طالب الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، قادة التأثير العالمي، بالتركيز على نشر الوعي من المخاطر المحدقة اليوم، ومن أخطرها التطرف الإرهابي الذي أصبح مخترقاً لجميع دول العالم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وظاهرة الإسلاموفوبيا التي استغلها الفكر الإرهابي عبر توظيف ردة فعل العاطفة الدينية المجردة لدى الشباب.وأضاف الأمين العام للرابطة: «لذلك ينشط التطرف من حين لآخر متى أُتيحت له هذه الفرص التي استطاع من خلالها اقتناص المزيد من الأتباع، ساعده على ذلك سرعة إيصال المعلومة وضعف الوعي لدى شريحة من المستهدفين»، وذلك في كلمة له بعد افتتاحه مع وزير الداخلية والقانون السنغافوري شانمو جام، المنتدى العالمي لرؤساء المراكز الثقافية، الذي تنظمه جمعية الدعوة السنغافورية بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو».وأشار الدكتور العيسى إلى أن رابطة العالم الإسلامي باعتبارها منظمة شعبية عالمية جامعة، لها مساعيها الحثيثة في نشر ثقافة التسامح من خلال ما تملكه من أدوات ووسائل، سخّرت جميع إمكاناتها لبناء جسور التواصل المثمر والانفتاح الفاعل، وأسهمت ودعمت مبادرة التواصل الحضاري الذي لا ينبثق إلا عن روح التسامح، كما حاربت كل التصوّرات المتطرفة التي تنسف أسس التعايش. مشيراً إلى أن الرابطة تعمل مع شركائها على بناء مجتمعات متعايشة تربطها قيم التعاون والتسامح.وأكد أن رابطة العالم الإسلامي تستشعر، باسم الشعوب الإسلامية المنضوية تحتها، مسؤوليتها في دعم مسيرة السلام العالمي، وترسيخ قيم التعايش الإنساني، من خلال مشروعاتها حول العالم ومشاركاتها مع المؤسسات الحليفة والصديقة الإسلامية وغير الإسلامية في تحقيق هذا الهدف والأمل العالمي الكبير.وقال العيسى: «إن مفهوم السلام يتفق عليه الجميع، لكن هناك تفاوتاً كبيراً في استيعابه ينعكس على نموذج تطبيقه، يتخلل ذلك تسلل المصالح القاصرة والإقصائيات الضيقة التي تعتبر السبب الرئيس في إعاقة متطلب العدالة الإنسانية والسلام العالمي، ولقيمته العليا وضرورته الإنسانية فقد استحوذ على اهتمام شعوب العالم بأسره شرقاً وغرباً، وعلى مختلف الصعد، نظراً إلى ما ينبني عليه من قيمة فردية وجماعية، حيث اعتنت مختلف دساتير الدول، والاتفاقات الدولية، بتحقيق مفهوم السلام العالمي وإرساء دعائمه، ونشر ثقافته في حقل صياغة الوعي الإنساني والتزود المعرفي والعمل السياسي، وعموم التدابير المادية المعيشية، حتى بات الحلمَ الإنساني المنشود».وشدد العيسى على تبني الرابطة، وفق رؤيتها المتجددة، برامج توجيه الوعي الإنساني نحو المزيد من التفاهم، وبناء مجتمعات بشرية متعايشة، تربطها قيم التعاون والتسامح، وتجمعها روابط التواصل الحضاري، التي من خلالها تتمكن الأسرة الإنسانية الواحدة من تجاوز عقبات أعداء التعايش والتواصل بين أتباع الحضارات والثقافات والأديان، عبر تعزيز ثقافة التواصل والسلام.وأشاد الأمين العام، في اللقاء الذي تنظمه مؤسستان عريقتان، بإرساء معايير الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش، ونشر ذلك حول العالم، معبراً عن سعادته، باسم رابطة العالم الإسلامي، بزيارة سنغافورة ومجتمعها الذي ضرب الأنموذج المتميز في التعايش والتسامح والوئام المجتمعي، وشكّل بتنوعه وتعدده نموذجاً عالمياً يُحتذى به، معرباً عن أمله أن يحقق المنتدى الآمال المرجوة.إلى ذلك، اتفق وزير الداخلية والقانون السنغافوري في كلمته بالمنتدى، مع الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، على خطورة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الدول غير الإسلامية، متمنياً بذل المزيد من الجهود لمحاربة هذه الظاهرة، مبيناً أن الحكومة السنغافورية تعمل جاهدة على محاربتها والتصدي لمروّجيها، مشيراً إلى قيام الحكومة بتوعية غير المسلمين من مخاطرها.وأثنى على تنظيم مثل هذه الفعاليات في جميع دول العالم، والتي تساعد بدورها على الاندماج والتعايش السلمي، كما أوضح أن القانون السنغافوري يحفظ للمجتمع حرياته الدينية التي تضمن له ممارسات شعائره الدينية.من جانبه، بيّن الدكتور حسبي أبو بكر رئيس جمعية الدعوة السنغافورية، أن المنتدى الأول حقق نجاحاً أثمر عنه تنظيم المنتدى الثاني في سنغافورة وبالتعاون مع الجمعية التي كانت من خلال منهجها الوسطي والمعتدل عند ثقة المسؤولين في الحكومة السنغافورية والجالية المسلمة فيها، متمنياً المزيد من التعاون مع رابطة العالم الإسلامي من منطلق تمثيلها الشعوب والأقليات المسلمة في جميع دول العالم، وتوليها زمام دعم مبادرات التواصل والتعايش الحضاري بين الشعوب.بدوره أثنى الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام لمنظمة «الإيسيسكو» على الجهود التي بذلتها جمعية الدعوة في سنغافورة في تنظيم هذا المنتدى، مبيناً أن الشعب السنغافوري شعب يُقتدى به وهو أنموذج للتعايش السلمي، كما أشاد بجهود رابطة العالم الإسلامي في دعم مسيرة السلام والتعايش السلمي بين الشعوب.يذكر أن المنتدى الذي تستضيفه سنغافورة لمدة يومين يبحث «دور المنظمات غير الحكومية في تعزيز ثقافة السلام... التحديات والآفاق» بحضور العديد من رؤساء المنظمات الإسلامية وغير الإسلامية والمراكز الثقافية، إضافة إلى نخبة من الأكاديميين والباحثين وقادة العمل الديني والسياسي والاجتماعي من مختلف دول العالم.
مشاركة :