المخاوف من تنامي قوة أحزاب اليمين المتشدد في إسبانيا تتزايد خاصة بعد محاولاتها استغلال الأزمة الكاتالونية لاستعادة نفوذها في البلاد عن طريق المسيرات.العرب [نُشر في 2017/10/16، العدد: 10783، ص(7)]عدوى الانغلاق والتعصب تطال شوارع إسبانيا برشلونة (إسبانيا) - باتت مشاهد تواجد مجموعات من اليمين المتشدد في الشارع الإسباني مألوفة أكثر منذ ارتفاع منسوب التوتر الناجم عن محاولات انفصال إقليم كاتالونيا، الأمر الذي يثير مخاوف من إمكانية تنامي قوتها من خلال استغلال الأزمة الكاتالونية لاستعادة نفوذها. وفي وسط برشلونة شاركت الخميس مجموعات تنتمي إلى كل من حركة هوغار سوسيال المعادية للأجانب وحزب فوكس اليميني المتشدد ومجموعة إسبانيا 2000 القومية المتشددة، في مسيرة إلى جانب عشرات الآلاف من العائلات والمتقاعدين بمناسبة العيد الوطني الإسباني. وليس بعيدا عن تلة مونجويك في برشلونة، احتشد عدة مئات من أنصار اليمين المتشدد، حيث ألقوا خطابات حماسية واقفين قرب كشك يبيع تذكارات مثل وصية أدولف هتلر السياسية أو بضائع عليها شعار وحدات “إس إس”؛ الشرطة السرية التابعة للحزب النازي الألماني. واحتشدت مجموعات صغيرة من أنصار اليمين المتشدد في مناسبات أخرى في برشلونة أو في فالنسيا وجزر البليار، وهي أجزاء من إسبانيا المتمسكة بشدة بهوياتها الإقليمية، ما تسبب في وقوع ملاسنات وحالات احتقان. ورغم أن وقوع حوادث من هذا النوع ليس بأمر جديد، إلا أن البعض يخشى من أن تزداد قوة اليمين المتشدد في حال استمر الخلاف بين حكومة إسبانيا المركزية وقادة كاتالونيا الداعين إلى استقلال إقليمهم. ويرى المحلل السياسي بابلو سيمون أنه “كلما طال أمد حالة الاستقطاب في إسبانيا وأصبح حل النزاع أمرا أكثر صعوبة، كلما ازداد احتمال تنظيم هذه المجموعات لأنفسها وكسب النفوذ السياسي أو النزول إلى الشوارع”. وأضاف “لم تكن هناك قط في الماضي تظاهرات بهذا الحجم بالأعلام الإسبانية، وهذا ما تستغله هذه المجموعات لتزداد جرأتها وتتوسع. لقد باتت أكثر حضورا”. ولكن المؤرخ خافييه كاسالس، المتخصص في شؤون اليمين المتشدد، يصر على “عدم وجود أي حزب سياسي يمتلك شعارا قويا بما فيه الكفاية ليمكّنه من الاستفادة من الأزمة الكاتالونية”.بعكس دول أوروبية أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا، فإن اليمين المتشدد في إسبانيا على الهامش ويعيش تشرذما بشكل هائل منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي إلا أنه يشير إلى صعوبة التنبّؤ بما يمكن أن يحصل، حيث أن “الوضع في كاتالونيا يتطور بشكل سريع مع وجود سيناريوهات متغيّرة يصعب توقعها”. وبعكس دول أوروبية أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا، فإن اليمين المتشدد في إسبانيا على الهامش ويعيش “تشرذما بشكل هائل منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي”، بحسب المصور الصحافي خوردي بوراس الذي تابع الملف منذ مدة طويلة. ولم يدخل برلمان البلاد أي مرشح من اليمين المتشدد منذ العام 1982. وبعد تحول إسبانيا إلى الديمقراطية في السبعينات، وجد اليمين المتشدد نفسه غير قادر على زيادة تأثيره إلى أبعد من التغني بالحنين لدكتاتورية فرانشيسكو فرانكو الذي حكم بين عامي 1939 و1975، كما يقول بوراس. ويضيف “العديد من الأشخاص الذين يعتبرون مع اليمين المتشدد يصوتون لصالح الحزب الشعبي المحافظ الذي يحكم حاليا”. فيما تجمع مسائل مثل الهجرة ومعاداة الإسلام اليمين المتشدد في دول أخرى، حيث “تشكل حركة استقلال كاتالونيا حافزا لليمين المتطرف في إسبانيا، كون هاجسه الرئيسي يكمن في ضمان وحدة إسبانبا”، وفقا لبوراس. ويوم الخميس في برشلونة أشار زعيم حزب فالانج اليميني المتشدد مانويل اندرينو في خطاب غلبت عليه نبرة الغضب إلى أن “مدريد ستستضيف العرض العسكري التقليدي بمناسبة اليوم الوطني”. وقال “لا أظن أن هناك أي عرض علينا الاحتفال به، وخاصة ليس في مدريد. على جيشنا أن يكون هنا الآن مع مواطنينا”. ويقول الباحث الاجتماعي ناركيزو ميكافيلا إنه فيما تظهر استطلاعات الرأي “تنامي أحزاب مثل فوكس إلا أنها لا تزال بعيدة عن الدعم المطلوب”. ولكن قادة كاتالونيا القوميين نشروا “فكرة معاداة أقرانهم الإسبان،” على حد تعبيره، حيث روجوا لفكرة “إسبانيا تنهبنا”، في إشارة إلى اتهامات برشلونة المتكررة لمدريد بأنها تدفع ضرائب للحكومة المركزية فيما لا تحصل في المقابل على الكثير منها. ويرى ميكافيلا أن ذلك “ساهم في رد اليمين المتشدد على الأزمة الكاتالونية في فترة ارتفع فيها منسوب التوتر السياسي”. ويقول “في نهاية المطاف، المتطرفون يحتاجون إلى بعضهم البعض”، مضيفا “إنهم يعيشون على هذه الراديكالية والمواجهة”. ويحذر بوراس من أن “الأمور ستشهد المزيد من التصعيد”. ويطالب الاستقلاليون الكاتالونيون بالانفصال استنادا إلى نتائج استفتاء تقرير المصير الذي نظم في الأول من أكتوبر الجاري رغم أن مدريد حظرته، ويؤكدون أنه فاز بـ90 بالمئة من الأصوات مع نسبة مشاركة بلغت 43 بالمئة.
مشاركة :