يصاب بعض الأشخاص بمشكلة التهاب الغدد العرقية، وهو مرض جلدي يسبب حدوث بعض الأورام ككتل صغيرة تسبب ألماً حاداً أسفل الجلد، وتتفاقم مع الاحتكاك المستمر، ومن كثرة الاحتكاك يمكن أن تنفجر بعض هذه الالتهابات مسببة انبعاث صديد وروائح غير مرغوبة، وتحدث فراغاً وأنفاقاً أسفل الجلد، وهناك نوع من التهابات هذه الغدد يسمى التهاب الغدد العرقية القيحي، وغالباً ما يصاحب مرحلة البلوغ وما بعدها، ويمتد لعدة سنوات مع تطور سلبي وشكل مقزز وتأثير مضر على أنشطة الحياة اليومية، ويمكن للكشف المبكر عن هذا الالتهاب أن يساعد بشكل كبير على عملية العلاج والتحكم في الأعراض والتفاقم، والوقاية من تشكل كتل والتهابات جديدة في أماكن أخرى أسفل الجلد، ومنع ظهور الندب وحماية الشخص من الإصابة بحالة من الاكتئاب.يعد التهاب الغدد العرقية من الأمراض المزمنة، ويهاجم خلايا البشرة الجريبية، التي توجد في الغدد العرقية المسؤولة عن إفراز العرق، ويمكن لهذه المشكلة أن تصيب جزءاً واحداً في الجسم أو أكثر من مكان، وغالباً ما تتواجد هذه الأنواع من الالتهابات أسفل الإبطين، وبين الأرداف، وفي الفخذين، وبين ثنايا الجلد، وفي بعض الأحيان تتحول إلى التهاب قيحي نتيجة مهاجمة بعض الجراثيم والميكروبات، وتسبب الشعور بالألم المزمن مع حدوث التهابات أعمق في طبقات الجلد، وفي هذا الموضوع سوف نتناول هذه المشكلة المرضية، والأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بها، مع توضيح الأعراض والعلامات الدالة عليها، وطرح الكثير من طرق الوقاية والعلاج سواء كانت من الناحية الطبيعية أو في الجانب الطبي.الوراثة والبيئةيوجد الكثير من الاحتمالات لإصابة الأشخاص بمشكلة التهاب الغدد العرقية في مرحلة البلوغ، وهـــذا المرض يصيب الرجال والنساء؛ لكنه أكثر شيوعاً بين السيدات، وهناك قطـــاع كــــبير مــــن المصابين بمرض حب الشباب أكثر تعـــرضاً للإصابة بهذه المــــشكلة المرضية، والجدير بالذكر أنه لا يوجد سبب قاطع للإصابة بهذا المرض، ولكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تكون محفزة على حدوث التهابات الغدد العرقية، ومنها العوامل الوراثية التي تسبب انتقال المرض بين الأفراد الذين لهم تاريخ من الإصابة بين أحد أفراد العائلة، وأيضاً من العوامل إصابة الغدد العرقية ببعض الجراثيم التي تعمل على انسداد مجاري الغدد العرقية.ما يؤدي إلى حدوث التهابات وتورم، ويمكن للعوامل البيئية أن تكون أحد المسببات من خلال الرطوبة والحرارة والتعرق والملوثات، ويمكن أن تصاب بعض السيدات بهذه المشكلة أثناء فترات الحمل، وفي أيام الدورة الشهرية؛ نتيجة حدوث بعض التغيرات الهرمونية في هذه الفترات، كما أن الأشخاص الذين يتعرضون لحـــالة التعــــرق المستمرة والزائدة يصابون بهذه المشكلة، وبعض مشاكل وأمراض الجلد تسبب التهاب الغدد العرقية، ويمكن لأنواع معينة من الملابس مع الاحتكاك أن تقود إلى هذه المشكلة، ومرض التهاب الأمعاء المزمن يؤدي إلى ظهور هذه الالتهابات، وكذلك زيادة الوزن أحد العوامل المحفزة على ظهور هذه المشكلة، وبعض الأدوية مثل عقاقير منع الحمل وغيرها.التدخين والأمراضيحدث التهابات الغدد العرقية أيضاً؛ نتيجة الانسدادات التي تحدث من خلال بصيلات الشعر في البشرة، وسبب ذلك الانسداد غير معروف حتى الآن، كما أن الاضطراب نتيجة الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي له دور في هذه المشكلة، كما أن استجابات الجهاز المناعي غير الطبيعية والعشوائية تحفز على ظهور هذه المشكلة، ومن العوامل أيضاً ظاهرة التدخين المستمر؛ حيث توجد علاقة بين المواد التي تصدر عن التبغ، وهذه الالتهابات، ويمكن أن يعتقد بعضهم أن هذا المرض يمكن أن ينجم عن قلة النظافة وعدم العناية بالبشرة، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ؛ لأن المشكلة تصيب الكثير من الأشخاص الذين يتميزون بقدر عال من النظافة، كما أن هذا المرض ليس من الأمراض المعدية، ولا ينتقل عبر الفيروسات ولا البكتيريا، ولا من الاختلاط بالأشخاص المصابين بهذه المشكلة، ومن العوامل التي تزيد من الإصابة بهذا الالتهاب السن؛ حيث تشيع هذه المشكلة في فترة العمر التي تتراوح بين 19 إلى 30 عاماً، أما إذا ظهرت في عمر أقل من ذلك فتكون نتيجة بعض الأمراض الأخرى، والنساء أكثر عرضة لهذه المشكلة من الرجال، ويمكن أن تكون هذه الالتهابات متزامنة مع أمراض أخرى مثل مشكلة حب الشباب ومرض السمنة ومرض كرون، كما أن الإجهاد الزائد والمستمر أحد مسببات هذه المشكلة.ألم وحكةتظهر مجموعة من الأعراض نتيجة الإصابة بمرض التهاب الغدد العرقية، ومنها الإحساس بألم مزمن في المنطقة المصابة بهذه الالتهابات، والشعور بحكة شديدة في البشرة، وتظهر بعض الرؤوس السوداء في صورة أزواج وهي ناتجة عن انسداد القنوات العرقية، وظهور كتل تميل إلى الاحمرار أسفل الجلد في المناطق المصابة، كما يظهر عدد من البثور الحمراء التي تكبر مع الوقت وتنفجر، ويخرج منها الصديد والتقيحات صاحبة الرائحة الكريهة، وتتطور الكتل الموجودة تحت الجلد وتنمو لتصبح بحجم حبة العنب الصغيرة، وتمتد بهذا الشكل لعدة سنوات في حالة التهاب وألم، وبعض هذه الالتهابات تتطور إلى درجة الخراج الذي يخرج منه بعض الدماء، ومع الزمن ترتبط هذه الكتل المتورمة تحت الجلد وتشكل شبه الأنفاق أسفل الجلد، ومن السهل أن تكون مملوءة بالصديد والتقيحات، ويمكن أن تستمر هذه الأعراض لعدة أسابيع أو سنوات، ويتطور ويتفاقم لدى بعضهم وينتشر في أماكن مختلفة من الجسم، وفي بعض الحالات يكون في مكان واحد وأعراضه بسيطة، ودرجة الحكة والألم تختلف من شخص لآخر حسب شدة الالتهابات وتمكن المرض، ويمكن أن تستمر هذه المشكلة من عمر البلوغ إلى أن يصل الشخص إلى 42 عاماً، ومن الملاحظ أن أعراض هذا المرض تنخفض بدرجة كبيرة لدى السيدات بعد الوصول إلى سن انقطاع الدورة الشهرية.سرطان الجلديجب الذهاب المبكر إلى الطبيب في حالة ظهور أي من الأعراض السابقة لمرض التهاب الغدة العرقية؛ لأن ذلك يساهم بشكل كبير في التخفيف من أعراض هذه المشكلة، ويحد من انتشارها وتكون كتلاً ملتهبة أخرى، كما يساهم الكشف المبكر في الحصول على أدوية فاعلة بدرجة جيدة، ويجب الذهاب للطبيب في حالة الإحساس بالألم الحاد والمستمر إذا بلغ من أسبوعين إلى ثلاثة، ولم يطرأ عليه أي تحسن، وكذلك إذا عادت الأعراض للظهور بعد أسابيع من علاجها، وفي حالة ظهور هذه الالتهابات والكتل تحت الجلد في أماكن كثيرة من الجسم، ويمكن أن يعود المرض مرة أخرى بعد العلاج فهذا من الأشياء المتوقعة.ومن مضاعفات هذه المشكلة المرضية الإصابة بحالة الجلد المجهد وظهور بقع قاتمة في أماكن الإصابة، يمكن للشخص أن يصاب بحالة من الاكتئاب المستمر والانعزال، خوفاً من رائحة الصديد السيئة والألم المستمر، كما تقيد هذه الالتهابات الحركة بشكل ملحوظ في حالة إصابة الفخذين وتحت الإبطين، وتتضرر العقد الليمفاوية بصورة كبيرة؛ لأن غالبية أماكن الإصابة بهذه المشكلة هي نفس مناطق الغدد الليمفاوية، بما يؤدي إلى اضطراب في آلية صرف العقد الليمفاوية وحدوث تورمات في الذراع والساق، وفي بعض الحالات تتفاقم هذه الالتهابات وتصل إلى الإصابة بخطر سرطان الخلايا الحرشفية في طبقات الجلد المصابة، وبالنسبة للعلاج لا يتوفر حتى الآن علاج لهذا المرض؛ لكن هذه الأدوية لتخفيف الأعراض والوقاية من المضاعفات، ومنها مضادات الالتهابات الستيرويدية، مع العلاج الهرموني تكون الفاعلية أقوى، مع بعض مسكنات الألم، كما يمكن إجراء بعض أنواع من الجراحات لاستئصال الأنسجة المصابة.نمط الغذاء تشير دراسة حديثة إلى أن هناك ارتباطاً بين النظام الغذائي وبين انخفاض ظهور أعراض مشكلة التهاب الغدد العرقية، ففي هذه الدراسة التي تمت على عدد وصل إلى 550 شخصاً متطوعاً من المصابين بمشكلة التهاب الغدد العرقية في مناطق مختلفة، تبين أنه بعد فترة من تغيير النظام الغذائي لدى هؤلاء المتطوعين من خلال امتناعهم عن تناول منتجات الألبان عموماً، والسكريات المعالجة صناعياً، وكذلك الدقيق المضاف إليه بعض المحسنات، كانت النتيجة انخفاضاً كبيراً في أعراض هذه المشكلة المؤلمة لدى نحو 85% من هؤلاء المتطوعين، وكشفت دراسة أخرى أن 15 شخصاً ممن يعانون مشكلة التهابات الغدد العرقية، عندما امتنعوا عن تناول خميرة البيرة، أو القمح، والمشروبات التي تحتوي على نسب من البيرة، وبعد مدة وجيزة، تحسنت الأعراض لديهم بصورة كبيرة، وبعد مرور 12 شهراً على ذلك الأسلوب بدأ معظمهم بالتعافي بدرجة جيدة من الأعراض المزمنة، وبينت دراسة أجريت على بعض المدخنين الذين يعانون مشكلة التهاب الغدد العرقية، أن كل وسائل تعاطي التبغ سواء عبر السجائر، أو النرجيلة، أو أي طرق أخرى، سواء كان تدخيناً سلبياً أيضاً، تؤدي إلى تفاقم المرض وتجعل التهابات هذه الغدد أشد قسوة، وأسوأ من الآخرين الذين لا يدخنون.
مشاركة :