وطرق السيطرة والتحكم في السلوك والأفكار والوجدان، فمن المعروف علمياً أن الدماغ هو العضو المسؤول عن التحكم والتنظيم والإدارة للسلوكيات الصادرة عن الشخص بكافة اختلافاتها والوجدان الداخلي وتغلغل الأفكار وترسخها في الدماغ، وأي اضطراب في الدماغ يخل بهذه الإدارة المتكاملة في عمل المخ، وتظهر أعراض نفسية لأن الدماغ هو المسؤول عن حالة الصحة النفسية للشخص، ويمكن أن يحدث اضطراب في الدماغ لعدة أسباب، منها حدوث مشاكل في وظائف خلايا الدماغ والمراكز المسؤولة عن الأفكار أو السلوك أو الوجدان، حيث كشفت دراسة سابقة أن أي تغير سواء بالنقص أو الزيادة في المواد الكيميائية الموجودة بالدماغ، هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية، ولاحظت الدراسة أن زيادة الدوبامين في الدماغ يرتبط بظهور أعراض مرض الذهان والفصام أيضاً، ونقص هذه المادة مع مواد أخرى يرتبط بالإصابة بمرض الاكتئاب والخوف والقلق.السكري والغدديمكن أن يصاب الشخص بالأمراض النفسية نتيجة الاضطرابات الناجمة عن حدوث خلل في التوصيلات العصبية داخل مراكز الدماغ المسؤولة عن السلوكيات والأفكار، ويحدث ذلك في حالة الإصابة بمرض التوحد وفرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال، وكذلك في حالة الإصابة بمرض الفصام، وتحدث اضطرابات في الدماغ أيضاً عندما تتأثر خلايا المخ نتيجة مشكلة في أعضاء أخرى داخل الجسم، فغالباً الأشخاص الذين يعانون مشاكل وأمراض القلب والأوعية الدموية يتعرضون إلى الإصابة ببعض الجلطات التي تصيب الدماغ، وعند حدوث جلطة بالدماغ يصاب المخ باضطرابات في وظائفه، تتحدد حسب الجزء الذي أصابته الجلطة، ومدى تأثيرها السلبي في خلايا المخ، وطبيعي أن يؤدي ذلك إلى أحد الأمراض النفسية نتيجة خلل وظائف الدماغ، ويمكن أن يحدث اضطراب في خلايا الدماغ تسبب خللاً في عمل النظام الكهربائي الطبيعي الموجود بالدماغ، وبعض الأشخاص الذين يعانون أمراضاً عضوية مزمنة، مثل مرض السكري والغدة الدرقية والنخامية والروماتيزم، غالباً ما يتعرضون لبعض الاضطرابات النفسية، بسبب تأثير هذه الأمراض في خلايا الدماغ وحدوث نوع من اضطراب عمل المخ، مما يؤدي إلى إصابة هؤلاء بمرض الفصام والذهان والاكتئاب الشديد.عوامل وراثية تشير دراسة حديثة إلى أن الأمراض النفسية لها أسباب وراثية مثل بعض الأمراض العضوية، حيث ترتفع فرص واحتمالات الإصابة بالأمراض النفسية في حالة زواج الأقارب المرضى، ويصيب المرض النفسي الأبناء بشكل أشد كما أن تأثير العوامل الوراثية في الأمراض الوراثية ليس حتمياً، ولكن هناك احتمالات لتوريث الأمراض النفسية، فيمكن أن يصاب أحد الأبناء بالمرض النفسي نتيجة إصابة والده، وأيضا يمكن ألا يصاب ولكن احتمال التوريث موجود، وتوضح الدراسة أن نسب الإصابة بالاضطرابات النفسية ثابتة إلى حد ما، رغم أن وجود العامل الوراثي حاضر في هذه الأمراض، بما يعني أن الجانب الوراثي يمكن التغاضي عنه واعتباره غير حتمي الحدوث، وتوضح الدراسة أنه لا يمكن اعتبار كل المرضى النفسيين غير طبيعيين أو غير مقبولين بشكل مطلق، فبعض المرضى النفسيين يعانون حالة قلق أوتوتر زائد من مشكلة معينة، أما سلوكياته وتعامله في جوانب ومواضيع أخرى يصبح طبيعياً ويتحلى بالحكمة والإقدام ويتجنب حالة الخوف من المجهول التي تصيبه في المشكلة التي يعانيها.

مشاركة :